فلسفة التداول في أوقات الأزمات وكيفية تحقيق الثروات.

فلسفة التداول في أوقات الأزمات وكيفية تحقيق الثروات.

الاستثمار والتداول في الأسواق المالية يُفرق بينهم بأن لكل منهما اطار زمني مختلف عن الاخر فالتداول هو الاستثمار على المدى القصير كما نعرف ولكن يجب في الحالتين دراسة معطيات السوق بشكل جيد حتى تستطيع تحقيق أرباح من الأسواق، في الفترة الأخيرة كانت الأسواق غير مستقرة ولكنها أيضاً كانت فرصة جيدة لكثير من المستثمرين والمتداولين لتحقيق أرباح كبيرة، في كل الأسواق المالية توجد فرص جيدة، منها فرص بيع لمنتجات مالية وصلت لمراحل سعرية مرتفعة جداً ومنها فرص شراء أيضاً بعد أن وصلت أسعار الأسواق الى مستويات سعرية لا تستطيع الهبوط اسفلها كما حدث مع سوق الأسهم والمؤشرات الأمريكية.

كل ما كان عليك ان تعرف ماذا يحدث وبالتالي كنت ستحقق أرباح كبيرة جداً في الأسواق في العامين الماضيين، فمثلا شراء الذهب العام الماضي كانت فرصة استثمارية كبيرة جداً حيث حقق الذهب ما يزيد على 24% منذ العام الماضي الى الأن، أيضاً الفضة ارتفعت بنسبة 124% تقريباً، في عام 2021 هبطت البيتكوين بنسبة 77% تقريباً وكانت فرصة استثمارية جيدة جداً، وارتفعت أسعار البترول بقوة خلال هذه الفترة أيضاً قبل أن تهبط بقوة العام الماضي، كل هذه كانت فرص استثمارية جيدة كان لابد متابعة الأسواق والاستفادة منها، ولم يكن من المفترض ابداً أن تاخذ كل هذه الفرص، ولكن يكفي فرصة أو اثنان فقط لتحقيق أرباح طائلة من الأسواق.

فن التحضير للفرصة الاستثمارية.

كل مستثمر يركز فقط على الفرصة الأفضل من وجهة نظره، فهناك من يركز مع سوق الأسهم للأستفادة من هبوطه لكي يستطيع شراء بعض الأسهم التي يراها جيدة بعد ان تصل اسعارها الى مستويات جيدة، وهي طريقة الاستثمار الأشهر في سوق الأسهم، وهناك من ينتظر الى أن تصل أسعار الأسهم الى مستويات سعرية مرتفعة جداً ليضارب على هبوطها محققاً أرباح من هذا الهبوط، فلكي تستطيع تحقيق أرباح من الأسواق يجب ان تبدأ في التحضير للفرصة القادمة والتي سنحاول ان نضع لها ملامح في هذا المقال.

ماذا يحدث في الأسواق المالية والاقتصاد؟.

في الوقت الحالي مازال التضخم مرتفع، وقد ارتفع التضخم بهذا الشكل بسبب جائحة كورونا وضخ أموال كثيرة في الاقتصاد الأمريكي من الفيدرالي، هذا هو ببساطة السبب، عندما يرتفع التضخم يبدأ الفيدرالي في رفع الفائدة كما رأينا، وعندما يرفع الفيدرالي الفائدة فهذا يضغط على أسواق الأسهم، لأن الفائدة البنكية تدخل في عملية التقييم للأسهم بشكل عام، وهو ما يعني أنه كلما كانت الفائدة مرتفعة كلما زاد الضغط على الأسهم، الوقت مهم جداً بالنسبة للمستثمرين لذلك لا يريد المستثمرين دائماً أن تكون الفائدة مرتفعة، هذا ما حدث الى الأن.

ماذا عن الفترة القادمة؟

في الوقت الحالي هناك عدة سيناريوهات يمكننا الاستفادة منها في التخطيط للفرص القادمة، السيناريو الأول هو ثبات الفائدة عند مستويات مرتفعة وبالتالي دخول الأسواق في مرحلة من مراحل الركود، وهنا سيزيد الضغط على الأسهم ومن ثم من الممكن أن تشهد الأسواق هبوط بعد تاكد دخول الاقتصاد في الركود، ويحدث ذلك بظهور نتائج الشركات سلبية لست شهور متتالين، في هذه الحالة سيهبط سوق الأسهم بسبب اعادة تقييم المستثمرين لأسعار هذه الأسهم، وهو ما قد يدفع الذهب الى الصعود بقوة خلال ربع او اثنان من الوقت كما يحدث دائماً في وقت الأزمات، ومن المحتمل أيضاً أن يشهد الدولار بعض الصعود أمام العملات الأخرى.

السيناريو الثاني هو أن يبدا الفيدرالي في خفض الفائدة وهذا السيناريو لن يحدث الا اذا تاكد الفيدرالي أن التضخم ينخفض بوتيرة سريعة كفاية لأن يحقق للفيدرالي اهدافه وهي رجوع التضخم عن 2%، وهذا السيناريو سيدفع الأسهم الى الصعود بقوة والذهب أيضاً، لماذا؟. ذلك لأن ارتفاع سوق الأسهم يعني هبوط الدولار، وهبوط الدولار يعني ارتفاع أسعار الذهب وهبوط الدولار بشكل أعم وأشمل يعني ارتفاع التضخم مرة اخرى، مما سيدفع الفيدرالي الى رفع الفائدة مرة اخرى وهذا ما يعرفه جيروم باول رئيس الفيدرالي جيداً لأنه دائماً ما يحدث في التاريخ، فالحل الوحيد امام الفيدرالي الأن هو أن يثبقي على معدلات الفائدة او يزيدها لمحاربة التضخم لكي لا يقع في هذا الفخ، ولكن هذا سيدفع الاقتصاد الى منطقة قد تعاني معها الأسواق بشكل كبير بسبب تأثر أرباح الشركات سلباً.

في أي اقتصاد لكي تسير الأمور بخير فأنت تحتاج فائدة بنكية منخفضة، فالاعتماد على الكريديت الأن أصبح أهم محفز للاقتصاد العالمي وانعدام الكريديت يعني انخفاض الطلب الكلي بشكل قوي جداً مما يعني عدم تحقيق الشركات لأرباح جيدة وهو ما يعني الركود والذي قد يتحول الى كساد، وهذا مالا يريده الفيدرالي بكل تاكيد، من الممكن أن يتحمل الفيدرالي التعافي من الركود ولكنه لا يريد أبداً المخاطرة بدخول الاقتصاد في كساد لأن ذلك يغير الكثير من الملامح الاقتصادية العالمية والمحلية، لذلك هو الأن يحاول السيطرة على الوضع ربما بتحمل مشقة استمرار الفائدة عند مستويات مرتفعة الى ان يتم القضاء على التضخم.

ماذا سيحدث خلال هذه المرحلة؟.

كل ما تحدثنا عنه في الفقرة الماضية سياخذ بعض الوقت، نحن نتحدث عن عدد من الأشهر ربما الى نهاية العام القادم، ولكن الان يرى المستثمرين أن افضل استثمار هو الذهب والفضة، لأنهم سيستفيدوا من رفع أو خفض القائدة في الوقت الحالي، أما عن سوق الأسهم فهو سيظل يرتفع الى أن يتاكد السوق أن الركود قد حدث بالفعل، اعتقد أن هذا سيأخذ بضعة أشهر أو بوصول مؤشر ستاندرد اند بورز الى مستويات 4500 نقطة فعند هذه المنطقة سيحاول السوق تصحيح مساره، وأعتقد أيضاً ان هبوط السوق من هذا المستوى سيكون هبوط كبير وسيستمر لمدة زمنية طويلة لأنه بذلك سيكون الاقتصاد وصل لمرحلة الركود، وهو ما سيدفع السوق الى الهبوط ربما الى مستوى 3200 نقطة.

الاستفادة من صعود الذهب جيد بالنسبة لكثير من المستثمرين، والاستفادة من صعود البيتكوين جيد بالنسبة للمستثمرين لأن كثير من المستثمرين يروون أنها أداة جيدة للتحوط ضد المخاطر الأن تماما مثل الذهب، ولكن البيتكوين أصل مالي به مخاطر اعلى من الذهب بسبب عنف التحركات التي تحدث عليه، فهو يصعد أسرع من الذهب ويهبط اسرع من الذهب وهذا هو مصدر القلق الوحيد للمستثمرين من الاستثمار في البيتكوين أو شرائها للتحوط، النفط والغاز الطبيعي والدولار لا أراهم أفضل استثمارات عند المستويات الحالية، ربما يهبط النفط من المستويات الحالية الى مستويات أقل اذا دخلت الأسواق في ركود ولكن تحكم اوبك + في الانتاج ربما يحافظ على مستوياته بشكل كبير، لذلك لا أرى أي داعي للأستثمار فيه الأن.

سوق الأسهم ممكن الاستفادة منه كما يرى كثير من المستثمرين بأن يتم شراء المؤشرات الأمريكية الأن والانتظار الى أن تصل الى مستويات قريبة من المستويات التي تحدثنا عنها، أي مستوى 4500 نقطة لمؤشر ستاندرد اند بورز وقياس باقي المؤشرات عليه، أو يمكننا شراء بعض الأسهم التي تتداول عن قيم سعرية أقل من قيمتها المفترضة، وهذه أيضاً استراتيجية جيدة لتحقيق الارباح ولكنها تحتاج الى دراسة جيدة للأسهم ومجهود في تحليلها، لذلك الاستفادة من تحرك الداو جونز وناسداك وستاندرد اند بورز جيدة.

ماذا لو لم تصعد أسواق الأسهم؟.

في حالة هبوط الأسهم من المستويات الحالية وهو احتمال ضعيف سيرى المستثمرين أنها فرصة جيدة للبيع على المدى القصير، وهؤولاء هم المضاربين، أما اذا وصل سوق الأسهم الى مستويات سعرية منخفضة ربما عند مستوى 3200 لمؤشر ستاندرد اند بورز فهنا سيبدأ المستثمرين في الشراء تدريجياً الى أن تصل الأسواق الى المستويات القديمة لها، وهي فرصة يحضر لها كثير من المستثمرين الأن بكل تاكيد خاصة المستثمرين طويلي الأجل الذين يريدون شراء الأسهم على المدى البعيد. لذلك يمكنك تحضير نفسك للأستفادة من كل هذه الفرص التي تحدثنا عنها والتي ستكون فرصة العمر في العقد الحالي، فهذا العقط سيصبح كثير من الأذكيا أغنيار جداً وسيصبح اكثر الناس على العكس من ذلك، وعليك أن تختار اما أن تنضم الى الذين يروون مايحدث الأن ويحضرون أنفسهم لأغتنام الفرصة القادمة أو تكون من الطائفة الأخرى التي لا تريد أن تبذل أي مجهود في البحث والدراسة وبالتالي ستظل تلعن الأقدار الى الأبد.

وأن ليس للانسان الا ما سعى.

عزيزي القاريء، الاستثمار وتحقيق الثروات هو علم من العلوم التي يدرسها بعض الناس فيصبحون أغنياء مع الوقت، في الوقت الحالي يوجد بعض الفرص التي تحدثنا عنها والتي يراها بعض الناس ولا يراها البعض الأخر وهذا الذي يراها هو الذي سيصنع الثروات والذي لا يريد أن يراها لن يراها أبداً، سيظل عالقاً في حالة من العجز النفسي وسيظل يلعن الأقدار دائماً، وأي قاريء للتاريخ يعرف جيداً أن لعن الأقدار لا ينفع في شيء، وانه لا يغير من الوضع الا الى الأسوأ. لذلك يجب أن تعرف أن السبيل الوحيد الى الرخاء هو العمل والبحث الدئوب المستثمر عن الفرص التي ربما فيها احتمالات جيدة لتغيير الوضع الى الأفضل، هذه رحلة طويلة ولكنها في النهاية الرحلة الوحيدة التي من شأنها أن تُغير حياتك الى الأفضل، لا يوجد عصر من العصور مر على البشرية وكانت عملية صُنع الثروات أسهل من الوقت الذي نعيشه الأن، 90% من الناس لا يتفقون مع هذه الفلسفة الفكرية ولكنها هي الفلسفة التي يعتنقها ال 10% من الناس الذين حققوا ثروات طائلة، هي فلسفة عدم الاعتماد على الأخر وتحمل مسئولية قراراتك الحياتية ونتائجها، لذلك يجب ان تكون أذكى من الكثيرين الذين هم أذكياء جداً في فن صنع الثروات لكي تحقق الثروة التي تريدها، وهذه العملية تحتاج الى التركيز والتخطيط والتنفيذ وتحمل المخاطر المالية والنفسية. أو لا تفعل و ألعن الأقدار الى الأبد.