إفلاس منصة FTX للعملات الرقمية وضياع أموال المستثمرين.

إفلاس منصة FTX للعملات الرقمية وضياع أموال المستثمرين.

ربما تكون سمعت عن الكارثة التي حدثت لاحدى شركات العملات الرقمية في الاسابيع الماضية والتي ضاع بسببها أموال ملايين من العملاء والتي تقدر بمليارات الدولارت، ودعني اشرح لك الأمر ببساطة ونحاول أن نرى الدروس المستفادة من هذه الكارثة لربما تحميك من مثل هذه الكوارث في المستقبل خاصة مع انتشار التعامل بالعملات الرقمية في الأونة الاخيرة واتجاه العالم المالي الى اللجوء اليها بصورة مستمرة.

ما هي العملات الرقمية وما هي البلوك تشاين؟

العملات الرقمية هي عملة مشفرة يتم استخدامها عن طريق تطبيق الكتروني بهدف البيع والشراء، وهذا هو التعريف البسيط لكلمة ” عُملة ” أما تقنية البلوك تشاين فهي ببساطة السجل الذي تُسجل فيه المعاملات التي تتم بالعملات الرقمية، فهو ببساطة أيضاً دفتر تسجيل المعاملات اليومية التي تتم بأستخدام العملات الرقمية، والعملات الرقمية تستمد قيمتها في الأساس من هذا السجل، فعندما لا يوجد هذا السجل فلا وجود للعملات الرقمية ولكن هما مرتبطان ارتباط وثيق تماما مثل علاقة الايميل بالانترنت.

ما هي شركة FTX ؟

تعد الشركة واحدة من الشركات التي من خلالها تستطيع التداول على العملات الرقمية بيعاً وشراء، فهي كشركة وساطة مالية في أسواق العملات الرقمية، أو يطلق عليها البعص بانها بورصة التداول على العملات الرقمية، والتسمية ليست المشكلة الأن، المشكلة أن هذه الشركة كأي شركة اخرى لها عملتها الرقمية الخاصة بها، وهي عملة FTT والتي من خلالها تستطيع التعامل من خلال المنصة، وقد حاولت الشركة أن تجعل من هذه العملة شيء له قيمة من اللاشيء، فقط قيمة هذه العملة هي أنها تتبع شركة FTX.

الشركة كانت تعد ثالث اكبر شركة في العالم للتعامل بالعملات الرقمية مثل شركة باينانس، وأسسها صاحبها سام بانكمان بعد تأسيسه لصندوق الاستثمار في العملات الرقمية ” ألميدا ريسيرش ” وهذا الصندوق مختص بالاستثمار في العملات الرقمية فقط، ولكن لان الامور بسيطة جداً فيما يخص تأسيس الشركات والنماذج الاستثمارية في عالم العملات الرقمية قرر بانكمان تأسيس شركة FTX لكون شركة وساطة ضخمة في عالم العملات الرقمية ليصبح مثل صاحبه في هذا الوقت CZ مؤسس شركة باينانس لتداول العملات الرقمية أيضاً، لاحظ أن بدون هذه الشركات لا وجود للعملات الرقمية من الأساس، فكلاً من هذه الشركات له العملة الخاصة به، وهو ما يعني ان في حالة التفليس لا توجد عملة ، على العكس من افلاس مؤسسة مالية أو شركة ففي النهاية يتم بيع اصولها بالدولار الامريكي ويحصل الدائنون على جزء من اموالهم بالدولار، ولكن انهيار منصة التداول في العملات الرقمية من الممكن أن يعني أنهيار العملة من الاساس بالتالي لا وجود لتعويضات في معظم الاحيان.

مشكلة الشركة التي دفعتها الى الهاوية.

المشكلة الحقيقية للشركة كانت أزمة سيولة مالية قوية، فلم يكن في امكان الشركة رد كل المبالغ المستحقة للعملاء في وقت واحد، وكما هو معروف ان الفزع في الاسواق المالية يدفع المستثمرين الى سحب أموالهم بسرعة كبيرة في وقت واحد في وقت اكتشاف الازمة، وهو ما حدث مع الشركة، فعندما طلب العملاء جميعاً أموالهم لم تستطيع الشركة رد المبالغ لكل المستثمرين في وقت واحد مما دفعها الى الافلاس، تماما مثلما يحدث مع البنوك في مثل هذه الازمات، الفارق الوحيد هو أن البنك يكون لديه مؤسسات اخرى تضمن عدم حدوث مثل هذه الكوارث كالفيدرالي مثلاً في الولايات المتحدة الامريكية.

كانت الشركة لديها فجوة في كمية السيولة لديها بما يقارب ال 8 مليار دولار، ولكنها عندما اكتشفت هذه الكارثة لم تُصرح بها، ومع الوقت وبعدما اكتشف المستثمرين هذا الأمر هرعوا جميعا الى سحب أموالهم مما دفع الشركة الى هذا السيناريو الكارثي، بعد المشكلة الكبيرة التي تعرضت لها الشركة حاولت أن تحصل على مساعدة مالية لسد الفجوة في السيولة النقدية لديها وكان السبيل الوحيد هو شركة باينانس التي تعمل في نفس المجال، ولكن باينانس اعلنت ان المشاكل التي تمر بها شركة FTX تعد مشاكل كبيرة وخارجة عن سيطرة باينانس ولا نستطيع مساعدتها وكانت هذه هي الضربة القاسمة لظهر FTX وبعدها افلست الشركة وأفلس العملاء لديها.

 

العملات الرقمية بين الوهم والحقيقة.

العملات الرقمية من المفترض انها كأي عملة اخرى، هي وسيط للتداول، ولكن ما الذي يدفع وسيط للتداول الى أن يصل الى ما يساوي 60 ألف دولار امريكي ! الأمر ببساطة هو التداول والمراهنات والمضاربات التي تحدث في مثل هذا السوق دون النظر الى أي قيمة حقيقية للأداة المالية التي يتم التداول عليها، نعم هو يعد من الطرق السريعة لتحقيق ثروات كما حدث مع كثير من المستثمرين ولكنه يحتوي على مصادر مخاطرة مرتفعة جداً في بعض الاحيان، لذلك يجب ان تعرف ان المكاسب الكبيرة المحتملة يجب أن تتضمن أيضاً مخاطرة كبيرة في ذاتها، وهو ما يتم في الوقت الحالي في سوق العملات الرقمية بشكل عام.

يجب ان تتسائل دائماً ما هي القيمة الحقيقية للعملة الرقمية في حالة أردت أن تشتريها، فبدون قيمة حقيقية للشيء فأنك تقوم بشراء اللاشيء بمبالغ مالية كبيرة، فمثلا البيتكوين كأول عملة رقمية في العالم كانت لها وظائف نبيلة وهي تسريع عملية نقل الاموال وفي الوقت نفسه تقنية البلوك تشاين تحميها من الأختراق الى جانب أنها عملة محدودة من حيث الكمية، بالتالي كان لها هدف وقيمة مستمدة من الندرة وتقنية البلوكتشاين ذاتها، ولكن مع المضاربات التي حدثت عليها تضخم السوق بقوة الى أن وصل الى مستويات لا يمكن بأي حال أن تصعد العملة أكثر منه، مما أدى الى هبوطها بهذا الشكل مرة اخرى.

يجب ان تتعامل بحذر في مثل هذه الأسواق وأن يكون لديك رؤية واضحة لهدف الاستثمار في العملات الرقمية بشكل عام، أما التداول بشكل يومي عليها بيعا وشراءاً فهو متروك لخبرتك في التداول بشكل عام، بالتالي يجب ان يكون لديك من الخبرة الحد الادنى على الأقل للتداول في مثل هذه الأسواق، والا قد تحدث خسائر كبيرة لك في هذا السوق بالأخص، لان العملات الرقمية أصبحت كثيرة جداً ومن السهل اختراعها على العكس من العملات النقدية أو الورقية الاخرى كالدولار أو اليورو والذي تتحكم فيهم دول تقف وراء عملتها وتحميها من أي تهديد من الممكن أن يحدث لها.