أداء الاقتصاد العالمي تدهور في يناير والأسواق العالمية تتفاعل معها

أداء الاقتصاد العالمي تدهور في يناير والأسواق العالمية تتفاعل معها

منذ أشهر والبيانات الاقتصادية العالمية محل ضعف مستمر منعت عبرها مؤشرات الأسهم الكبرى من تحقيق مستويات قياسية جديدة

 

إلا أن هذه المؤشرات وخلال الأسابيع الخمسة الأخيرة ارتفعت من القاع الذي سجلته خلال آخر 52 أسبوع

 

ويبقى السؤال لدى المستثمرين هل سيستمر هذا الارتفاع أم لا؟

 

البيانات ما تزال تشير لاستمرارية تراجع الأداء الاقتصادي في كبرى الاقتصادات الصناعية وبالتالي تعكس مخاطر على نمو أعمال الشركات الكبرى

 

وقد صدرت بيانات القطاع الصناعي العالمي عن شهر يناير وبينت أن مؤشر مديري المشتريات قد تراجع لأدنى مستوى في عامين ونصف عند 50.7

 

ليقترب بذلك من مستوى الانكماش دون 50.0

 

وأما في اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية فقد استمر التراجع في عدد من المؤشرات التي منها ثقة المستهلكين الصادر من جامعة ميتشجن

 

والتي سجلت بشكل مفاجئ أدنى مستوى منذ عام 2016

 

أيضا فإن مبيعات السيارات تراجعت إلى أدنى مستوى منذ أغسطس لعام 2017

 

وأكثر ما يدل على تسارع تأثر القطاع الصناعي الأمريكي هو أن أسعار منتجات هذا القطاع قد انكمشت في يناير لأول مرة منذ عام 2016

 

أما الاقتصادات الصناعية الأخرى على الجانب الآخر من الأطلسي فقد سجلت انكماشات محرجة

 

ففي المانيا انكمش القطاع الصناعي لأول مرة منذ نوفمبر لعام 2014

 

وفي فرنسا انكمش في ديسمبر قبل أن يعاود النمو في يناير متأثراً بمظاهرات أصحاب السترات الصفراء

 

وفي إيطاليا التي دخلت في مواجهة الموازنة مع الاتحاد الأوروبي سجل المؤشر لديها في يناير أدنى مستوى منذ عام 2013

 

وأما في الصين فقد انكمش المؤشر Caixin إلى أدنى مستوى منذ عام 2016

 

وفي اليابان فما يزال القطاع الصناعي يحوم حول الانكماش مع تراجع ثقة المستهلكين لأدنى مستوى منذ عام 2016

 

أما في البيت الفيدرالي الأمريكي الأبيض فقد تم الضغط على زر إيقاف مسيرة رفع الفائدة حتى اشعار آخر

 

في دلالة على أن الفيدرالي بات يرى بوضوح بعد الضبابية التي اعمته بأن هناك خلل في تسارع النمو الاقتصادي محليا وعالميا

 

ونتيجة لهذه التراجعات في القطاع الصناعي لكبرى الاقتصادات فإن نمو القطاع الخدمي معرض للتراجع في فترات قادمة

 

إذاً فإن كل هذه البيانات بالإضافة لضبابية البريكست والمفاوضات الصينية الأمريكية التجارية قد تعيد الضعف لسوق الأسهم وتدفع العوائد على السندات للتراجع

 

وهذا ما يبرر سبب ارتفاع أسعار الذهب مؤخراً وحفاظ الدولار الأمريكي على استقراره في ظل تراجع عوائده كون بيانات أوروبا ضعيفة ايضاً لا تسمح لعملاتها بالارتفاع كثيراً

 

نرى أن الربع الأول هام لمستقبل أداء عام 2019 ككل

 

فإن تم تجاوز البريكست باتفاقية مفيدة للأعمال التجارية البريطانية ممزوجة بإبرام اتفاق صيني أميركي ينهي الرسوم التجارية فإن نمو الاعمال واسهم الشركات مرجح أن يتسارع

 

أما في حال تعقدت الأمور وفرضت سياسات ضارة بالتجارة الدولية فإن المخاوف ستقيد مؤشرات الأسهم الكبرى والبيانات ضمن منطقة الخوف والحذر مما قد يصعد اضطراباتها

 

والآن فإننا لا نستطيع تحديد السيناريو بثقة كبيرة وحسم مصير هذه القضايا حيث لا نستطيع أن نجزم أن الاتحاد الأوروبي سيمنح بريطانيا حرية التعامل مع حدودها في اتفاقية جديدة أو أن نجزم مثلا أن اتفاقية تجارية بين الولايات المتحدة ومنافستها الصين سيتم توقيعها

 

ولذا فإن هناك احتمالية لتخبط الأسواق تبقى موجودة ريثما يتم الإفصاح عن تفاصيل ختام هذه الملفات الحاسمة لنمو التجارة العالمية

 

وذلك يتطلب الاستمرار بسياسة الحذر في التعامل مع سوق الأسهم

 

أما في سوق العملات فقد يعطي تباطؤ اقتصاد أوروبا ومعضلات البريكست فرصة لمحافظة الدولار الأمريكي مكانته أمام اليورو والاسترليني

 

وذلك بالنهاية سيعتمد بالطبع على مجريات المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي!

 

أما الذهب فقد تفاعلت أسعاره بقوة خلال الشهرين الماضيين ليحقق مكاسب بلغت 8%

 

ولكنه يبقى ضمن نطاق أسعار الأعوام الأخيرة الماضية مما يدل على ان ارتفاعاته ما تزال مضاربية لما يحدث من المخاوف

 

هذه الارتفاعات قد تتلاشى في حال حلت ملفات البريكست والرسوم التجارية الصينية الأوروبية الأمريكية بسلام ولكنها أيضا قد تتعزز في حال تعقدت هذه الملفات!

 

 

نورس حافظ

 

كبير استراتيجي الأسواق