زيادة أسعار المترو في صالح الاقتصاد أم العكس؟

زيادة أسعار المترو في صالح الاقتصاد أم العكس؟

– أمس أعلنت الحكومة المصرية زيادة أسعار مترو الأنفاق لتكون 3 جنيهات لعدد قليل من المحطات و7 بحد أقصى حسب عدد المحطات التي يمر بها القطار، ولكن السؤال الأهم هو هل هذا القرار يصب في مصلحة الاقتصاد أم لا؟

– من المؤكد أن الحكومة المصرية قد درست هذا القرار وتأثيره وتعرف اكيد ان له عواقب قد تكون وخيمة على الشعب المصري وعلى الحياة الاقتصادية في مصر ولكن هل فقط زيادة معدلات الدخل الحكومي بأي طريقة هو الحل ، فالقرار سيصيب المصرين بنقص شديد في مستوى الدخل الفردي وهو ما يعني أن الدولة أصبحت ترى أن مصلحتها فقط في نقل مخاطرة العجز من الحكومة الى الشعب ، وهذا نظرياً خطاً ولكن لا أحد منا يعرف ما هي أفكار الحكومة او مسئول اتخاذ القرار ليقوم بتحديد هل صح أم خطا وكل ما في ايدينا أن نرى الصورة الكبيرة لنقوم بتحليل الوضح وما سيطول المصرين من نتائج في ضوء المعطيات البسيطة التي نعرفها وهي مستوى دخل الفرد وتأثير تلك القرارات عليه ، هل سينجح المواطن المصري في ظل مستويات الدخل الموجودة حالياً من النجاه من ارتفاع الاسعار المتتالي وما تأثير ذلك على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المصري بشكل عام .

 

– مستوى دخل الفرد الشهري في مصر للعام الماضي 2017 كان 165 دولارًا، أي ما يقارب الآن من 3000 جنيهًا مصريًا. وفي ظل المعطيات المذكورة سنقوم بتحليل ما إذا كان القرار في صالح الاقتصاد أم لا بالمقارنة مع زيادة الأسعار؟ وخاصة أسعار المترو الأخيرة.

 

– الإنفاق

يعتبرالإنفاق مؤشر قوي في الاقتصاد، وهو يدل على قدرة الشعب على شراء السلع والخدمات التي تعرضها الحكومة، وكلما زاد معدل الإنفاق، كان الاقتصاد قويًا، وكلما قل الإنفاق، فهذا يقود الدولة إلى مرحلة الركود، وهو ما يعني أن الاقتصاد سيعاني بكل تأكيد. ومعدلات الإنفاق يجب أن تكون متزنة إلى حد كبير، وبالتأكيد تكون في الغالب متماشية مع أهداف الدولة حسب حالة الاقتصاد، هل هو في مرحلة رواج وانتعاش، أم أنه في حالة ركود؟ مما يتطلب التغير في السياسة النقدية. وفي ظل المعطيات المذكورة فإن الفرد المصري سيقل إنفاقه بقوة على السلع والخدمات نظراً لعدم تماشي مستوى الدخل مع الارتفاعات المتتالية للأسعار، وهو ما سيقود الأسواق إلى الركود.

– الانتاج

يعني هذا المصطلح مجموع ما يتم انتاجه ضمن الاقتصاد في حدود مدة زمنية محددة تكون في الغالب سنة ، ويتأثر الانتاج بالانفاق بقوة حيث أن الانتاج يزداد كلما زاد الطلب على السلع والخدمات في الدولة ويهبط كلما زاد المعروض من المتاجات ولم يقابلها طلب قوي ، اختلال موازين العرض والطلب على السلع والخدمات مؤشر هام لتحديد قوة أو ضعف الاقتصاد ، فالدولة التي تنتج بقوة ولكن الطلب على هذه المنتجات ضعيف سيصيبها خطر الركود ، والركود له أثار سلبية على العمالة ، والعمالة تعني قوة الاقتصاد ايضاً اذا كل دولة تهدف ليس فقط في زيادة الانتاج ولكن في زيادة الطلب ، وهو ما تريده كل القطاعات المنجة في الدولة سواء الخاصة أو العامة .

الركود وتأثيره على المجتمع

الحالة الاقتصادية لكل دولة مرتبط بقوة بالحياة الاجتماعية، وهو ما يعني ببساطة أن زيادة رواج الدولة اقتصاديًا ينعكس على كل شىء آخر، والعكس صحيح. الركود يعني عدم إنفاق الشعب على شراء السلع والخدمات على غير المتوقع من الحكومة، وهو ما يعني أن هذا سيؤثر على الإنتاج بكل تأكيد، وهو ما سيكبد الشركات المنتجة مزيدًا من الخسائر نظراً لقلة بيع المنتجات. وفي هذه الحالة تلجأ الشركات المنتجة إلى تقليل التكاليف الإنتاجية حتى تستطيع تغطية الفارق بين تكلفة الإنتاج واسترداد هذه التكاليف عن طريق بيع المنتجات. والهبوط في الطلب على المنتجات يؤدي إلى هبوط أسعارها، وهو ما يعني أن الشركة ستتحمل خسائر مالية، وبدورها ستقوم بتقليل نفقاتها، والتي من شأنها تسريح العمالة، وهو ما يؤدي إلى البطالة.

البطالة

كلما زادت معدلات البطالة في الدولة، كان ذلك يعني ضعف النظام الاقتصادي في الدولة، وهو ما يعني مزيدًا من العاطلين عن العمل ومزيدًا من الركود. وأرجو الملاحظة أن دائرة الاقتصاد متصلة تمامًا، فالركود يقود إلى البطالة، والبطالة تقود إلى الركود نظراً لزيادة عدد من ليس لهم دخل. بالتالي يتطلب الخروج من هذه الدائرة مجهودًا كبيرًا في الاتجاه بالاقتصاد غلى مراحل زيادة النمو مرة أخرى والانتعاش.

الدورة الاقتصادية

الدورة الاقتصادية تعني مرحلة الاقتصاد بدولة ما في الوقت الحالي، والتي تدفع الدولة إلى انتهاج سياسة نقدية سواء توسعية أو انكماشية على حسب حالة الاقتصاد. ولكن الركود غالباً ما يقود الدولة إلى الاتجاه للسياسة النقدية التوسعية، والتي تهدف بدورها إلى إنعاش الحالة الاقتصادية ورواجها، وهو ما يتطلب رفع معدلات الفائدة للإقراض حتى يتسنى للمؤسسات المالية الاقتراض ومحاولة انعاش السوق، وهو ما يعني استعادة الإنتاج مرة أخرى واستعادة التوظيف مرة أخرى. وهنا بالتالي تبدأ الدولة في مرحلة الرواج، ولكن في الحالة التي عليها الدولة المصرية بالوقت الراهن، فهناك مشاكل اقتصادية قد تمنع الوصول إلى هذه المرحلة بسهولة.

الارتفاعات المتتالية لأسعار السلع والخدمات وتأثيرها على المجتمع المصري

الارتفاعات المتتالية للأسعار وثبات معدلات الدخل ستؤثر بكل تأكيد على حياة المصريين الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، فالمواطن سيبدأ في تقليل نفقاته بكل قوة حتى يتسنى له توفير المأكل والمشرب والملبس، وهو يؤدي أيضًا إلى تقليل الإنفاق على التعليم، وبالتالي تتراجع مستويات التعليم والتفكير في تطوير الدولة، والتي تعد أحد أهم مواردها، وهي الثروة البشرية. فهنا قد نجد في مصر في العشرة أعوام القادمة مجتمع أكثر جهلاً مما هو الآن.

أيضًا عملية الركود تلك تؤثر على الحياة الصحية، فالمجتمع الذي يكون كل همه كيف يكمل آخر الشهر بميزانية محدودة وضعيفة لن يكون قادرًا على التنعم بمستوى صحي جيد، ويصبح العلاج رفاهية في ظل ارتفاع مستويات الأسعار، وهو ما سينتج عنه مجتمع تكثر فيه الأمراض والكسل وقلة العمالة النشطة.

التأثير سيطول أيضاً الحياة التوظيفية، فلن يكون هناك موظف قادرًا على العمل باتقان فيما يشعر أنه لا يأخذ حقه، وهذا بدوره يدفعه إلى توفير احتياجاته من المال بأي طريقة، حتى ولو كانت غير قانونية، حيث يرى المواطن أن من حقه أن يعيش كأي إنسان آخر. فلا يستطيع رب أسرة أن يصرف عليها ولو كانت مكونة من أربعة أفراد، في حين أن مرتبه 3000 جنيهًا فقط، وهو ما يعني انهيار المنظومة الحكومية لأنها ببساطة تعتمد على موظفين وعمال ليس عندهم شغف للعمل، ويريدون فقط أن ينهوا عدد ساعات العمل بأي طريقة، أو ربما لهم مصدر دخل آخر يريدون التركيز فيه أكثر.

 

كل هذا من المؤكد سيؤثر على الحياة الاجتماعية في الدولة المصرية، والقرار دائمًا ما يطول كل جوانب الحياة حتى ولو كان قرارًا بسيطًا مثل زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق.

وفي ظل ما تم ذكره، وهو ما يعتبر جزءً بسيطًا من العوائق الكبيرة لزيادة أسعار السلع والخدمات في أي دولة، أترك لكم الإجابة على السؤال التالي، هل في مصلحة الاقتصاد المصري زيادة أسعار تذاكر المترو؟