موديز تُخفض التصنيف الائتماني للقطاع المصرفي الأمريكي.

موديز تُخفض التصنيف الائتماني للقطاع المصرفي الأمريكي.

بعد افلاس بنك سيليكون فالي والذي اتبعه افلاس كلاً من بنك سيلفر جيت وسيجنتشر بانك اعلنت وكالة موديز الامريكية للتصنيف الائتماني خفض التصنيف للقطاع المصرفي الأمريكي والذي جاء كرد فعل على الحالة المالية لسيئة التي يمر بها القطاع في الوقت الحالي بسبب رفع معدلات الفائدة الامريكية وهو ما يضر بالقطاع المصرفي وبالأخص البنوك التي لديها استثمارات كبيرة في السندات الحكومية والتي تم شرائها بفائدة اقل من الفائدة الحالية وبالتالي هبوط قيمة هذه السندات في السوق الثانوية للتداول على السندات الحكومية.

كيف يتم الاستثمار في السندات الحكومية ولماذا تعد مخاطرة كبيرة للبنوك الأن؟

السندات الحكومية تعد استثمار أمن بالنسبة للبنوك، فهي مضمونة من قبل البنك الفيدرالي وبالتالي تميل دائماً البنوك والمؤسسات المالية الكبيرة الى استثمار ودائع المودعين في السندات لانها تعد أدوات مالية غير خطرة، وعندما كانت الفوائد البنكية على السندات الحكومية اقل من عام منخفضة للغاية في الولايات المتحدة الامريكية في السنوات الماضية اتجهت البنوك الى شراء سندات حكومية لأجل طويل حتى تحصل على فائدة جيدة ربما 2%، وكان هذا هو الاستثمار الوحيد المتاح بالنسبة لكمية الودائع البنكية الأمريكية في هذا الوقت، ومع رفع الفيدرالي للفائدة خلال العام الماضي اصبحت السندات الحكومية على المدى القصير – خلال عام – تعطي عائد مالي اعلى من السندات على المدى الطويل.. وهو ما يسمى انعكاس العائد على السندات، هذا المصطلح يعني أن العائد على المدى القصير اعلى من العائد على المدى البعيد وبالتالي تهبط قيمة السندات طويلة الأجل في السوق الثانوية للتداول، فالسندات يتم التداول عليها تماما مثل الأسهم، وعندما ينخفض قيمة السند فيكون البنك في حالة خسائر على المدى القصير أيضاً، أي ما يعني ان البنك اذا أراد تسييل تلك السندات قبل موعد استحقاقها فسيضطر الى بيعها بسعر اقل من سعرها وهنا تأتي الخسائر، الحل الوحيد ألا يتم تسييل تلك السندات قبل موعد استحقاقها.

لماذا يريد البنك تسييل السندات قبل موعد الاستحقاق.

عندما تحدث مشاكل اقتصادية كما هو حاصل الأن تلجأ الشركات الى الاموال النقدية الاحتياطية لديها لمقابلة التزاماتها المادية، وهو ما دفع شركات كثيرة من الشركات الناشئة الى اللجوء الى مدخراتهم المالية لدى البنك حتى يستطيعوا النجاة في الحالة الراكدة التي عليها الاقتصاد الأن، وبالتالي لم يستطيع مثلاً بنك سيليكون فالي تلبية كل هذه السحوبات النقدية في الوقت الحالي مما دفعه الى الافلاس، وهذا هو الحال بالنسبة لكثير من البنوك الأمريكي الأن، فكل البنوك الأمريكي لديها جزء من الاستثمارات في السندات الحكومية ولكن تختلف النسب حسب كل بنك، فهل هناك مزيد من البنوك في حالة مالية صعبة ولكننا لا نعرف الى الأن؟

حالة من الرعب والفزع المكتومين الأن.

كثير من المستثمرين والأفراد يشعرون بحالة من الفزع الداخلي الأن، فالكل يريد أن يسحب أمواله من البنوك ولكن الكل يشعر بحالة من الخوف من أن يبدأ الفزع في افلاس البنك الذي يحفظ أمواله، فالكل أيضاً يعرف أن حالة الفزع هي التي من شانها أن تُفلس البنك وليس عمليات السحب، ولكن الكل أيضاً يتسائل عن وضع البنك الخاص به، ولكي تعرف هذه اليجابة يجب أن تعرف كمية الاموال التي وضعها البنك في السندات الحكومية خلال السنوات القادمة وهل ستؤثر على حالة البنك المالية أم لا.

هذه التحليلات المالية تتطلب خبراء في تحليل الوضع المالي للشركة لذلك الأفراد العاديين يشعرون بنوع من الخوف مجهول المصدر، وهي الكارثة التي قد تنبأ بحالة الفزع المحتملة أو فعندما تعرف جيداً أن البنك لا يمر بمشكلة ففي هذه الحالة قد لا يسيطر عليك الفزع أما في حالة كنت لا تعرف ما هي السندات أصلا فهنا من الممكن أن الفزع يسيطر عليك وبالتالي تبدأ عمليات الهجوم على البنوك والتي قد تضر بالكل.

بكل تأكيد هناك بنوك كثيرة لديها استثمارات في السندات الحكومية الأمريكية ولكن هل هذه السندات بكميات كبيرة كفاية لتضر بالبنك أم لا فهذا هو ما يفعله المستثمرين الأن، يحاولون معرفة ان كان البنك لديه استثمارات طويلة الأجل في السندات أم لا وهل الخسائر كبيرة أم لا، ولكنه امر غير سهل على الأطلاق لأن البنك غير ملزم بالاعلان عن الخسائر العائمة والتي لم تتحقق بالفعل لذلك لن يعرف المستثمر الكارثة قبل حدوثها الا اذا كانت له مصادر داخل البنك. بكل تأكيد هي حالة من التأهب والخوف المكتومة والتي قد تنفجر في أي لحظة.

موديز تُخلي مسئوليتها امام الرأي العام.

من جانبها قررت وكالة موديز سبق الاحداث واعلان القطاع المصرفي غير امن حتى لا يتم توجيه الانتقاد لديها كما حدث في 2008 عندما أعطت البنوك تصنيف ائتماني كبير على الرغم من انها كانت على علم بما يحدث في الأسواق والتلاعب الذي حدث في سندات الرهن العقاري، الأن موديز تهرب من المركب قبل أن تغرق معها مرة اخرى، التعلم من الماضي شيء جيد في مثل هذه الأحوال، موديز الأن لم تكترث الى نتائج اعلان القطاع المصرفي غير امن ولكنها تُفكر فقط في الكيان الخاص بها، فلا مجال الى أن يتم اتهام موديز مرة اخرى بالتستر على فساد المنظومة البنكية واعطائها تصنيف ائتماني مرتفع في ظل الاحداث التي تحدث الأن، فهل هناك كارثة بنكية مرتقبة قد تنفجر قريباً؟ محتمل، ومن المحتمل ان تستطيع الحكومة والفيدرالي من السيطرة عليها ولكن الأن يجب أن تتأهب لجميع السيناريوهات المحتملة.