ماذا بعد رفع معدلات الفائدة الأمريكية؟

ماذا بعد رفع معدلات الفائدة الأمريكية؟

قرر الفيدرالي رفع معدلات الفائدة الأمريكية مرة أخرى امس لتصل معدلات الفائدة الى مستوى 4.5% كما كان متوقع، والأن قد يقرر الفيدرالي تثبيت سعر الفائدة كما اعلن في اجتماعاته السابقة أن التثبيت قد ياتي في النصف الأول من عام 2023، فهل يتم تثبيت الفائدة بالفعل؟

ماذا لو تم تثبيت الفائدة الامريكية ؟

الدافع الأول لتثبيت سعر الفائدة الأمريكية هو عدم وضع الأسواق في حالة سيئة من حالة الركود الاقتصادي والذي يحدث بسبب رفع معدلات الفائدة والتي من شانها الاضرار بسيولة الأسواق وخفض مستوى النقد داخل الاقتصاد مما يدفع الأسهم الامريكية الى الهبوط وبالتالي التأثير على أداء الشركات بالسلب بسبب اعادة تقييم أسعار الأسهم بناءاً على معطيات الفائدة الجديدة والتي ارتفعت من 0% الى مستوى 4.5% كما نشهدها الأن. فبكل تاكيد مع حالة الأسواق الحالية وهبوط مؤشر ستاندرد اند بورز الى المستويات الحالية قد يدفع الفيدرالي الى تثبيت سعر الفائدة.

في حالة زيادة معدالات التضخم الأمريكية مرة اخرى قد يشهد السوق رفع أخر لمعدلات الفائدة ولكن هذا السيناريو هو الاقل احتمالاً في الوقت الحالي للسبب ذاته الذي تحدثنا، لذا هبوط الدولار الأمريكي وارتفاع مستوى التضخم سيكون له تأثير كبير على معدلات التضخم، الجدي بالذكر ان مؤشر الدولار الأمريكي يتداول الأن عند مستوى 104 نقطة بعد الهبوط من مستوى 114 نقطة في الشهرين الماضيين، وهذا الهبوط المقدر بنسبة 9.95% جاء بعد ارتفاع شهية المستثمرين الى المخاطر وصعود سوق الأسهم الى مستويات جيدة في نفس الفترة، حيث ارتفع مؤشر الداو جونز الى مستوى 33611 وهو ارتفاع يقدر بنسبة 20% تقريباً من القاع الأخير له.

 

 

 

 

دلائل مؤشر ستاندرد اند بورز على وجود ركود اقتصادي.

في الوقت الحالي تشهد الأسواق بعض من الحيرة والتخبط، كثير من المستثمرين يروون أن الارتفاع الأخير لسوق الأسهم مازال وهمي وناتج عن المضاربة القوي على الأسواق، وكثير منهم يروون أن الركود مازالت احتمالاته مرتفعة الى الأن، الجدير بالذكر أيضاً أن مؤشر ستاندرد اند بورز والذي يعد أحد المؤشرات الدالة على دخول الاقتصاد في الركود مازال ضعيف من حيث التحركات الفنية، حيث ارتفع المؤشر بنسبة 15% تقريباً بعد هبوط قُدر بنسبة 27.5% في العام الجاري، وهو ما يعني ان الأسواق لم تستعيد قوتها بعد، ومن الناحية الفنية أيضاً مازال السعر داخل اتجاه هابط ولم ينعكس بعد.

يعًول الان كثير من الاقتصاديين على انخفاض مستوى البطالة والتي من شانها ان تنفي وجود ركود في الأسواق، وربما هذا هو المؤشر الأهم الان في الاقتصادي الأمريكي، ذلك لأن البطالة تعد مؤشر قوي أيضاً على دخول الاقتصاد في الركود ولكن هذا مؤشر تابع، فتميل البطالة الى الازدياد بعد دخول الاقتصاد في الركود او الكساد بمدد زمنية طويلة بسبب ميل الشركات الى عدم التفريط في العمالة المدربة والتي قد ترفع من تكاليف اعادة توظيفها مرة اخرى في حالة كانت توقعات الركود خاطئة، بالتالي لا يحدث تسريح للعمالة الى مع التأكد من وجود الركود بناءاً على المؤشرات الاخرى، في الوقت الحالي وفي حالة ارتفاع مستوى البطالية الأمريكية سيكون السوق الأمريكي في منطقة الركود الاقتصادي بكل تاكيد، ولكننا لم نتاكد بعد.

أرتفاع التضخم مع وجود ركود او مع زيادة معدلات البطالة يعني أن السوق داخل منطقة التضخم الركودي، وهذه هي احد أسوأ أنواع الركود الذي يصيب الأسواق، والخروج من هذا النوع من المشكلات الاقتصادية يحتاج الى وقت أطول ويحتاج الى مجهود مضاعف من البنوك المركزية والحكمات معاً، الان أمريكا تشهد ارتفاع في مستويات التضخم، وفي حالة الركود سيكون الركود التضخمي مسيطر على السوق الأمريكي كما سيطر على السوق الأوروبي في الفترات الماضية.

 

التضخم الناتج عن زيادة تكاليف الانتاج وليس بسبب زيادة معدلات الطلب الكلي يكون تضخم سيء لأي اقتصاد في العالم، وهو النوع الذي يشهده العالم في الوقت الحالي، فبسبب ارتفاع تكاليف الانتاج وخاصة النفط في النصف الأول من العام الجاري كانت الشركات قد تضررت بقوة في الفترات الماضية، مما يعني أن التضخم لن ينتهي بسهولة كما توقع الخبراء في العام الماضي وهذا واضح الأن للجميع، استعادة وضع السوق مرة اخرى واستقرار عمليات التجارة الدولية تتطلب رجوع معدلات الطلب والعرض الى ما كانت عليه من قبل، وهذا لا يحدث بسهولة بعد ارتفاع الأسعار، وأرتفاع الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج يعني أنها لا تعود للوراء في علم الأقتصاد، فسيتم تحديد منطقة جديدة لتلاقي العرض والطلب على أسعار جديدة وستكون مستويات الأسعار أعلى من المستويات السابقة لالنسبة للسلع والخدمات.