Table of Contents
في اجتماعها المنعقد بتاريخ 5 فبراير 2025، قرّرت لجنة السياسة النقدية خفض سعر الفائدة البنكية بمقدار 0.25 نقطة مئوية ليصل إلى 4.5%، وذلك بأغلبية 7 أصوات مقابل صوتين. وقد فضّل العضوان المعارضان خفض سعر الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية لتصل إلى 4.25%. وفي ما يلي أبرز العوامل التي أخذتها اللجنة في الحسبان، فضلًا عن تصوّرها للمخاطر والتوجهات المستقبلية:
1. الموقف النقدي ودرجة التقييد
- استمرار التقييد النسبي: رغم أن خفض سعر الفائدة يشير إلى بعض التخفيف، فإن السياسة النقدية ما تزال في نطاق تقييدي واضح. ومع ذلك، تنوّعت وجهات نظر الأعضاء حول مدى بقاء مستوى التقييد ملائمًا أو كافيًا.
- دور “معدل الفائدة الحقيقي المتوازن على المدى الطويل (R)”:* أكّد بعض الأعضاء أهمية العوامل الدورية، لكنّهم أشاروا أيضًا إلى أنّ R* قد ارتفع بشكل طفيف منذ التقييم السابق في عام 2018، مع بقاء قدر كبير من عدم اليقين حيال مدى هذا الارتفاع.
2. التضخم وآفاقه المستقبلية
- تراجع مؤقت للتضخم: انخفض معدّل التضخم السنوي (CPI) إلى حوالي 2.5% في الربع الرابع من 2024. ومع ذلك، تتوقع اللجنة ارتفاعه مجددًا على المدى القريب ليصل إلى 3.7% في الربع الثالث من 2025، متأثرًا بعوامل مثل تكاليف الطاقة والأسعار المُنظّمة.
- العودة إلى 2% تدريجيًّا: على المدى المتوسط، ترى اللجنة أنّ التضخم سيعود إلى المستوى المستهدف (2%) مع انحسار الصدمات الخارجية، واعتدال نمو الأجور، وبقاء السياسة النقدية تقييدية بالقدر الكافي لكبح أي ضغوط تضخمية مستمرة.
3. النشاط الاقتصادي والنمو
- نمو ضعيف: تشير التقديرات إلى انكماش طفيف في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من 2024 بنسبة 0.1%، يتبعه نمو بنحو 0.1% في الربع الأول من 2025.
- ضعف ثقة الأعمال والمستهلكين: سجلت مؤشرات الثقة تراجعًا مقارنةً بالتوقعات السابقة. ومع ذلك، يُتوقع أن يشهد النمو تحسنًا بحلول منتصف هذا العام، بفضل سوق عمل بدأت تتجه نحو التوازن.
- تراجع الإنتاجية والسعة الإنتاجية: ترى اللجنة أن نمو الإنتاجية ظل أقل من المتوقع، وأن التباطؤ الأخير في الطلب أدى إلى هامشٍ ضئيلٍ من “الركود/الكساد” (Slack) في الاقتصاد، ما قد يجعل أي تعافٍ في الطلب أكثر قابلية لإثارة الضغوط التضخمية إذا عاد بقوة.
4. وجهات النظر داخل اللجنة
- أغلبية تدعم خفضًا بمقدار 0.25 نقطة مئوية: سبعة أعضاء رأوا وجود تقدّم ملموس في مسار انخفاض التضخم في الأسعار والأجور، وأن على السياسة النقدية الاستمرار في تخفيف القيود تدريجيًّا وحذرًا.
- رؤية إحدى المجموعات: تسلّط الضوء على أن التضخم في الأجل القصير قد يرتفع قليلًا، لكنّ تعمّق ضعف النشاط الاقتصادي وتراخي سوق العمل سيكبحان التضخم لاحقًا، ما يبرر النهج المتدرج في سحب التقييد النقدي.
- رؤية أخرى: تشير إلى استمرار بعض الضغوط في نمو الأجور والأسعار على المدى القريب؛ غير أنّ ضعف الإنتاجية يعكس محدودية العرض بالنسبة للطلب، ما يجعل تخفيف السياسة النقدية أمرًا ممكنًا ولكن بأسلوب حذر ومتدرج.
- عضوان يفضّلان خفضًا أكبر بمقدار 0.5 نقطة مئوية: ينطلقان من توقعات بانخفاض مطّرد في الضغوط التضخمية، سواء عبر الأجور أو الشركات، مع ضعف ملحوظ في طلب العمالة ونمو الأجور، إضافةً إلى تقييد قدرة الشركات على زيادة الأسعار.
- أحدهما يرى في اتخاذ خطوة أقوى إشارةً أكثر وضوحًا للظروف المالية المناسبة للمملكة المتحدة، لكن في الوقت ذاته يعترف ببقاء معدلات الفائدة في نطاق تقييدي لحين التأكد من تثبيت التوقعات التضخمية.
- الآخر يربط النظرة الحذرة للطلب بظروف التضخم المستهدف عند 2% في المدى المتوسط، رغم الارتفاع المؤقت في أسعار الطاقة المُنظّمة.
5. المخاطر والتوجهات المستقبلية
- النهج التدريجي في سحب التقييد: استنادًا إلى الرؤية الحالية للضغوط التضخمية والضعف الاقتصادي، ترى اللجنة أن الاستمرار في السياسة النقدية التقييدية لكن مع تخفيف مدروس هو المسار المناسب.
- عدم اليقين حول العرض والطلب:
- إذا ضعف الطلب على نحو أشدّ من توقعات اللجنة، فقد تتراجع الضغوط التضخمية وتسمح بمزيد من تخفيف السياسة النقدية.
- أما إن برزت قيودٌ أكبر في جانب العرض مقارنة بالطلب، فقد يستدعي ذلك مسارًا أكثر تشدّدًا في السياسة النقدية.
- المراقبة الدائمة للتضخم: أكّدت اللجنة أنها ستستمر في رصد تطورات التضخم، خصوصًا في ظلّ خطر بقاءه مرتفعًا، وستقيّم عند كل اجتماع مدى الحاجة إلى الاستمرار في النهج التقييدي أو تغييره لتحقيق مستهدف التضخم البالغ 2%.
6. النتائج والتصويت
- التصويت والقرار النهائي:
- 7 أعضاء (من بينهم: Andrew Bailey، Sarah Breeden، Megan Greene، Clare Lombardelli، Huw Pill، Dave Ramsden، Alan Taylor) أيدوا خفض السعر بمقدار 0.25 نقطة مئوية إلى 4.5%.
- عضوان (Swati Dhingra وCatherine L Mann) عارضا ذلك، مفضلين خفضًا أعمق بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 4.25%.
- الاعتبارات التشغيلية: في 5 فبراير 2025، بلغ حجم السندات الحكومية البريطانية المحتفظ بها لأغراض السياسة النقدية ما يقارب 646 مليار جنيه إسترليني.
الخلاصة
ترى لجنة السياسة النقدية أنّ الاقتصاد يمرّ بمرحلة تراجع في الضغوط التضخمية بالمجمل، وإن ظلّت بعض المؤشرات أعلى من مستوياتها طويلة الأجل. لذا جاء قرار خفض سعر الفائدة (من 4.75% سابقًا) إلى 4.5% كتخفيض محدود ضمن نهج حذر في “سحب التقييد النقدي” تدريجيًا.
ومع توقعاتٍ بارتفاعٍ قصير الأجل للتضخم، وتقلبات في النمو والإنتاجية، ستستمر اللجنة في تقييم الأدلة حول الطلب والعرض المحليين والعالميين قبل اتخاذ أي خطوات إضافية. وسيظل الهدف النهائي ضمان انحسار التضخم نحو مستوى 2% بشكل مستدام، مع الحفاظ على قدر من التقييد النقدي ما دامت هناك مؤشرات على احتمالات ارتفاع الأسعار أو الأجور بما يتجاوز المستويات المتوقعة.