تأثير النفط على الاقتصاد المصري؟

تأثير النفط على الاقتصاد المصري؟

بعد قرار اوبك + بخفض الانتاج العالمي من النفط خلال الاسبوع الماضي من المتوقع أن ترتفع أسعار النفط خلال الاشهر القادمة وبالفعل بدأت أسعار برميل النفط في الارتفاع بعد الاعلان عن القرار المفاجىء والذي لم يكن يتوقعه أحد في الوقت الحالي وسط أزمة الطاقة العالمية الحالية، وقد تداول اليوم برميل النفط عند مستوى 91 دولار للبرميل ومن المتوقع أن يرتفع فوق ال 100 دولار في الاشهر القليلة القادمة.

هذا القرار بكل تأكيد يضُر باقتصادات الدول المستوردة للنفط ومشتقاته ويفيد الدول المصدرة للنفط ومشتقاته كالغاز الطبيعي، ولكن المعاناة التي ستلحق العالم من ارتفاع أسعار النفط ستكون كارثية في بعض الدول كما يحدث في دول اوروبا في الوقت الحالي كما نعلم جميعا أن اوروبا لديها الان أزمة طاقة طاحنة قد تتسبب في دخول الاقتصاد العالمي في حالة من الركود بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج وبالتالي هذا يؤثر بقوة على اسعار المنتجات والتي لن تستطيع المنافسة في السوق بهذه الاسعار المرتفعة مما قد يؤثر على صادرات اوروبا بشكل عام.

في الوقت نفسه ستعاني دول كثيرة من التضخم بسبب هذا القرار وهي الدول المستوردة للمنتجات بشكل عام، وهو ما سيجعل من الازمة عالمية وليست محلية فقط في اوروبا ولكن ستعاني كل دولة بطريقة مختلفة، فمثلا في اوروبا الامر أشبه الان بال Stagflation أو ما يسمى الركود التضخمي، وهو أسوأ أنواع الظواهر الاقتصادية والتي يكون فيها الاقتصاد يعاني من انخفاض معدلات النمو والانتاج وفي الوقت نفسه تكون معدلات التضخم مرتفعة، وهو ما يحدث في الاقتصاد المصري أيضاً.

أما في الولايات المتحدة الامريكية فيعاني الاقتصاد من التضخم فقط وهو ما يجعل من الازمة الى الان أخف على الاقتصاد الامريكي الى حد كبير، ولكن في حالة استمرار الازمة وارتفاع تكاليف الانتاج من الممكن أن تعاني أمريكا أيضاً من هبوط معدلات النمو، الامر الذي سيزيد من حدة الازمة.

اما باقي دول العالم كلها فستتأثر بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج وهبوط معدلات الطلب الكلي العالمي، في حالة كانت الدولة مصدرة للبترول فهذا بكل تأكيد سيحقق نوع من التوازن في الميزان التجاري لديها الخاص بالصادرات والواردات، ولكن سيكون التضخم مصاحباً لاقتصاداتها أيضاً، الامر الذي لا يزعج الدول المصدرة للنفط كثيراً لان الوفرة في الدخل الحكومي يجعلها مطمئنة على حد كبير، وهذا أيضاً يحدث في الاقتصاد المصري بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وتحقيق نوع من التوازن في الميزان التجاري المصري.

اما الدول المستوردة للغاز فستكون السبب الرئيسي للأزمة العالمية أو الركود الاقتصادي العالمي الذي يلوح الان في الافق، في حالة تحقق الامر ودخل الاقتصاد العالمي في تباطؤ بالفعل فستطور الازمة كل دول العالم، وستتأثر التجارة الدولية الامر الذي سيدفع كثير من الدول الى حافة الهاوية بسبب اعتماد معظم دول العالم على التجارة الدولية في العصر الذي نعيشه.

انتقد القرار كثيراً من الحكومات ومنها حكومة الولايات المتحدة الامريكية والتي وصفت القرار بأنه صادر عن عصابة تتحكم في أسعار الطاقة في العالم، ولكن جاء الرد من أعضاء منظمة الاوبك بأنه قرار يحافظ على نظام تسعير النفط العالمي، كل جانب الان يحاول أن يسيطر على الازمة من جانبه، ولكن ارتفاع أسعار النفط تؤثر كثيراً على الاقتصاد العالمي لان تكاليف الانتاج كما ذكرنا ترتفع مع ارتفاع النفط مما يؤدي الى مزيد من التضخم وبالتالي انخفاض الطلب على المنتجات بسبب زيادة أسعارها، الامر الذي يعني هبوط سوق الاسهم العالمي بسبب عدم تحقيق عوائد مالية جيدة بالنسبة للشركات الى جانب أن رفع معدلات الفائدة للسيطرة على التضخم يضر أسهم الشركات أيضاً بسبب اعادة عمليات تقييم أسعار الاسهم على فائدة مرتفعة وهو ما يحدث في قطاع التكنولوجيا الان والذي هبط أكثر من 35% في الولايات المتحدة الامريكية منذ بداية العام الجاري.

يجب الان على المستثمرين أن يلجأوا الى الملاذات الامنة ضد المخاطر المحتملة لذلك من الممكن أن نشهد ارتفاعات قادمة في سوق الذهب والفضة في حالة خروج الوضع عن السيطرة خلال الاشهر القادمة، في حالة دخول الاسواق في حالة من الركود ربما تهدأ أسعار النفط قليلاً أسفل مستويات ال 100 دولار، وهذا ما يراه أعضاء اوبك+ على كل حال.