كما ذكرنا من قبل، فأن لعبة كرة القدم تشابه بشكل كبير لعبة التداول في الأسواق المالية. واليوم سنتحدث عن أحد أهم الدروس المستفادة من مباراة برشلونة وليفربول. أنت لست في حاجة لأن تكون جيدًا بشكل مستمر لتربح، البطل يربح باستمرار، سواء كان أداءه مثالي أو عادي، الأهم من كل هذا هو الفوز. فترى ليفربول مسيطر تمامًا على المباراة، ولكن الأهداف تأتي فقط في شباكه. والمضارب المحترف يفعل تمامًا مثلما تفعل برشلونة، فمن الممكن أن يخسر أكثر من صفقة، ويكون أداء توقعاته ضعيف في فترة ما، ولكن بإدارة رأس ماله تجد أن أرباحه تزيد باستمرار.
الفوز أو الربح يتطلب تفكير مختلف، انظر كيف كانت برشلونة ضعيفة، ولكن لم يفقد لاعيبيها الثقة في أنفسهم، لم ينهزموا نفسيًا، ولم ينهاروا تحت ضغط المنافس المستمر، لم يفقدوا هويتهم كونهم أبطال، وأن الضغط الحالي طبيعي ومتوقع، ولكن الأهم هو أن نفوز في النهاية. ولكي تصل إلى هذه المرحلة من التفكير، فأنت تحتاج أن تكون ميسي في التداول. وهذا ليس شئ مستحيل، ولكنه صعب بكل تأكيد.
هناك في مجال الاستثمار أيضًا مستثمرون لا يفقدون الثقة أبدًا في أنفسهم، أو في خطط التداول أو الاستثمار، مثل وارين بافت، فهو يربح باستمرار، وتجد البورصات العالمية كلها تهبط بشكل جماعي، وهو لا يهتز ولا يفقد الثقة، فهو يعرف جيدًا أنه ماهر في عمله، وأنه محترفًا بشكل يمكنه من الفوز.
كلاً من ميسي وبافت متشابهان فيما يخص الحالة النفسية ومستوى التفكير، ولكن كلاً في مجاله. ميسي يعرف أن المباراة عبارة عن تسلسل من الفرص، والهدف قد يأتي في أي لحظة في الـ90 دقيقة، لذلك ينصب تفكيره دائمًا على المحاولة المستميتة في الاستفادة من أنصاف الفرص، يركز دائمًا على أن يخرج بالفرصة بأكثر أرباح ممكنة. وهذا يحدث في التداول أيضًا، فالتداول عبارة عن تسلسل من الفرص، قد تأتي لك الفرصة الأمثل في أي لحظة، الأهم ألا تفقد تركيزك وتحاول أن تتعامل مع كل لحظة على أنها لحظة منفردة وجديدة. انظر كيف تعامل ميسي مع كرة الفاول التاريخي الذي وضعها في شباك ليفربول في آخر المباراة، كيف استطاع ميسي أن يكون في هذا المستوى من التركيز بعد ضغط المنافس عليه لمدة 80 دقيقة، ستعرف ماذا يجعل من ميسي أسطورة كرة القادم المعاصرة.
إنها ليست المهارة في التكنيك، ولكن هي المهارة في تحمل الضغط النفسي، فكلما كنت معرضًا للانفعال، قل التركيز. الانفعال والتركيز دائمًا ما تكون العلاقة بينهما عكسية، وهذا ما يفعله المضارب المحترف دائمًا، هو لا يلوم السوق عندما يخسر صفقة ما، ولا يلوم الآخرين، وإنما يعرف جيدًا أن الخسارة جزء من اللعبة، ولكنه سيربح في النهاية، لأنه يستطيع تحمل الضغوط النفسية باستمرار، ولا يفقد تركيزه. فعندما تأتي الفرصة يراها بشكل واضح لأنه في حالة مزاجية تساعده على أن يرى الأشياء بتركيز.