هذا تغيير في النظام وليس حول ما إذا كان سيحدث الركود في الاقتصاد أم لا. لذلك ليس من المنطقي بالنسبة للمستثمرين أن ينتظروا حتى يتم تحسن الاقتصاد العالمي ورجوع التضخم لما كان عليه، فهذا يعني ان رؤوس الأموال قد تنتظر كثيراً بدون أرباح وهو مالا يقبله مديروا الصناديق أو المؤسسات المالية الكبيرة على أية حال، نعتقد انه يجب على المستثمرين السعي لتحييد التعرض للمخاطرة القادمة من الاقتصاد والسياسات النقدية، بمعنى أن تكون الاستثمارات غير متأثرة بقوة بما يخص القرارات الاقتصادية كالاسهم التي تعتمد على التمويل البنكي مثلا في ظل ارتفاع مستويات الفائدة بهذا الشكل. نرى مجالًا أكبر للتفوق على السوق الآن مما كانت عليه الاسواق قبل ذلك.
أيضاً قيود الإنتاج كثيرة. وتواجه البنوك المركزية مقايضات أكثر صرامة في مكافحة التضخم، ولكنها لا تستطيع الاستجابة للنمو المتعثر كما كان يحدث سابقاً بخفض معدل الفائدة سريعاً خوفاً من التضخم. نعتقد أن هذا يؤدي إلى نطاق أوسع للتوقعات الخاصة بالاسواق. على سبيل المثال، تقديرات المحللين ل أرباح الأسهم المستقبلية لمؤشر S&P 500 هي أكثر تفرقا الآن مما كانت عليه قبل الوباء، وفقا لبيانات LSEG. فالمحللين لديهم صعوبة في قراءة الأرباح المستقبلية. لذلك من المرجح أن تكون الرؤية الكلية كذلك محيرة للمستثمرين. ومع ذلك، نعتقد أن المستثمرين بحاجة إلى ذلك التنبيه الخاص بالمخاطر المحيطة بالاقتصاد الكُلي في النظام الجديد. أولاً، تتأقلم الأسواق ببطء مع الوضع، ارتفاع التضخم هيكليا مع أسعار الفائدة سيتعود عليه المستثمرين ببطأ هذا في حالة صدقت التوقعات واستمر الوضع لمدة زمنية أطول، ولكن أيضاً هذه التوقعات متفاوتة.
ارتفعت عائدات السندات الحكومية لأجال 10 سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية هذا العام إلى أعلى مستوياتها في 16 عاما حوالي 5% مثلا.لكن معظم عوائد الأسهم لم تحقق الكثير للمستثمرين مما يجعل المستثمرين حذرين في التعامل مع أسواق الأسهم الأن خاصة اذا كان هناك ركود محتمل. ثانياً، انخفاض النمو هيكلياً وارتفاع الأسعار يشكل مشكلة تضخم ديون الحكومة الأمريكية. لو تكاليف الاقتراض ظلت مرتفعة الفائدة بالقرب من 5٪، ستضطر لحكومة إنفاق المزيد على مدفوعات الفائدة الخاصة بالرعاية الطبية في بضع سنوات. هذا يزيد من خطر الارتفاع على المدى الطويل بالنسبة للتضخم خاصة وأن البنوك المركزية أصبحت أقل عدوانية في التعامل مع التضخم تخوفاً من الركود المحتمل. ونشهد أيضًا ارتفاعًا في أقساط التأمين. الى جانب الكثير من نفقات الحكومة الأمريكية الأمر الذي يضغط على الموازنة العامة والدين العام للولايات المتحدة الأمريكية.
خلاصة القول ان الاستثمار الأن بالنظر الى الحالة الاقتصادية العامة أو بمعنى ادق بالنظر الى الاقتصاد الكُلي ومؤشرات التضخم والبطالة والنمو قد يكون محير جداً للمستثمرين والتوقعات متباينة بشكل كبير، لذلك يجب ومن الافضل ان ترتكز التوقعات والتحليلات على الشركات التي قد تستفيد من هذا الوضع القائم بدلاً من التركيز زيادة مع المخاطر القادمة من الاقتصاد الكُلي. في هذه الحالة فقط من الممكن أن يتغلب المستثمر على الوضع الراهن في الاقتصاد العالمي ومن ثم الاستفادة من الفرص القادمة.
بدون ادنى شك هناك مخاطر مرتفعة فيما يخص الأسواق المالية بسبب ارتفاع عوائد السندات والتي تاتي من ارتفاع معدلات الفائدة ولكن حتى مع استمرار الفائدة عند المستويات الحالية يمكنك تحقيق عائدات افضل في حالة انتقاء الأسهم التي ستستفيد من الوضع الراهن والأكثر من ذلك تستفيد من هبوط اسعار الفائدة في حالة قرر الفيدرالي خفض الفائدة هذا العام. ولكن الى أن يحدث ذلك يجب أن تعرف انه هناك مخاطر ويجب ان تدرس كيفية التغلب عليها بتنويع محفظتك الاستثمارية بطريقة جيدة. في المقال القادم سنتحدث عن كيفية موازنة الاستثمارات والمخافظ الاستثمارية للحصول على أفضل النتائج من الوضع الراهن في الاقتصاد العالمي. اما فيما يخص التداول على المدى القصير فالمستثمر من الممكن أن يستفيد من التحركات القوية التي تحدث الأن في الأسواق بشرط دراسة الصفقات جيداً وتحديد مصادر المخاطر الخاصة بها، فعلى الرغم من الحالة الاقتصادية العامة الا اننا نرى تحركات قوية في أسواق العملات مثلاً حيث هبط الدولار امام اليورو والين خلال هذا الاسبوع بقوة الى ان وصل سعر اليورو امام الدولار الى مستوى 1.07657 ومن المحتمل أن يشهد الزوج مزيد من الارتفاعات خلال الأيام المقبلة، ايضاً الين الياباني استفاد من التدخل الحكومي لبنك اليابان والذي قام بضخ سيولة دولارية تقارب ال 60 مليار دولار للسيطرة على سعر الصرف مما ادى الى هبوط الدولار امام الين الياباني الى مستوى 152.799 بعد أن تداول بالقرب من مستوى 160 ين للدولار الواحد.