تشهد أسواق المال العالمية تقلبات حادة ومتواصلة وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتصريحات المتناقضة من المسؤولين الأميركيين، مما يزيد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين.
في تطور لافت، سجّل مؤشر S&P 500 أكبر تقلب داخلي خلال الجلسة منذ الأزمة المالية في نوفمبر 2008، حيث تراجع بنسبة 4.71% في بداية جلسة الاثنين، قبل أن يرتفع بشكل مفاجئ بنسبة 3.40% خلال 35 دقيقة فقط، ما يعكس حجم التذبذب الكبير في المزاج الاستثماري.
وتأتي هذه التحركات الحادة في ظل تهديدات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 50% على الواردات الصينية، في حال لم تتراجع بكين عن رسومها الانتقامية التي بلغت 34%. وأوضح في منشورات متتالية على منصة “تروث سوشيال” أن جميع المحادثات مع الصين سيتم إلغاؤها إذا لم تستجب لمطالبه، كما لوّح ببدء مفاوضات فورية مع دول أخرى.
وفي تطور، أكد البيت الأبيض أن الرسوم الجمركية الأميركية على الصين قد تصل إلى 104% في حال تم تنفيذ التهديدات الأخيرة، حيث أعلن ترامب سابقًا فرض رسوم بنسبة 34% على الواردات من بكين، إضافة إلى الرسوم القائمة بالفعل بنسبة 20%، كما هدّد برفعها بـ50% إضافية ما لم تتراجع الصين عن رسومها الانتقامية البالغة 34%.
ورغم تداول شائعات عن نية الإدارة الأميركية تعليق الرسوم الجديدة لمدة 90 يوماً، وهو ما ساهم مؤقتاً في صعود مؤشرات الأسهم، إلا أن البيت الأبيض سارع إلى نفي هذه التقارير واصفاً إياها بأنها “أخبار كاذبة”.
ومع استمرار التصريحات النارية، شهد مؤشر Dow Jones ارتفاعاً مؤقتاً مع بداية الجلسة قبل أن يعود للهبوط لاحقاً. ويعكس هذا التذبذب حالة التوتر في الأسواق، حيث تتفاعل بسرعة مع كل خبر أو تغريدة قد تؤثر على مسار العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
على صعيد العلاقات التجارية مع أوروبا، حثّ اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ترامب على قبول عرض رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بإلغاء الرسوم على السلع الصناعية بين الطرفين، في خطوة قد تخفف من التوتر عبر الأطلسي.
وفي منشور له على منصة “تروث سوشيال”، شدد ترامب على أن خسارة الولايات المتحدة 1.9 تريليون دولار في التجارة أمر “غير مستدام”، مضيفًا أن أميركا لا يمكنها أن تستمر في خسارة المال على التجارة وفي الوقت نفسه تتحمل تكاليف حماية أوروبا عبر الناتو.
كل هذه المستجدات تزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق، مع تصاعد مخاوف المستثمرين من دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة اضطراب جديدة، مما ينعكس بوضوح على تقلبات الأسهم والعملات والمعادن الثمينة في الوقت الراهن.