بعدما تسابق المستثمرون على شراء الإسترليني ودفعوه إلى 1.3654 في الشهر الماضي بناء على توقعاتهم بأن المركزي البريطاني سيرفع الفائدة قريبا بسبب ارتفاع التضخم وأن التحسن سيسود المفاوضات البريطانية الأوروبية فقاموا بالتخلي عن تلك الآمال سريعاً
فسرعان ما تبدد هذا الزخم الصاعد بتصريحات متضاربة من رئيس البنك البريطاني وعدة أعضاء وسرعان ما استوعب السوق بأن ارتفاع الإسترليني قد سعر رفع معدل الفائدة الذي كان يتوقع أن يكون مرة واحدة فقط لكبح التضخم لا أكثر
اليوم جاءت تصريحات نارية من رئيس اتحاد الصناعات الألمانية بأن بريطانيا ستتعرض لخروج صعب من الاتحاد الأوروبي وأن الصناعيين عليهم أن يستعدوا لذلك
و يضاف أنه خلال الأيام الماضية صرح ديفيد ديفيز وزير البريكست بأنه من الممكن أن لا يتم التوصل لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي ومن الممكن أن لا تحصل بريطانيا على مزايا أو اتفاقات مع الكيانات الأوروبية منفردة
هذه التصريحات تأتي بعد فشل الجولة الرابعة من المباحثات البريطانية الأوروبية بشأن رسم ملامح مستقبل العلاقة بين الطرفين
هذا الفشل وآثاره جعلت السوق يعود لتسعير الضرر الذي قد يلحق بالاقتصاد البريطاني في حال لم تحصل على ضمانات مرور بضائعها وخدماتها دون رسوم إلى الجانب الأوروبي التكتلي.
هنا نقول أن الوقت لعبة السياسيين ونحن ما نزال بعيدين عن مارس 2019 الموعد المقرر للخروج رسميا من الاتحاد
ونرى أن تقلبات الإسترليني بين الشد والجذب أمر متوقع حيث ذكرنا ذلك مراراً بأن مسار المفاوضات كفيل بإحداث تقلبات
وأما عن الأرقام فما يزال الاقتصاد البريطاني ينمو بشكل مقبول وصحيح أنه أقل من وتيرة نمو الأعوام الماضية ولكنه مقبول في ظل المخاوف من خروجه من الاتحاد الأوروبي
مؤشر مدراء المشتريات للقطاع الصناعي سجل 55.9 وللقطاع الخدمي سجل 53.6 وهي مستويات جيدة من النمو إلا أن الضرر كان واضحاً في بيانات قطاع الانشاءات الذي انكمش في سبتمبر وسجل 48.1 وهو أقل مستوى منذ العام الماضي عندما تأثر الاقتصاد بصدمة تصويت الخروج من الاتحاد
أي هي المستويات الهامة للاسترليني التي قد توقف نزيفه؟
الإسترليني سجل أقل مستوى في سبتمبر عند 1.2891 وأما أقل مستوى في الربع الثالث فكان عند 1.2772 ولذا فإن اختبار هذه المستويات أو الاقتراب منها ممكن وقد يتوقف هذا الهبوط هناك ويعود للارتفاع في حال ظهور مستجدات جيدة تدعم ذلك
ولا ننسى أن المفاوضات كفيلة بإيقاد التذبذبات.
نورس حافظ
كبير استراتيجي الأسواق