لماذا أفلس بنك سيليكون فالي وهل بدأ الإعصار الاقتصادي العالمي؟

لماذا أفلس بنك سيليكون فالي وهل بدأ الإعصار الاقتصادي العالمي؟

لماذا أفلس بنك سيليكون فالي وهل بدأ الإعصار الاقتصادي العالمي؟

شهدت الأسواق خبر مفزع خلال الأيام الماضية وهو خبر إفلاس بنك سيليكون فالي في الولايات المتحدة الأمريكية والذي تم وقف نشاطه من الهيئة المختصة بعدما هبطت أسعار السهم بنسبة 65% تقريباً.

البنك ومستثمري التكنولوجيا:

كان هذا خبر مفزع لمستثمري التكنولوجيا بالأخص لأن البنك يعد أحد أكبر بنوك التمويل للشركات الناشئة وبالأخص شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية، كانت إيداعات تلك الشركات في البنك ما يقارب الـ 209 مليار دولار مما أدى الى هزة كبيرة في أسواق الأسهم والذهب خلال افتتاح الأسواق اليوم، ومن المحتمل أن يشهد السوق الأمريكي مزيد من الهبوط العنيف بسبب خوف المستثمرين من تكرار سيناريو 2008 خلال العام الجاري بما أن الافلاسات البنكية قد تؤدي الى مزيد من الهلع ومن ثم مزيد من إفلاس الشركات الأخرى.

 

القطاع المصرفي الأمريكي:

يشهد القطاع المصرفي الأمريكي الآن حالة من الترقب والخوف بالنسبة للمستثمرين بسبب خوف المستثمرين ورجال الاقتصاد من احتمالات تدافع المودعين على سحب ودائعهم، خاصة الغير مؤمنة من الشركات والحكومة الأمريكية، وذلك بسبب أن الحكومة الأمريكية وشركات التأمين تقوم بتأمين المبالغ المالية دون 250 ألف دولار فقط، مما يعني أن أي إيداع نقدي داخل القطاع المصرفي أعلى من هذا المبلغ فهو غير مؤمن عليه، وهو ما حدث مع بنك سيليكون فالي والذي كانت 85% أو أكثر من أموال المودعين فيه أعلى من الحد المذكور، مما يعني أن ما يقارب الـ 90% من المودعين لن يسترجعوا أموالهم من شركات التأمين ما لم تقوم الحكومة الأمريكية بإيجاد حل لهذه المشكلة الضخمة.

كيف أفلس البنك؟

القصة ترجع الى عامين عندما انتهى فيروس كورونا وبدأت الأسواق مع نهاية مارس 2020 في الارتفاع مجدداً، حيث شهد قطاع التكنولوجيا أثناء أزمة كورونا رواج كبير بسبب إقبال الناس على وسائل التكنولوجيا أثناء الحجر الصحي، مما أدى الى تدفقات نقدية استثنائية لهذه القطاع، وهو ما دفع أسهم التكنولوجيا الى الارتفاع بقوة خلال الأعوام الماضية حيث شهد مؤشر ناسداك ارتفاع بنسبة 151% من مارس 2020 إلى نهاية 2021. ما دفع بنك سيليكون فالي الى الرواج أيضاً لأن معظم شركات التكنولوجيا تتعامل مع هذا البنك، زادت إيداعات البنك بقوة مما أدى الى فوائض مالية كبيرة لدى البنك وهو ما دفع البنك إلى الحاجة الملحة لاستثمار هذه المبالغ الضخمة لكي يستطيع تدبير اموره المالية بشكل ناجح.

 

سيليكون فالي ومعدلات الفائدة:

نعرف جميعاً أن البنك يقوم على فكرة الايداع والاقراض، ولكن لأن شركات التكنولوجيا في هذه الفترة كان لديها فوائض مالية كبيرة فلم تكن عملية الإقراض تسير بالشكل الذي يريده البنك، وهذا الفائض النقدي لدى البنك كا لابد أن يتم استثماره بشكل أمن لكي يستطيع البنك تحقيق التوازن بين كمية النقد لديه و العوائد الربحية المحتملة منها، ولكن كانت معدلات الفائدة البنكية في هذه الفترة تتراوح بين 0 الى 1%، بسبب خفض الفيدرالي معدل الفائدة مع انتشار جائحة كورونا خوفاً من الركود ، 

ما دفع البنك الى شراء سندات حكومية بعائد أعلى قليلاً 2% ولكن على مدى زمني أطول، وهو ما يعد نوع من أنواع المخاطرة لأن هذه السندات تكون مستحقة الدفع بعد مدد زمنية أطول من سنة، وهذا نوع من المخاطر بالنسبة للبنوك في حالة زيادة الطلب على الإيداعات النقدية من المودعين، ولكن في الأحوال الطبيعية لا يكون هناك حاجة الى زيادة الطلب بشكل مفاجىء من المودعين بالشكل الذي يضطر فيه البنك الى تسييل السندات في غير وقتها، إلا أن هذا هو ما حدث بالفعل بسبب رفع الفيدرالي لمعدل الفائدة البنكية.

 

السندات الحكومية والبنك:

مع رفع الفائدة البنكية من الفيدرالي أصبحت العوائد المالية للسندات طويلة الأجل أقل من العوائد قصيرة الأجل، ما يسمى انعكاس العائد على السندات، وهي اشارة من اشارات الركود الاقتصادي، وفي الوقت الحالي قرر البنك لتلبية حاجة المستثمرين فك السندات طويلة الأجل لكي يستطيع التعامل مع الطلب النقدي، مما أدى الى خسائر مالية للبنك تقارب ال 2 مليار دولار تقريباً، ولكن تسرب الخبر أن البنك لديه مشكلة في السندات وبالتالي مشكلة في السيولة البنكية مما أدى الى ازدياد الطلب على الأموال المودعة لدى البنك وهو ما تسبب في أزمة أدت الى إفلاس البنك. هذا ببساطة ما حدث مع بنك سيليكون فالي.

هلع الأسواق:

في الوقت الحالي تشهد الأسواق نوع من الخوف والفزع بسبب أن معظم مودعي هذا البنك هي شركات ناشئة في قطاع التكنولوجيا مما يعني احتمالات إفلاس هذه الشركات أيضاً بالتابعية أو أن البنك قد يضر بالقطاع المصرفي ذاته فهذا يعد ثاني أكبر إفلاس مصرفي بعد إفلاس بنك ليمان براذرز في عام 2008 أثناء أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي هو جرس انذار قوي للمستثمرين، أدى هذا الى هبوط سوق الأسهم مع الافتتاح بنسبة 3% تقريباً، وعلى الجانب الأخر ارتفع الذهب بقوة مع الافتتاح ليصل إلى مستوى 1880 دولار للأونصة وهذه اشارات الى اتجاه المستثمرين الى التحوط ضد المخاطر المحتملة في الأسواق خوفاً من المرحلة القادمة.

 

الحلول البديلة:

هناك حديث عن امكانية عرض الحكومة الأمريكية البنك للبيع وبالتالي الحفاظ على اموال المودعين لدى البنك، ولكن بالنظر الى التاريخ وما حدث في 2008 ورد فعل الحكومة على الانهيارات التي كانت تحدث فمن الصعب جداً إنقاذ هذه المؤسسة ما لم يكن هناك مستثمر خاص يريد شراء البنك في الوقت الحالي وتعويض الخسائر وبالتالي يقوم البنك نشاطه مرة أخرى.

 

هل ستتحرك الحكومة الأمريكية؟

لن تقوم الحكومة الأمريكية لإنقاذ البنك خاصة وأنها تعاني بقوة من احتمالية عدم سداد الديون في الوقت المحدد لها بسبب ارتفاع سقف الدين الأمريكي وعناد الكونجرس في رفع الحدود على امكانية الاقتراض مرة اخرى لسد الديون القديمة، الحكومة الأمريكية الأن في حالة لا تحسد عليها بسبب الركود المحتمل والذي يقف عائق في التدفق النقدي الضريبي لديها إلى جانب زيادة الحاجة الى الانفاق الحكومي لدفع الاقتصاد إلى الأمام في حالة الركود المنتظرة، كل هذا يجعل من فكرة إنقاذ البنك فكرة مستبعدة إلى الآن على الأقل.