في الايام الماضية كانت أهم اخبار الصادرة الخاصة ببورصة الولايات المتحدة الامريكية تتلخص في الهجوم الكاسح للشباب الامريكي على صناديق الاستثمار الامريكي من خلال منصات التداول والتي كانت اشهرها في الفترة الماضية منصة روبن هوود والتي رفعت شعار الاستثمار للجميع، وكانت تلك المنصة تمكن كثير من المضاربين ممن ليس لهم أية خبرات في التعامل في سوق المال أو البورصة من التداول في سوق المال، ولكن تم استغلال منصات التداول بشكل غريب جداً وهو أن المضاربين الشباب اصبحوا يرفعون القيمة السوقية لشركات ليس لها قيمة سوقية من الاساس، كما هو الحال في شركة Game stopوالتي كانت على وشك الافلاس بسبب التخبط المالي للشركة العام الماضي بسبب تبعات فيروس كورونا.
ولكن الملاحظ هنا هو الكره الشديد من هؤولاء الشباب للرأسمالية الامريكية، والنظام المالي الامريكي والذي دائماً ما يصور بنوك وول ستريت بأنهم الشياطين الذين يأكلون اموال الشعب الامريكي وكان من اهم المحرضين والمصقفين لهذه الخطوات رجال الاعمال ايلون ماسك وروبيرت كيوساكي الذين غردوا بأنهم يشجعون بقوة الهجوم على صناديق الاستثمار في وول ستريت في اشارة الى الخسارات الضخمة التي تكبدتها بعض صناديق التحوط الامريكية بسبب ما عُرف بقضية Game stop .
الرأسمالية والاشتراكية :
كما نعرف أن النظام الاشتراكي مبني على اشتراك الدولة في النظام الاقتصادي اما النظام الرأسمالي فهو نظام يهدف الى ترك الساحة الاقتصادية للمستثمرين ليديروا هم الاقتصاد في الدولة ومن ثم تحقيق نتائج افضل، وقد اثبت التاريخ ان النظام الرأسمالي افضل من النظام الاشتراكي من حيث النتائج المالية على الرغم من المعاناة التي قد يتكبدها العاملون داخل النظام الرأسمالي.
فبسبب الاغتناء الفاحش الذي يتسبب فيه النظام الرأسمالي لطائفة من الناس وهم المستثمرين فتجد دائماً احساس بالطبقية بين الشعب ورجال الاعمال في الدول الرأسمالية ودائما يرى العاملون في النظام الرأسمالي انهم مهدور حقهم وأن اصحاب الاعمال دائماً ما يحصلون على القطعة الثروة في حين انهم هم من بنوا تلك الثروة في الاساس.
ولكن عندما تبحث في الامور بشىء من العمق فتجد أنه ان لم يكن هناك ثروة ورجال اعمال فما كان هناك عاملون من الاساس، تخيل ان النظام الرأسمالي لم يكن موجود فهنا كانت ستظل الدول جميعاً فقيرة وذلك لان التاريخ أثبت أن الدولة رجل اعمال فاشل ولكنها قد تكون مراقب ناجح، الرأسمالية هي التي بنت الولايات المتحدة الامريكية، وهي التي بنت اوروبا الحديثة، وان لم يكن هناك رجال اعمال يخوضون رحلة المخاطر لبناء الثروات لما كان هناك اقتصاد قوي في الولايات المتحدة من الاساس، ربما لا يعي ذلك الجيل الجديد من الشباب في الولايات المتحدة الامريكية وربما لديهم حق بسبب القيود المالية الامريكية والتي تعتبر من اقوى القيود في العالم على التعامل بالمال ولكن لا يستطيع احد انكار النتائج المبهرة للنظام الرأسملي في الولايات المتحدة الامريكية على الرغم من المعاناة التي يتكبدها اصحاب الدخول البسيطة والمعاشات في الولايات المتحدة الامريكية خاصة بعد الازمات المالية كما حدث في 2008.
بلاش شك متعاملون بورصة امريكا او ما يسموا برجال وول ستريت هم الطائفة الاطمع على مدار التاريخ، ولكن الطمع في النهاية شهوة بشرية موجودة لدى جميع البشر، والعمل داخل اسواق المال يُدار بالطمع والخوف معاً، والطمع ليس سىء في كل الاوقات، فالشركات تقوم على مبدأ الطمع وان لم تفعل فستفشل بكل تأكيد، الشركات عندما تطمع في تحقيق اعلى عائد ربحي فهذا يعني ان العاملون في تلك الشركة سيكون لهم مستقبل افضل في حالة زيادة مكاسب تلك الشركة، وتدور هذه الدائرة باستمرار، وستظل كما هي في المستقبل، فهناك شركات تنتهي واخرى تخرج الى النور وهذا هو افضل ما في النظام الرأسمالي من الاساس، هو الافكار والانشاء الجديد للشركات واستمرار وجود روح التنافس والمخاطر بين الافراد وهو ما يدفع الدول الى التقدم، ان لم يكن هناك رأسمالية لما تمكنت شركات ك جوجل وفيس بوك ومايكروسوفت وتيسلا وامازون وغيرهم من النهوض بالاقتصاد الامريكي، فتلك الشركات منهم من وصل الى رأس مال أكثر من تريليون دولار، وهو بلا شك في صالح الاقتصاد والافراد معاً.