Table of Contents
دخلت الولايات المتحدة في إغلاق حكومي جديد بعد فشل الكونغرس بمجلسيه في تمرير قانون الإنفاق للسنة المالية الجديدة، وهو ما أدى إلى توقف تمويل العديد من الوكالات الفيدرالية وبدء تعطيل آلاف الموظفين الحكوميين. هذه الأزمة ليست الأولى، لكنها تأتي في وقت حساس اقتصاديًا، حيث ما تزال الأسواق تترقب قرارات الاحتياطي الفيدرالي وسط تباطؤ في النمو وتراجع الثقة.
سبب الخلاف بين الحزبين
السبب الجوهري لهذا الإغلاق يتمحور حول خلاف سياسي واقتصادي بين الجمهوريين والديمقراطيين على بنود الموازنة:
- تمويل برامج الرعاية الصحية
- الديمقراطيون يسعون لتمديد الدعم الضريبي المخصص لتغطية أقساط التأمين الصحي ضمن قانون الرعاية الميسّرة (ACA)، بهدف حماية ملايين الأمريكيين من فقدان التأمين أو ارتفاع تكلفته.
- الجمهوريون يرفضون استمرار هذا الدعم بحجّة أنه يرفع عجز الميزانية، ويضغطون لخفض حجم الإنفاق العام وإعادة هيكلة بعض البرامج.
- حجم الإنفاق الحكومي الكلي
- الجمهوريون يطالبون بخفض جذري في مخصصات عدد من الوكالات والبرامج الفيدرالية، معتبرين أن الإنفاق المفرط يفاقم الدين العام.
- الديمقراطيون يدافعون عن إبقاء مستويات الإنفاق لضمان استمرار الخدمات الأساسية ودعم الفئات الضعيفة.
- ملف الاقتطاعات أو الاسترجاعات (Rescissions)
- بعض الجمهوريين طالبوا بإلغاء أجزاء من الاعتمادات التي صُرفت سابقًا، وهو ما اعتبره الديمقراطيون وسيلة للالتفاف على الموازنة المُقَرّة سابقًا.
التأثيرات الاقتصادية المتوقعة
1. النمو الاقتصادي
- تقديرات البيت الأبيض تشير إلى أن كل أسبوع من الإغلاق قد يكلف الاقتصاد نحو 15 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي.
- إذا استمر الإغلاق لمدة شهر، قد يفقد الاقتصاد الأمريكي ما يقارب 0.6 – 0.8 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي.
2. سوق العمل والدخل
- أكثر من 800 ألف موظف فيدرالي يتأثرون مباشرة (إجازة إجبارية أو عمل دون أجر مؤقت).
- تعطّل الرواتب يقلص الإنفاق الاستهلاكي ويؤثر على متاجر التجزئة، الخدمات، والإيجارات.
3. الأسواق المالية والثقة الاستثمارية
- حالة الغموض السياسي تزيد من تقلبات الأسواق وتضعف ثقة المستثمرين.
- وكالات التصنيف الائتماني مثل Scope الأوروبية حذّرت من أن استمرار الإغلاق يمثل عاملًا سلبيًا لتصنيف الجدارة الائتمانية للولايات المتحدة.
4. البيانات الاقتصادية وصناع القرار
- تقارير أساسية مثل بيانات الوظائف والتضخم قد تتأخر بسبب توقف عمل بعض الوكالات مثل مكتب إحصاءات العمل.
- هذا يضع الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب لاتخاذ قرارات مبنية على بيانات غير محدثة.
5. الخدمات العامة والمشاريع
- تأخيرات في القروض الفيدرالية للمشاريع الصغيرة، ومنح البحث العلمي، والتراخيص الصناعية.
- تعطّل أو تباطؤ في مشاريع البنية التحتية التي تعتمد على موافقات أو تمويل فيدرالي.
6. البرامج الاجتماعية
- برامج مثل الضمان الاجتماعي (Social Security) والرعاية الصحية للمسنين (Medicare) ستستمر كونها ممولة بقوانين إنفاق إلزامية، لكن خدمات الدعم الإداري للمستفيدين قد تتأخر.
الإغلاق الحكومي الحالي يعكس حالة الاستقطاب السياسي الحاد بين الحزبين الأمريكيين، حيث يتم استخدام الميزانية كأداة ضغط لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية متعارضة. في حين يسعى الديمقراطيون لحماية برامج الرعاية الاجتماعية وضمان تمويلها، يصر الجمهوريون على تقليص العجز وخفض حجم الحكومة.
اقتصاديًا، كلما طال الإغلاق زادت كلفته على النمو، على ثقة الأسواق، وعلى صورة الولايات المتحدة المالية أمام العالم. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريب، فإن الأضرار قد تتجاوز الخسائر المباشرة لتشمل تآكل الثقة المؤسسية والقدرة على إدارة الاقتصاد الأكبر في العالم.