في خطوة أثارت اهتمامًا سياسيًا واسعًا وجدلاً اقتصاديًا متصاعدًا، نجح الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب في تمرير مشروع قانون ضخم يُعرف إعلاميًا باسم “Big Beautiful Bill” داخل مجلس الشيوخ، في تحرك يعكس طموحه لإعادة تشكيل السياسة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وفق رؤيته التي تجمع بين القومية الاقتصادية وتقليص دور الدولة.
مشروع القانون، الذي وصفه ترامب بأنه “أعظم ما قدّمه رئيس لأمريكا منذ عقود”، يتضمن خفضًا ضريبيًا واسعًا يقدر بتريليونات الدولارات، وتمويلًا إضافيًا لتعزيز أمن الحدود، إلى جانب تخفيضات كبيرة في برامج الرعاية الاجتماعية مثل Medicaid والمساعدات الغذائية. ووفقًا لمكتب الميزانية في الكونغرس (CBO)، فإن المشروع سيضيف ما يقرب من 3.3 تريليون دولار إلى العجز الفيدرالي خلال العقد المقبل، مع خسارة التأمين الصحي لنحو 12 مليون أمريكي، وتأثر أكثر من 3 ملايين شخص من برامج الغذاء.
التمرير تم بصعوبة، حيث حُسم التصويت بفارق ضئيل (51 مقابل 50)، وكان صوت نائب الرئيس هو الفيصل. إلا أن المشروع لا يزال بحاجة لموافقة مجلس النواب، حيث يواجه معارضة من بعض الجمهوريين المعتدلين الذين أبدوا تحفظاتهم على الكلفة الباهظة والمخاطر الاجتماعية التي قد تنجم عن القانون.
في المقابل، شن رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك هجومًا حادًا على المشروع، واصفًا إياه بأنه “غبي ومدمر وخطير على مستقبل البلاد”. ماسك اعتبر أن ترامب ينحرف عن دعم الابتكار والقطاع التكنولوجي، ويتبنى نهجًا يقوم على زيادة العجز وتقويض الحرية الاقتصادية، ملمّحًا إلى أن هذا القانون يخدم المصالح التقليدية على حساب التطور.
ولم يتوقف الأمر عند الانتقاد، إذ صرّح ماسك بأنه يدرس تأسيس حزب سياسي جديد تحت اسم “America Party”، داعيًا الأمريكيين إلى كسر هيمنة الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومؤكدًا أنه سيدعم سياسيين معارضين لهذا القانون داخل الحزب الجمهوري ذاته.
رد ترامب جاء سريعًا وحادًا، مهددًا بـ إعادة النظر في الإعانات الفيدرالية والعقود الحكومية التي تستفيد منها شركات ماسك، مثل Tesla وSpaceX، بل وتحدث عن مراجعة وضعه كمواطن أمريكي، في تصعيد غير مسبوق بين رئيس الدولة وأحد أبرز رموز الابتكار في البلاد.
المشهد السياسي الأمريكي يدخل مرحلة جديدة من الاستقطاب، إذ يبدو أن مشروع “القانون العظيم” لن يكون مجرد تعديل اقتصادي، بل معركة كبرى تحدد مستقبل العلاقة بين السلطة التنفيذية ورجال الأعمال والتكنولوجيا في الولايات المتحدة.
هل ينجح ترامب في فرض مشروعه كما هو؟ أم أن انتقادات ماسك وتزايد المعارضة ستؤدي إلى تغييرات جوهرية؟ الإجابة ستتضح خلال الأيام القادمة مع تصويت مجلس النواب ومواقف الشارع الأمريكي.