بالبداية فإن الحكومة الفيدرالية الامريكية تحصل على التمويل من خلال الضرائب التي تفرضها على الافراد والشركات
بالإضافة لحصولها على التمويل عبر اصدار السندات Bonds وNotes
حيث عندما تصدر الخزانة الامريكية السند يقوم المستثمر بشراؤه
على أن يدفع المبلغ لها ويحصل بالمقابل على مبلغ كفائدة كل فترة زمنية محددة ويستلم أصل المبلغ الذي سدده في تاريخ محدد.
سندات الخزانة الامريكية تعتبر جاذبة للمستثمرين وشركات التأمين والبنوك وصناديق التقاعد والمستثمرين الأفراد وحتى الدول
ولذا فالانكشاف عليها هائل في النظام المالي العالمي
كونها معروفة بدرجة عالية من الأمان لأنها مضمونة من الحكومة الامريكية
إلا أن خلاف الحزبين الديموقراطي والجمهوري المتكرر كل عدة سنوات بات يشكك بدرجة أمان هذه السندات
حيث يبلغ الخلاف تأجيل عملية رفع سقف الدين المسموح للحكومة إلى عدة أيام قبل أن تدخل في حالة الافلاس
والافلاس هنا هو التعثر عن سداد التزامات الحكومة
سواء للفوائد المستحقة على السندات التي كانت قد أصدرتها أو أصل الدين المستحق أو حتى مستحقات مالية أخرى عليها
كون أن سقف الدين المسموح به من قبل الكونجرس يقع عند 28.4 تريليون دولار امريكي وغير مسموح للسلطة التنفيذية تجاوزه
وقد حذرت الخزانة الأمريكية من أنها لن تستطيع سداد التزاماتها بتاريخ 18 اكتوبر القادم في حال لم يرفع الكونجرس سقف الدين
أي أنها بحاجة للاستدانة ورفع حجم ديونها حتى تسدد مستحقات عليها
ولكن الخلاف في الكونجرس كبير بين الحزبين والهدف خفض خطة بايدن لتحفيزات البنية التحتية التي تبلغ تريليون دولار
وبقية الخطط الاجتماعية والصحية والتي تصل بالمجمل لحوالي 3.5$ تريليون
ومع هذا الخلاف الكبير يشعر المستثمر في السوق بعدم الارتياح والخوف
كون التبعات التي يتوقع أن تحدث في حال اعلان تعثر الحكومة الامريكية كارثية على الاقتصاد
– أولها تراجع حاد في قيم سندات الخزانة الأمريكية كونها لم تعد آمنة أي أن المستثمر بها قد لا يحصل على مستحقاته.
– ارتفاع حاد في عوائد السندات الامريكية كون المستثمر سيطلب تعويضا على تحمله خطر عدم حصوله على فوائد.
– ثم معه سنشهد ارتفاع حاد في تكلفة الاقراض في الاقتصاد سواء بين المؤسسات المالية بعضها البعض أو مع الأفراد.
– ومع ارتفاع تكلفة الاقراض سيكون هناك تشدد في منح القروض والتسهيلات النقدية وبالتالي تراجع حاد في تداولات الدولار الأمريكي وارتفاع سريع لسعره في السوق.
– وذلك كله سيخفض كثيرا من قدرة المستهلك على شراء السلع المعمرة تحديدا والتي عادة تتطلب الحصول على التمويل عبر الاقتراض.
– ذلك سيعني تدهور حاد لمبيعات الشركات وتسريح لملايين العاملين في الاقتصاد.
– ومعه سيتراجع الاستهلاك بشكل إضافي وتكرر السلسلة من تراجع ربحية الشركات والتسريح وتدهور الاستهلاك.
– مما سيؤدي لتدهور في قيم الأصول في الاقتصاد كالمنازل والسلع وغيرها مع تنافسية كبيرة بين الشركات لخفض الأسعار.
– وذلك سيستدعي بالنهاية تدخل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) لتوفير الدولار وخفض معدلات الفائدة ودفع عوائد السندات وتكلفة الاقراض للتراجع لانقاذ ما يمكن انقاذه.
وبمجرد تعثر الحكومة عن السداد فيتوقع:
– انهيار سوق السندات والأسهم في أميركا وحول العالم كون خسائر من الاستثمار بتلك السندات ستطال دولا وشركات عالمية
– وارتفاع الدولار الأمريكي كونه سيصبح صعب الحصول عليه لغياب الثقة
– وارتفاع أسعار المعادن الثمينة التي ستعتبر هي الملاذ الآمن في ظل الاضطرابات.
– ارتفاع حاد محتمل لعملات الملاذ الآمن كالين الياباني في آسيا والفرنك السويسري في أوروبا.
ولأن هذا السيناريو كارثي فيتوقع أن لا يتجرأ الكونجرس على رفض رفع سقف الدين
ولكن اقترابنا من الموعد في 18 اكتوبر من الطبيعي أن يجعل أسواق المال متخوفة ومتقلبة جدا.
وخاصة بسبب التصريحات المتوقعة من أعضاء الكونجرس بين التفاؤل والتشاؤم.