شهدت الساحة السياسية الألمانية زلزالًا انتخابيًا مع تحقيق حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وحليفه الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) فوزًا كاسحًا، بينما سجل حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) أقوى نتائجه على الإطلاق، محققًا المرتبة الثانية. هذا التحول الكبير أثار مخاوف حول مستقبل الاتحاد الأوروبي واستقرار العملة الموحدة، لكن هل هناك فعلاً خطر على تماسك أوروبا؟
فوز المحافظين… لا تهديد لليورو
رغم الصعود القوي لليمين، فإن الحزب الفائز CDU/CSU بقيادة فريدريش ميرتس يؤكد دعمه الراسخ للاتحاد الأوروبي، متعهّدًا بتعزيز العلاقات مع فرنسا وبولندا، وتثبيت دور ألمانيا كقائد اقتصادي داخل الاتحاد. هذه النتائج تعني أن العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) التي ارتفعت بعد اعلان النتائج، ستظل محمية من أي اضطرابات سياسية قد تؤثر على استقرارها.
حزب “البديل من أجل ألمانيا” ورفضه للاتحاد الأوروبي: تهديد بلا تأثير؟
حزب AfD، الذي يرفع شعار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ويدعو لعودة المارك الألماني، بات في موقع أقوى من أي وقت مضى. لكن رغم شعبيته المتزايدة، فإن فرصه في تشكيل حكومة أو تنفيذ سياساته لا تزال ضعيفة بسبب المعارضة الواسعة له من قبل الأحزاب الأخرى. وبالتالي، فإن خططه لا تشكل خطرًا فعليًا على الاتحاد الأوروبي أو اليورو، حيث ستظل السياسة الاقتصادية الألمانية محافظة على التزاماتها تجاه أوروبا.
الاقتصاد الألماني والسياسات المالية: لا مفاجآت صادمة
يتبنى المحافظون نهجًا اقتصاديًا واضحًا يعتمد على تخفيف الضرائب وتحفيز الاستثمار، دون الإضرار بقواعد الانضباط المالي التي تحكم سياسات منطقة اليورو. كما أن التزامهم بسياسة “مكابح الديون” يعني عدم الانزلاق في دوامة الإنفاق المفرط أو الديون الضخمة، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين في ألمانيا كقوة اقتصادية مستقرة داخل الاتحاد الأوروبي.
ختامًا: أوروبا تترقب… لكن لا تهتز
قد تكون هذه الانتخابات نقطة تحول في السياسة الألمانية، لكنها ليست زلزالًا يهدد أركان الاتحاد الأوروبي أو العملة الموحدة. فبوجود حكومة محافظة مؤيدة لأوروبا، ومعارضة يمينية غير قادرة على فرض أجندتها، يبقى الاتحاد الأوروبي متماسكًا، بينما يستمر اليورو في تعزيز مكانته كأحد أقوى العملات في العالم.