هل سيهبط الدولار الأمريكي أكثر من ذلك أمام الجنيه المصري في الفترات القادمة؟ هذا هو السؤال الذي يشغل الرأي العام المصري حالياً. ولكي تعرف كيف هبطت أسعار الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري دعني أوضح لك كيف بدأ الأمر من البداية.
الدولار الأمريكي قد وصل إلى مستويات قوية جداً في العام الماضي، وكان ذلك بسبب زيادة الطلب على العملة الأمريكية بسبب انطلاق الأسواق المالية بشكل عام نحو القمة. ولكن بعد الحرب التجارية وتأثيرها على الأسواق المالية العالمية دخلت اقتصادات الدول الكبيرة في مرحلة الانكماش، ومن المحتمل أن تشهد الأسواق الأمريكية مرحلة كساد في العامين القادمين، وذلك له أسباب كثيرة قد تحدثنا عنها في مقالات سابقة. ولكن لماذا يهبط الدولار؟
الولايات المتحدة الأمريكية حالياً تحاول بأي طريقة زيادة الطلب الفعلي على المنتجات الأمريكية بأي شكل حتى تبتعد عن الكساد المحتمل والمتوقع أن يحدث خلال العام الجاري، وهذا بالطبع يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تزيد من صادراتها في الفترات القادمة حتى لا تعتمد على الطلب المحلي فقط على المنتجات. ولأن الدولار الأمريكي كان قويًا بالفعل، فكان من المتوقع جداً أن الدولار الأمريكي لابد أن يهبط حتى تستطيع الشركات الأمريكية تصريف منتجاتها في السوق الخارجي.
هبوط الدولار الأمريكي حل جيد للصادرات الأمريكية، إلى جانب أن الضغط على الدولار الأمريكي جاء لأسباب عدة منها:
1- الحرب التجارية والتي دفعت الصين إلى خفض معدلات الطلب على الدولار الأمريكي والذي كان في صورة شراء السندات الحكومية الأمريكية
2- انخفاض الطلب الفعلي على المنتجات الأمريكية بسبب رفع معدلات الفائدة البنكية وصعوبة الحصول على الأموال (أدى ذلك إلى ارتفاع مؤقت للدولار الأمريكي) ولكن لابد من ضخ المزيد من الأموال حتى ترجع عمليات الإنفاق الاستهلاكي إلى مستويات جيدة
3- البنك الفيدرالي سيدخل بنسبة كبيرة في مرحلة التيسير الكمي حتى يزيد من عمليات الإنفاق عن طريق شراء الأصول
4- من الناحية الفنية فإن الدولار الأمريكي كان أعلى من القيمة العادلة، وهو ما يعني أن هبوط الدولار الأمريكي كان متوقعًا وطبيعيًا
5- من الناحية الاقتصادية فإن الدولار الأمريكي ليس ضعيفًا وإنما العملات الأخرى هي التي بدأت تستمد قوتها بسبب تأثر الاقتصاد الامريكي بالحرب التجارية
6- العجز في الموازنة الأمريكية الناتج عن انخفاض الضرائب أدى أيضاً إلى هبوط العملة الأمريكية
7- الحكومة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب تؤيد فكرة الدولار الضعيف حتى تزيد من صادراتها
8- وعلى العكس من الحكومة الأمريكية، فالبنك المركزي الأوروبي يؤيد فكرة اليورو القوي حتى يتوخى حذر تباطؤ الاقتصاد العالمي
الدولار والجنيه المصري
من المحتمل أن يشهد الجنيه المصري كسائر العملات الأخرى مزيدًا من الارتفاع في الفترات القادمة إذا استمرت العملة الأمريكية في الهبوط بشكل عام، وذلك لم يحدث للجنيه المصري فقط، وإنما لباقي العملات كاليورو واليوان الصيني وعملات الاقتصادات النامية بشكل عام، و منها مصر.
سيستمر هبوط الدولار الأمريكي ولكن بشكل ضعيف حيث أن هبوط الدولار لم يأتي نتيجة أزمة قوية في الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما جاء لتوخي حذر الكساد المحتمل، وهو ما يعني أنه حل من حلول الإدارة الأمريكية لزيادة معدلات الطلب على السلع الأمريكي داخل أمريكا وخارجها.
إلى أين سيصل الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري؟ من الممكن أن ننظر إلى الرسم البياني ونتوقع أن مستويات مثل 17.5337 ستكون مستوى الدعم الأهم بالنسبة للدولار الأمريكي في المراحل القادمة.