الصورة الحالية للأسواق توحي بتغييرات قد تكون جذرية للنفط على المدى المتوسط والبعيد، فعلى مدار أكثر من عام والنفط حائر ومتردد بين تطلعات العرض والطلب. فتارة يكون توقع زيادة العرض وبالتالي تراجع الأسعار هو الأكبر، وتارة أخرى يكون توقع زيادة الطلب هو الأكبر وبالتالي ارتفاع أسعار النفط.
أما التطلعات المستقبلية تقول بأن هذا المنوال قد يتغير جذريًا، وأن تصبح كفة ميزان الطلب على النفط هي الراجحة، وسوف يحدث نقصًا بالمعروض والمخزونات النفطية. كل هذا بالطبع من شأنه زيادة أسعار النفط إلى مستويات قياسية.
وقد بُنيت هذه التطلعات الجديدة على محورين أساسيين، الأول هدوء الحرب التجارية بين أمريكا والصين، وبالتالي انتعاش التجارة والنمو الاقتصادي العالمي، ومن ثم زيادة الطلب على النفط. والثاني هو زيادة التوترات بين أمريكا وإيران والتي قد تتطور إلى عمليات شبه عسكرية، وهذا من شأنه إحداث نقص كبير في إمدادات النفط للأسواق.
وعن الحرب التجارية مع الصين، صرح وزير الخزانة الأمريكية، ستيفين مينوش، بأن المباحثات التجارية قد اكتملت بنسبة 90%، وهو ما أعطى للأسواق تفاؤلاً جديدًا بشان هذا الملف.
أما عن الحرب الجيوسياسية مع إيران، فقد صرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأنه قد يستخدم القوة المفرطة مع إيران إذا لزم الأمر. ومن جانب طهران صرح أحد المسؤولين العسكريين بأنه إذا أُطلقت رصاصة واحدة في الخليج الفارسي، فهذا من شأنه رفع أسعار النفط إلى 100 دولار/للبرميل، وانضم إلى هذا الرأي بعض المحللين المتخصصين في النفط والمواد البترولية.
ولكن من وجهة النظر المنطقية للغالبية العظمى من المحللين أن هذا المستوى مبالغ فيه جدًا، ومن الصعب الوصول له بهذه السهولة، لاسيما أن الطاولة قد تنقلب في أي وقت، أي أن تفشل المباحثات التجارية مع الصين ويزداد الأمر غيومًا، وعلى الجانب الآخر قد تهدأ التوترات بين أمريكا وإيران إذا نجت الأولى في الضغط على الأخيرة للجلوس على طاولة المفاوضات بشأن القضايا المتنازع عليها، وأولها بالطبع الملف النووي.
ولكن مما لا شك فيه، وفي ظل الأحداث الراهنة، فمن المتوقع وبقوة أن يستمر النفط في مكاسبه الحالية حتى وإن تراجع تصحيحيًا في إحدى جلسات التداول القادمة.
ينتظر المشترون اليوم نتائج مخزونات النفط الأمريكية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. إن جاءت المخزونات متراجعة، فقد يكسر النفط المقاومة التي يقترب منها الآن، 58.85 $/للبرميل، ويتجه لأعلى.