في نهاية هذا الأسبوع، تتجه أنظار العالم نحو جنيف، حيث تعقد أول مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة والصين منذ التصعيد الأخير في الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين. فبين تعريفات جمركية متبادلة وتصريحات نارية وتصاعد في التوتر، يلوح في الأفق بصيص أمل… أو على الأقل، هدنة مؤقتة قد تعيد بعض التوازن للأسواق العالمية المتقلبة.
ملامح التوترات وخلفية المشهد:
التصعيد الأخير لم يكن بسيطًا، فقد فرضت واشنطن تعريفات جمركية تبلغ 145% على معظم الواردات الصينية، مما ردت عليه بكين برسوم بلغت 125% على البضائع الأمريكية. لكن هذا ليس صراعًا على بضائع فحسب، بل معركة على النفوذ والهيمنة التجارية في القرن الحادي والعشرين.
ومع أن الحرب الجمركية أضرت بكلا الطرفين—من تباطؤ في النمو الصيني إلى ارتفاع أسعار المستهلك في أمريكا—إلا أن كلا الجانبين يدركان الآن أن استمرار التصعيد بلا أفق لن يخدم أحدًا.
آمال تعقد على جنيف:
في جنيف، سيجتمع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت مع نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ. الهدف المعلن ليس توقيع اتفاق شامل، بل “كسر الجليد”، وتثبيت أسس لحوار مستقبلي أكثر استقرارًا. تصريحات ترامب الأخيرة حول احتمال خفض الرسوم إلى 80% تعكس رغبة واضحة في التهدئة، وإن كانت مغلفة بلغة تفاوضية حادة.
كيف يمكن أن تؤثر هذه المحادثات على الأسواق؟
- أسواق الأسهم:
أي تلميح باتجاه خفض التصعيد سيشعل شرارة صعود في مؤشرات الأسهم العالمية، خاصة المؤشرات الأمريكية التي تتأثر كثيرًا بالمناخ التجاري. شركات التكنولوجيا والصناعة التي تعتمد على التوريد من الصين قد تشهد ارتدادًا إيجابيًا في أسهمها. - الذهب والعملات الآمنة:
تراجع حدة التوترات سيدفع المستثمرين إلى تقليص مراكزهم في الملاذات الآمنة كالذهب والين الياباني، مما قد يؤدي إلى تراجع أسعار الذهب على المدى القصير، وارتفاع في الدولار الأمريكي إذا كانت الرسالة أن الاقتصاد سيتنفس الصعداء. - اليوان الصيني:
سيكون أحد أبرز المتأثرين. اتفاق ولو جزئي قد يعزز من قيمة اليوان أمام الدولار، مع تحسن التوقعات الاقتصادية في الصين وعودة الاستثمارات الأجنبية تدريجيًا. - أسعار النفط:
تحسّن التوقعات التجارية يدعم التوقعات بزيادة الطلب العالمي، ما قد يرفع أسعار النفط التي تراقب هذه المفاوضات كعامل أساسي في استشراف صحة الاقتصاد العالمي.
ما سيحدث في جنيف لن يكون مجرد جلسة مفاوضات… بل اختبار حقيقي لنوايا الطرفين: هل نحن أمام بداية نهاية الحرب التجارية؟ أم أن هذه المحادثات ليست سوى هدنة مؤقتة قبل جولة جديدة من التصعيد؟
الأسواق لن تنتظر طويلًا لتقرر، فحركتها ستكون انعكاسًا مباشرًا لما سيُقال خلف الأبواب المغلقة. وبين الحذر والتفاؤل، يبقى المؤشر الأكبر هو الثقة… والثقة، كما نعلم، لا تُبنى في ليلة وضحاها.