Table of Contents
قبل أن نتحدث عن سبب هبوط سوق العملات الرقمية أو نتحدث عن إن كان ايلون ماسك هو سبب انهياره أم لا دعني اقول لك عزيزي القارىء احد أهم المبادىء التي يقوم عليها الاستثمار في البورصة بشكل عام، ألا وهو عدم التعويل أبداً على الاخبار، نعم عدم التعويل أبداً على الاخبار فيما يخص قراراتك الاستثمارية، إن قرأت أي كتاب عن التداول أو الاستثمار في عالم البورصة ستجد أن هناك قاعدة هامة جداً بالنسبة للمسثتمرين المحترفين ألا وهي عدم سماع الاخبار في وقت التداول وعدم التأثر بها، ويعد ذلك أحد أهم القواعد التي يجب على المضارب المحترف اتباعها، ولكن سأقول لك الاهم من ذلك وهي جملة مقتبسة من المضارب الشهير أل بروكس حيث يقول ” القنوات الاخبارية عندما تهبط البورصة تقول لك أن السبب هو انخفاض الفائدة، أما إذا ارتفعت البورصة فستقول لك أن السبب انخفاض الفائدة أيضاً ” و أنا اقول لك أن هذا صحيح بنسبة 100%.
هذا لأن قنوات الاخبار هي شركات هادفة للربح، وتنجح تلك الشركات أو تفشل بناءاً على نسب المشاهدات، وهي تهتم بنسب المشاهدات قطعاً أكثر من اهتمامها بك انت سواء ربحت أو خسرت كل ما لديك، هي لا تعرفك من الاساس !، الاهم لدى تلك القنوات هو صنع البروبجاندا الاعلامية عن ما يريد المشاهد سماعه أو رؤيته، ولكي تعرف انها الحقيقة ابحث الان في أي قناة اخبارية لن تجد الحديث الا عن البيتكوين أثناء الصعود الجنوني فقط أو اثناء الانهيار، وهذا يحدث مع كل الادوات المالية، الاخبار لاتهتم أبداً بتوجيه المضارب أو المستثمر الى السوق الرابح، بل تريد فقط أن تخبرك ما تريد سماعه لتبقى من مشاهديها وبذلك هي تستمر في تحقيق أرباح كشركة.
هل كان إيلون ماسك؟
نعم كان ايلون ماسك السبب بكل تأكيد، هكذا قال كل من خسر امواله في انهيار سوق العملات الرقمية في الاونة الاخيرة، فدائماً ما يبحث الهواة عن سبب مقنع لهم يخرجهم من مرارة الخسارة في الاسواق المالية، ولكن المحترفين يعلمون أن بكل تأكيد لم يكن ايلون ماسك، وإن كنت سمعت يوماً عن ال HFT بكل تاكيد انت تعرف ما سأتحدث عنه في الفقرة التالية.
High frequency trading systems
هذا هو أسم البرامج الألية للتداول والتي يقوم عليها أكثر من 95% من التداول في الولايات المتحدة الامريكية، وهذا يعني أن 95% من التداول في الولايات المتحدة يتم دون التدخل البشري، التداول يتم بشكل ألي فيما يخص البيع والشراء ويحدث هذا لاهداف مختلفة منها الهادفة للربح ومنها الهادفة لصناعة السوق من الاساس.
وهذا يعطي لنا صورة منطقية لما يحدث الان، ارتفاع الاسواق الرقمية كان بكل تأكيد بسبب هذه الانظمة الألية والتي تضارب بشكل قوي جداً ومستمر على أي سوق يحدث به زخم صعود او هبوط قوي كما حدث مع اسواق العملات الرقمية، هذه الانظمة لكل منها سبب مقنع للبيع أو الشراء ولكن الاسباب الاهم هي الزخم والقيمة.
في أي سوق مالي يحدث زخم قوي وهجوم قوي من المضاربين عليه تتوجه بشكل تلقائي تلك الانظمة للبيع والشراء فيه، وهي مصممة لهذا الغرض، وقد رأينا ذلك في سهم Gamestop في الاونة الاخيرة أيضاً.
السبب الاساسي لهبوط سوق العملات الرقمية.
السبب الاساسي هو وجود فئة كبيرة من المضاربين الهواة داخل السوق، وهذه الانظمة تكون لدى أكبر وأضخم المؤسسات المالية في العالم والتي تبحث بشكل مستمر عن فريسة سهلة مثل مضاربي الاسواق الرقمية لتربح منها ربح سريع ومضمون، بكل تأكيد المؤسسات المالية هي الرابح الاكبر فيما يحدث الان، وفيما حدث اثناء صعود الاسواق الرقمية، هي التي دفعت السوق الى الارتفاع وعندما وصل السعر الى مستوى أو قيمة رأت فيها تلك الانظمة أنه لابد من حركة تصحيحية بدأت في البيع، لينتج عنه فزع الهواة والذين يكونون بكل تاكيد أيضاً تابعين لما تفعله تلك الانظمة المتحكم فيها من المؤسسات المالية الضخمة.
يمكنك القول أن هذه المؤسسات المالية هي الكازينو، والمضاربين هم المقامرين، افعل ما شئت واربح ماشئت اليوم لانهم يعلمون جيداً انك ستخسره غداً بسبب الطمع الذي تولد لديك من مكاسبك العشوائية، ضارب وقامر بكل ما اوتيت من ذكاء فستظل نسب الاحتمالات والرياضيات هي ميزتهم التي يعرفون بها جيداً انهم سيربحون في النهاية.
وان كنت في شك من كلامي هذا فقط انظر الى الصورة الكبيرة، واعطي لنفسك لحظة للتفكير في هذا التساؤل ” هل يمكن لمجموعة من المضاربين الهواة الذين لا يعرفون أي شىء عن الادوات المالية الا بعد حدوث البروبجاندا الخاصة بالعملات الرقمية أن يربحوا أموال المؤسسات المالية التي لديها أذكى عقول مالية في العالم ؟ ”
هل سمعت عن أي مؤسسة مالية أو بنك استثماري قد تأثر بما حدث في الفترة الاخيرة مع انهيار الاسواق ؟ وان كنت تظن أن الهواة أو جمهور المضاربين الصغار هم من رفعوا سوق العملات الرقمية فيجب أن تُفكر أيضاً هل يمكن لمجموعة من صغار المستثمرين الافراد أن يكون لديهم 1200 مليار دولار أمريكي ؟! حجم سوق البيتكوين عند مستوى ال 60000 دولار كان تقريباً تريليون و200 مليار دولار ! هل يستطيع مجموعة من صغار المستثمرين أن يكون لديهم هذه الاموال ؟!
وأنا اؤكد لك أنه لا يمكن لمجموعة من الافراد أبداً أن تمتلك نصف هذا المبلغ، تذكر أن ثاني أغنى رجل أعمال في العام عندما قرر الاستثمار في هذا السوق ضخ مليار ونصف فقط !! ما بالك بصغار المستثمرين !
عزيزي القارىء المؤسسات المالية تعرف كيف تُفكر، وتعرف جيداً كيف تأخذ منك كل دولار ستضارب به ان لم يكن لديك الخبرة الكافية، التداول والاستثمار في عالم البورصة يعتمد في الاساس على جذب اموال المضاربين والمستثمرين من ليس لديهم خبرة ليكونوا وقود النار التي يريدونها من حين الى أخر، وأقتبس أيضاً احدى المقولات المعروفة في عالم التداول وهي أن ” كما احتاج القدماء للعبيد لبناء الحضارة فالبورصة أيضاً تحتاج الى الهواة ليربح المحترفين أكثر”