– بعد الارتفاعات المتتالية في أسعار السلع والخدمات بالدولة المصرية والتي جاءت نتيجة للإجراءات الاقتصادية القاسية التي تتبعها الحكومة المصرية في طريقها نحو الإصلاح الاقتصادي، فهناك أسئلة كثيرة تدور الآن في أذهان المواطن المصري، ومن أهمها أنه متى تنتهي موجات الغلاء المستمرة؟
تحدثنا سابقاً عن أسباب الارتفاع الكبير في الأسعار (التضخم)، وانخفاض قيمة العملة المصرية أمام الدولار الأمريكي، ولكن الآن يجب أن نتساءل، هل هذه الإجراءات هي الأنسب لحل المشكلات الاقتصادية المصرية؟
– بعد فشل توقعات صندوق النقد الدولي والذي تحدث عنه خبراء الصندوق ذاته بعدما صرح أحد مسئولي البنك بأن النتيجة كانت أسوأ مما توقعوه بالنسبة للشأن المصري، فهناك من يرى أن الإصلاحات الاقتصادية الحالية لا تصب في مصلحة الاقتصاد المصري، بل قد تكون إجراءات تضر بالاقتصاد المصري من الجانب العلمي.
زيادة الضرائب.
من أهم أسباب ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات المصرية هي رؤية الحكومة المصرية بأنه يجب أن تسد عجز الموازنة العامة كما يرى صندوق النقد الدولي، والذي دفع الحكومة المصرية إلى اتخاذ قرار زيادة الضرائب على السلع والخدمات. ولكن يرى كثير من الاقتصاديين أن هذا ليس حلاً، حيث أن زيادة الضرائب بهذا الشكل يضر بالاقتصاد والاستثمار والإنتاج، وهو ما من شأنه زيادة في تكاليف الإنتاج، والذي بالتبعية ينتج عنه ارتفاع سعر المنتج، ليؤدي بالأخير إلى ضعف الطلب عليها في ظل ثبات مستوى الدخل الفردي داخل الدولة المصرية.
كل هذا سيؤدي إلى بحث الشركات عن بديل لهذه التكلفة، وفي الغالب ما يؤدي إلى تسريح العمالة وزيادة البطالة، وهو ما يعني مزيدًا من الانخفاض في الطلب الكلي والإنفاق الاستهلاكي.
زيادة الضرائب ليست الحل الأمثل.
في مثل هذه الأحوال والأزمات الاقتصادية لا يجب أبداً التعامل مع الاقتصاد الكلي كما هو الحال في الاقتصاد الجزئي، يجب معاملة الاقتصاد الكلي بحرص وأخذ الثقافة المجتمعية في الحسبان، وهو ما يعني أن زيادة الضرائب لن تكون في صالح الاقتصاد طالما أن معدلات الدخول ثابتة، حيث أن معدلات الإنفاق ستكون كما هي، ودخل الحكومة المصرية لن يزيد بقوة في ظل ثبات نفس الكمية التي يتم إنفاقها من جمهور المتعاملين، ولكن هذه ليست المشكلة.
المشكلة الأساسية
هي أن هذا الارتفاع القوي في الضرائب على الشركات يعني هدم الاستثمار الأجنبي بالكلية، إلى جانب تدهور أحوال الشركات الوطنية وانعدام قدرة الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة على المنافسة، وهو ما يعني أن الاقتصاد سيعاني من ركود قوي قد يهدمه من الأساس.
الحل ..
يرى كثير من كبار الاقتصاديين أن الحل يكون في تخفيض الضرائب وليس العكس، ليتمكن الاقتصاد من التعافي ومن ثم يبدأ في سد الفجوة ما بين الإنفاق والاستهلاك الحكومي، ولكن عن طريق انتعاش الاقتصاد وزيادة معدلات النمو، وليس فقط بفرض مزيدًا من الضرائب. وهذا ما تؤكده التجارة الاقتصادية، فإنه مثلاً في أفقر الدول الإفريقية دائماً تجد معدلات الضرائب مرتفعة على عكس مثلاً الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الامريكية، والتي بها أعلى ناتج محلي في العالم. فتتجه أمريكا كما هو الحال في الآونة الأخيرة إلى تخفيض الضرائب لتجذب مزيدًا من الاستثمارات، وهو ما يخدم انتعاش الاقتصاد الأمريكي، والذي تشير مؤشراته إلى الدخول في مرحلة التباطؤ حسب تصريحات أحد خبراء الاقتصاد بالولايات المتحدة ، وبذلك تكون الرؤى الواضحة للأصلاح الاقتصادي ، فيجب معاملة الاقتصاد بشكل عام بنوع من الموازين الحساسة ، فربما قرار عليمياً ونظرياً صحيح ولكن أثناء التطبيق يثبت فشله في ظل ظروف معينة ، ولنا في التاريخ عبرة .