تشهد الساحة العالمية حالياً أحد أهم الأوقات من الناحية الاقتصادية، وسط الانفتاح التجاري الدولي الذي سيطر على دول العالم أجمع في السنوات السابقة. ومع ازدياد حركة التجارة الدولية واعتماد كل دولة على الأخرى، يلوح الآن في الأفق احتمالات دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة تباطؤ قد تستمر إلى ما يقارب الـ 20 شهرًا. وقد ذكرنا أهم أسباب التباطؤ الاقتصادي المحتمل في فيديو خاص يمكن الرجوع إليه لمعرفة الأسباب، ولكن السؤال الآن هل السوق الأمريكي أنهى عصر الهبوط وسيشهد السنوات القادمة مزيدًا من الهبوط؟
كثيراً من الخبراء يتوقعون معدلات نمو في حدود الـ 2% للاقتصاد الأمريكي للعام القادم 2019، وعلى الرغم من أنه أقل من المعدلات الحالية عند مستوى 3.5%، إلا أنه من الممكن أن يكون أفضل للاقتصاد، وذلك بسبب تسارع معدلات النمو بقوة في الثلاث أشهر الماضية للاقتصاد الأمريكي، وهو ما زاد من احتمالات دخول الاقتصاد في مراحل كساد. سيؤثر ذلك بالطبع على جميع دول العالم بسبب اعتماد الدول على بعضها البعض كما ذكرنا في حركة التجارة الدولية.
ولكن بشكل خاص فإن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة كانت من أهم أسباب تباطؤ الاقتصاد العالمي، حيث أن ارتفاع التعريفات الجمركية على الصين أدى إلى نتيجتين غاية في الأهمية.
النتيجة الأولى كانت زيادة أسعار المنتجات أو احتمالات استمرار زيادتها على المستهلك الأمريكي، و هو ما يعني أن التكلفة لم تتحملها الصين، ولكن من المحتمل أن يتحملها المواطن الأمريكي في حالة زيادة أسعار السلع.
ولكن بشكل عام الصين بالطبع في حالة قلق من هبوط معدلات الصادرات إلى الولايات المتحدة الامريكية، والتي ستتأثر بكل تأكيد، حيث أن نصف صادرات الصين تذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
أما النتيجة الثانية هي اتجاه الصين إلى التقليل من شراء سندات الخزانة الأمريكية حتى لا تضغط على عملتها بقوة، وذلك من المحتمل أن يؤدي إلى مشاكل لليوان الصيني، بالتالي الأموال التي كانت تتدفق إلى الاقتصاد الأمريكي ستتأثر بقوة. إلى جانب أن الصين أيضاً قررت رفع التعريفات الجمركية على الواردات الأمريكية.
هذه الحرب الدائرة على الساحة العالمية كانت سببًا قويًا في دخول الاقتصاد في حالة من القلق، و هو ما سيؤدي بشكل قوي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي وسط كثير من المشاكل الاقتصادية في بلاد أخرى، حيث هبطت مؤشرات كلاً من:
- المؤشر العام للسوق الصيني هبط بقوة أكثر من 20%
- مؤشر البورصة الألمانية أيضاً هبط أكثر من 20%
- مؤشر البورصة الإيطالية وبورصة المكسيك وبورصة كوريا الشمالية هبطوًا أيضاً أكثر من 20%
- مؤشرات السوق الأمريكي هبطت بقوة أيضاً إلى مستويات قد يبدأ السوق معها مراحل الاتجاه الهابط
وبشكل عام فإن أكثر المتتضررين من التباطؤ الاقتصادي العالمي ستكون الدول التي تعتمد على الصادرات كجزء أساسي من اقتصادها، كاليابان و ألمانيا والصين.
والسؤال الأهم بالنسبة للمستثمرين الآن هل الولايات المتحدة قادرة على الحفاظ على ثبات السوق الأمريكي في ظل الهبوط الجماعي للأسواق في أكبر أربع اقتصادات في العالم؟ من المحتمل جداً أن يدخل السوق الأمريكي في الاتجاه الهابط وسط هذه الأحداث، خاصة أن الهبوط الجماعي لمؤشرات السوق الأمريكي تنم عن قلق المستثمرين واتجاههم إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب، حيث ارتفعت أسعار الذهب في الآونة الأخيرة إلى مستوى 1262 دولار، وهو ما يشير إلى قلق المستثمرين من الاستمرار في سوق الأسهم في الوقت الحالي نظراً للمخاطر العالية التي تدور حوله.