الاومة الاقتصادية التي يعيشها العالم وتعيشها الدول الناشئة بالاخص تعد مركبة ومتعبة لكثير من الحكومات وصناع السياسة الاقتصادية بشكل عام، ذلك لان الازمة نتجت عن جائحة كورونا والتي أوقفت الاقتصاد العالمي بشكل مفاجىء و أوقفت أيضاً حركة التجارة الدولية مما نتج عنه المشاكل التي نعيشها اليوم وبالاخص معضلة التضخم، ولذلك يجب أن تعرف أن التضخم له تعريف مهم وله أسباب أيضاً.
تعريف التضخم هو الزيادة المستمرة والمتطردة في الاسعار سنة بعد سنة، وهنا يجب أن تركز في التعريف لان التضخم هو زيادة الاسعار بشكل مستمر بنسبة مئوية متوقعة كل سنة، والتضخم ظاهرة اقتصادية جيدة عندما تسير ضمن الحدود التي يضعها البنك المركزي، والا سيدخل الاقتصاد في مرحلة انكماش، وبالتالي التضخم في حد ذاته ممكن أن يكون ظاهرة مضرة أو غير مضرة، يكون التضخم مضر عندما يخرج عن الحدود التي يريدها صناع السياسة النقدية في أي دولة، بمعنى أ، الولايات المتحدة الامريكي مثلا دائماً تستهدف معدلات تضخم في حدود ال 2%، ولكن التضخم الان مرتفع الى مستويات ال 8% تقريباً وهي نسبة كبيرة جداً ومضرة للأقتصاد الامريكي، لماذا؟
لان التضخم يجب أن يسير على نهج معدلات النمو الاقتصادي، فعندما ينمو الاقتصاد بنسبة 3% وترتفع الاسعار 2% فهذا غير مقلق لان معدلات الدخل ستزيد بنسبة 2% مثلا كل سنة مما يعني أن احساس الفرد بأرتفاع الاسعار لن يكون موجود، ولذلك يجب ربط معدل التضخم بمعدل النمو الاقتصادي ومعدلات نمو الدخل للأفراد.
ما يحدث بالنسبة لمصر مثلا في الوقت الحالي ليس تضخم كما عرفناه، وانما هو خفض متعمد لسعر الصرف أمام الدولار الامريكي وباقي العملات بسبب أخطاء في السياسة النقدية موجودة منذ فترات بعيدة، بسبب سياسة التحكم في سعر الصرف التي تتبعها مصر، ولذلك الطفرات الصعودية التي تحدث للدولار الامريكي امام الجنيه المصري ليست تضخم بالمفهوم العلمي ولكن هي تؤدي الى تضخم في الاسعار على أي حال، يستهدف البنك المركزي المصري مستويات 10% تقريباً للتضخم كل سنة، ولكن يجب أن يقابل هذه النسبة ارتفاع في معدلات الدخل الفردي أيضاً حتى لا يتأثر أفراد المجتمع من ارتفاع الاسعار وهو ما يعني أيضاً وجوب نمو الاقتصاد المصري بنسب قريبة من هذه النسبة، حتى لا يتأثر الطلب الكلي.
أفضل قرار تم أخذه في الوقت الحالي هو ترك الجنيه المصري أمام الدولار الامريكي ليتحكم فيه العرض والطلب، ذلك لان هبوط العملة فقط ليس مشكلة كما ذكرنا في حالة تلاقي معدلات النمو السنوية معه، فلا يشعر المواطن المصري بأي مشاكل تضخمية في حالة نمو مستوى الدخل بنسب جيدة لتتماشى مع معدلات التضخم، ولكن التضخم وحده مع ثبات معدلات الدخل ومعدلات النمو هو المشكلة التي تعيشها مصر، مما يعني أن الدولة في حالة استطاعت ترتيب أوراقها والسير نحو زيادة معدلات النمو الحقيقية فهذا سيساعد في انهاء الازمة على المدى المتوسط، ذلك لان على المدى القصير لا تتكيف المرتبات والدخول سريعاً من مستويات التضخم، فالدخل يأخذ بعض الوقت ليتكيف من مستويات التضخم الجديدة، ربما سنة أو سنتين الى أن يتم تحديد المرتبات الجديدة بعد زيادة دخل الشركات في الاقتصاد من الاسعار المرتفعة.