في لقاءه مع شبكة سي إن إن تحدث رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، عن استثماراته الجديدة في قطاع التعدين واستخراج الذهب، وقال إنه استثمر 300 مليون دولارًا في أفريقيا في شركات التعدين، والتي كما ذكر أيضًا ستبدأ في إنتاج الذهب والفضة مع بداية ديسمبر المقبل، ولكن!!.
هل سينعكس ذلك على سوق الذهب العالمي ..
التداول على الذهب في أسواق السلع التابعة للأسواق المالية العالمية بالطبع لن تتأثر بشكل كبير بهذا الاستثمار، حيث أنه استثمارًا عاديًا بالنسبة لسوق ضخم كسوق بورصة الذهب، ولكن ما تحدث عنه الملياردير نجيب ساويرس هو مجرد دخوله إلى عامل استثمار جديد، وهو يرى أن الذهب هو الملاذ الآمن دائمًا، والذي يلجأ إليه المستثمرون في حالات الأزمات، والتي من وجهة نظره موجودة حاليًا على الساحة العالمية.
إنه وقت شراء الذهب ..
تحدث البعض عن أنه قد حان الوقت للمراهنة على أسعار الذهب في الفترة المقبلة، وهو ما يعني أيضًا اتجاه نية كثير من المتداولين في الأسواق المالية العالمية بالدخول في صفقات شراء على الذهب، ولكن الخطر الأكبر هو عدم النظر إلى الأمور بالطريقة العلمية الصحيحة. استثمار أحد رجال الأعمال في بعض المنتجات لا يعني بالضرورة صعود أسعارها، ولكن في غالب الأمر يكون لهم وجهات نظر مختلفة، وخطط مختلفة تمامًا عن باقي المستثمرين، فكل مستثمر يرى ما يمكن أن يحقق له منفعته هو الخاصة، وهذا سيقودنا إلى سؤال هام جدًا، هل الآن هو الوقت المناسب للتداول على الذهب؟
للإجابة على هذا التساؤل يجب أولاً أن نعرف أن الاستثمار في بورصة الذهب له خطط وطرق مختلفة بعض الشيء عما يفعله رجل الأعمال نجيب ساويرس، فالتداول على الذهب لمجرد التصريح بأن اتجاه نية رجال الأعمال للاستثمار فيه لا يكون بهذه البساطة، فقبل أن تفكر بهذه الطريقة يجب أن تنتهج نفس الخطة التي ينتهجها رجال الأعمال الذين قرروا أن يستثمروا في هذا القطاع، وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً. فمثلاً، ما هي المدة الزمنية التي ينوي رجل الأعمال، نجيب ساويرس، أن يقضيها في الاستثمار في الذهب، ومتى سيخرج، وتحت أي ظروف من الممكن أن يخرج من هذا الاستثمار، ومن وجهة نظره ماذا لو تحسن أداء الأسهم العالمية، وكمية الأموال التي سيدخل بها أخذًا في الحسبان المخاطر وكيفية إدارتها؟
كل هذه الأسئلة خاصة فقط بالمستثمر، ولا يعرف إجاباتها غيره، لذا لا يمكن أبدًا أن تشتري الذهب لمجرد أن أحد أهم رجال الأعمال قد بادر بشراءه.
ثقافة القطيع تقودك إلى الفشل ..
هناك ما يسمى بثقافة القطيع في أسواق المال، فدائمًا ما يميل الجماعة إلى اتباع أحد المستثمرين أهم الثقة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى الفشل لا محالة، لأنه ببساطة في الاستثمار بشكل عام وفي الاستثمار في البورصة بشكل خاص إذا لم تكن سيد قرارك فأنت كالأعمى الذي يسير دون أن يدري إلى أين هو ذاهب لمجرد أن الناس توجهوا في هذا الطريق.
الاستثمار اعتمادًا على مصادر خارجية، وفي هذه الحالة أعني الاعتماد على خبراء المال والمستثمرين الكبار، هو أسوأ طرق الاستثمار على مر العصور. إن لم تكن ترى الفرصة بنفسك، فيجب أن تنتظر وترى ما هي الخطة التي تدير بها استثمارك وتعمل على حل المشكلات التي تسبب غياب رؤيتك الخاصة، لتستطيع بذلك أن تنشئ الفرص التي من شأنها رفع معدلات استثمارك.
التداول والتوصيات ..
قد تحدثنا في مقالة سابقة عن كيفية التداول بالاعتماد على ما يسمى بالتوصيات أو المصادر الخارجية، وقلنا من قبل أن هذا النوع من الاستثمار يقود إلى الفشل بنسب تكاد تكون 90%، ما لم يكن الشخص يعرف كيفية التعامل مع المصادر الخارجية. وكان الهدف من هذه المقالة هو أن يتأكد المستثمر بأنه يجب أن يكون سيد قراره، وألا يعتمد على غيره في الدخول والخروج من الصفقات لمجرد أنه يسمع عن احتمالية صعود السوق أو هبوطه من بعض ما يسميهم الخبراء، ففي التداول لا يوجد خبراء، ولكن يوجد مستثمرين ومضاربين يعلمون جيدًا ما يجب أن يقوموا به لتعظيم أرباحهم، أما مصطلح الخبراء هذا فهو للتسلية فقط على شاشات التلفزيون والقنوات الاقتصادية والتي في نهاية الأمر لا يهمها سوى تعظيم أرباحها أيضًا كشركة استثمارية عن طريق زيادة المشاهدة بأي طريقة كانت.
وأتحدث هنا عن الاعتماد على هذه الآراء في التداول، ولكن اختلاف الهدف يزيل العائق، بمعنى أن مشاهدة هذه القنوات فقط لمجرد معرفة ما يحدث بشكل عام أو لجني المعلومات التي قد تكون مفيدة في بعض الأحيان في الاستثمار فهو شيء جيد، ولكن الاعتماد على آراء المتحدثين على الشاشة في بناء خطط الاستثمار هو شيء خاطئ تمامًا.
أنهي هذه المقالة بمقولة أعتقد أنها من أهم المقولات في عالم المضاربة، وهي للمضارب الشهير جيسي ليفرمور، حيث يقول “إن أخبرك شخص ما بأنك يجب أن تدخل صفقة ما على الذهب، فيجب أن يخبرك أيضًا متى ستخرج منها، وكيف ستديرها أثناء وجودك داخل السوق، وهو أمر محال. إذًا من المحال أن تربح بهذه الطريقة”.