مستجدات الحرب التجارية الأمريكية، ضغوط متسارعة ومهلة نهائية حاسمة

تشهد الساحة الاقتصادية العالمية حالة من الترقب المشوب بالحذر، في ظل التصعيد الحاد الذي تقوده الولايات المتحدة ضمن ما أصبح يُعرف بـ”جولة العقوبات التجارية الجديدة”. فمع اقتراب الأول من أغسطس، التاريخ الذي حدّدته واشنطن كموعد نهائي لإبرام اتفاقات تجارية جديدة، اتسعت دائرة الضغط الأمريكي لتشمل شركاء استراتيجيين في آسيا، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا، وسط ردود متباينة وتوقعات بتأثيرات واسعة النطاق على الأسواق العالمية.


توسّع نطاق الرسوم الأمريكية

خاطبت الإدارة الأمريكية مؤخرًا أكثر من عشرين دولة، معلنة نيتها فرض رسوم جمركية جديدة تصل إلى 50%، تشمل منتجات رئيسية مثل النحاس، السيارات، والخدمات الرقمية. هذه الرسوم، التي تدخل حيّز التنفيذ مطلع أغسطس، تأتي ضمن استراتيجية “الضغط المقابل” التي تتبنّاها واشنطن لإجبار شركائها التجاريين على تقديم تنازلات.

ومن بين الدول المستهدفة البرازيل، الفلبين، العراق، سريلانكا، إلى جانب شركاء رئيسيين مثل اليابان وكندا، الذين يواجهون خطر فقدان امتيازاتهم التصديرية في حال عدم التوصل إلى تفاهمات شاملة مع واشنطن قبل الموعد المقرر.


أوروبا بين الحذر والانفتاح

الاتحاد الأوروبي دخل المفاوضات من موقع المراقب الحذر، لكنه سرعان ما أصبح طرفًا رئيسيًا في محادثات حساسة مع واشنطن حول مستقبل التجارة عبر الأطلسي. ويتركّز الخلاف حاليًا على صادرات السيارات الأوروبية والقيود الأمريكية المقترحة على حصص الواردات.
ورغم التقدم النسبي في المحادثات، إلا أن أي اتفاق نهائي لا يزال رهين معضلات تقنية وتوقيت سياسي ضيق، في ظل التهديد الأمريكي بفرض تعريفات جمركية إذا لم تُبرم صفقة قبل الموعد المحدد.


آسيا في دائرة الخطر

اليابان وكوريا الجنوبية، رغم تحالفهما الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، لم تسلما من التهديدات الجمركية. إذ تم إشعارهما بإمكانية فرض رسوم تتراوح بين 25% إلى 40% على عدد من المنتجات، ما لم يتم التوصل إلى اتفاقات جديدة خلال الأيام القادمة. وتشير بعض التقارير إلى وجود عراقيل تتعلق بملف المحاصيل الزراعية وصادرات السيارات، ما يجعل موقف طوكيو وسيؤول معقّدًا للغاية.


كندا والمكسيك: تصعيد متبادل

أما على صعيد الجوار، فقد دخلت كندا والمكسيك في جولة من التصعيد المتبادل مع واشنطن منذ مارس الماضي، على خلفية ملفات تتعلق بالصناعات الثقيلة والخدمات الرقمية. وبدأت كندا فعليًا تطبيق رسوم مضادة، في حين تواصل المفاوضات في محاولة لتفادي تصعيد أوسع قد يُجهض اتفاقية USMCA المعدّلة.


تداعيات السوق والأسعار

الأسواق العالمية تفاعلت بقوة مع التصعيد، حيث شهدت أسعار المعادن الأساسية، خصوصًا النحاس، ارتفاعًا ملحوظًا تجاوز 10%، فيما حققت مؤشرات الأسهم الأوروبية مكاسب طفيفة بفعل التفاؤل بإمكانية إبرام اتفاقات قريبة، لا سيما بين بروكسل وواشنطن.
لكن الترقب يسود الأسواق الأمريكية والآسيوية، إذ تترقّب الشركات متعددة الجنسيات ما إذا كانت سلاسل التوريد ستتعرّض لهزّات جديدة قد تعيد رسم خارطة التجارة العالمية.

Related posts

 الأسواق في حالة من الجمود النسبي… فهل هو الهدوء قبل العاصفة؟

Nvidia: أول شركة في التاريخ تتجاوز 4 تريليونات دولار بفضل ثورة الذكاء الاصطناعي

مفاوضات جمركية بين أميركا وأوروبا تقترب من اتفاق أولي… لكن الخطر التجاري لا يزال قائمًا مع شركاء آخرين