بالرغم من صدور بيانات قوية لسوق العمل الأمريكي عن شهر أكتوبر بإضافة 250 الف وظيفة غير زراعية إلا أن حالة الاستقرار ضمن المستويات التي شهدناها سابقا هذا اسبوع استمرت
حيث يبدو لنا أن هناك ترقب لما سيتمخض عن الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي والتي تجري الثلاثاء القادم
نعلم أن عدة مواقع تهتم بالتحليل السياسي الأمريكي ترى أن الديموقراطيين سينتزعون مجلس النواب من الجمهوريين وفي نفس الوقت فإن فرص الجمهوريين بإبقاء اغلبيتهم في مجلس الشيوخ تعتبر قوية جداً
ولذا فإن النتائج المتوقعة هي مجلس النواب للديموقراطيين ومجلس الشيوخ للجمهوريين
ولكن ماذا يعني ذلك؟
ذلك إن تم فنعتقد أنه لن يكون سيء لأسواق الأسهم الامريكية أو الدولار بل ربما جيد قليلا
حيث لو كان الديموقراطيون قد حصلوا على اغلبية المجلسين مع 60 صوت في مجلس الشيوخ فإن ذلك قد يعني عزل ترامب من الرئاسة!
إلا أن احتمالية ذلك يبدو أنها ضعيفة جداً
العامل الذي سيضعف تنفيذ خطط ترامب هو أن مجلس النواب عندما يكون تحت سيطرة الديموقراطيين فإن أي قانون يريد ترامب تمريره فيجب عليه حينها أن يأخذ موافقة حزبه المنافس الديموقراطي
وهو أمر صعب جدا في ظل المشاحنات التي استمرت بين الحزبين منذ حملته الانتخابية
ولذا فإن هذه التوزيعة تعني تجميد أي خطط جديدة يريد ترامب طرحها
بالمقابل فإن أي خطة يريد الديموقراطيون تمريرها فيجب عليهم اخذ موافقة مجلس الشيوخ أي اخذ موافقة الجمهوريين والرئيس بالنهاية
إذاً فإن هذه التوزيعة إن تمت فستعني حالة من الجمود في احداث التغيرات القانونية الكبرى
إلا أن الأهم للاقتصاد الأمريكي كان قد مرر سابقاً وهو خفض الضرائب على الشركات والذي ساهم بدفع الأداء نحو مزيد من التقدم في الفترات الأخيرة بشكل عام
المشكلة التي ستواجه السياسيين الأمريكيين هي تمرير الموازنة الحكومية
نتذكر العقبات التي واجهتها في الأشهر الماضية والتي قد تؤدي مستقبلا إلى اغلاق جزئي للحكومة الأمريكية وخاصة إن تمكن الديموقراطيون من السيطرة على مجلس النواب!
في عهد أوباما وبعدما فقد حزبه اغلبيته في الكونجرس إلى الحزب الجمهوري المنافس له فإن الحكومة أغلقت جزئيا بسبب الخلاف على الموازنة.
قد يحاول الديموقراطيون عبر مجلس النواب الضغط على ترامب عبر فتح ملفات الحملة الانتخابية وطلب عزله إلا أن ذلك لن يستكمل طالما لا يمتلكون 60 صوتاً في مجلس الشيوخ
هذه المحاولات أيضا قد تسبب شد وجذب ودراما سياسية قد تنعكس جزئياً على الأسواق بشكل سلبي إلا أنها قد تعود للتعويض سريعاً كونها ليست كارثية ولن تستكمل
أسواق الأسهم الأمريكية قد تتخلى عن جزء من مخاوفها التي تكون قد تواجدت بسبب هذه الانتخابات لتعود وتقيم أداء شركاتها بناء على ربحيتها وبيانات الاقتصاد الكلي أمريكيا وعالمياً
أما الدولار وعوائد السندات الأمريكية فبشكل عام لن يؤثر عليهم ذلك كون الفيدرالي لن يمسه أحد وسيستمر بتقييم سياساته بشكل مستقل.
لذا فإن هذه التوزيعة للكونجرس تضمن لنا المزيد من الدراما السياسية ولكنها دون تأثير حقيقي على الاقتصاد الأمريكي
أما التوزيعات الأخرى فإنها إما أن تصب كليا لصالح الجمهوريين المسيطرين حاليا ولذا فلا تغير مهم بها
أو أن تصب كليا للديموقراطيين وعندها ستشكل عامل سلبي على أسواق الأسهم والدولار وعوائد السندات كونها سترفع الدراما السياسية لمستوى كبير وقد تؤدي لإعادة رفع الضرائب تدريجيا بهدف خفض الدين الحكومي!
ولكن احتمالية ذلك أيضاً تبقى ضعيفة مقارنة بالسيناريو الأول والذي هو توزيع الكونجرس على الحزبين.
نورس حافظ
كبير استراتيجي الأسواق