غداً تُعقد الشهادة النصف سنوية لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أمام الكونغرس الأمريكي، وذلك في وقت حرج بالنسبة للفيدرالي، حيث تتزامن مع الأسابيع الأولى من عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة. خلال الأيام الماضية، أصدر ترامب عدة أوامر تنفيذية، كان أبرزها فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على كندا والمكسيك، والتي تم تأجيل تنفيذها لمدة 30 يومًا لإتاحة المجال للمفاوضات، بينما تم فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات الصينية، مما دفع الصين للرد بفرض رسوم على بعض المنتجات الأمريكية.
علاوة على ذلك، هناك توقعات بأن ترامب قد يفرض في الأسابيع أو الأشهر القادمة رسومًا جمركية على الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، حيث سبق أن أعرب عن استيائه من العجز في الميزان التجاري مع هذه الدول. في ظل هذه الظروف، من المتوقع أن يواجه جيروم باول مجموعة من الأسئلة الهامة من أعضاء الكونغرس، والتي قد تتناول عدة محاور رئيسية كما يلي:
الأسئلة المتوقعة في شهادة جيروم باول أمام الكونغرس
1. السياسة النقدية والركود المحتمل
- كيف يؤثر تصاعد التوترات التجارية على قرارات السياسة النقدية للفيدرالي؟
- هل تعتقد أن السياسات الجمركية الأخيرة قد تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي أو زيادة مخاطر الركود؟
- هل هناك حاجة لخفض أسعار الفائدة قريبًا لدعم النمو الاقتصادي، أم أن التضخم لا يزال مرتفعًا بشكل يمنع ذلك؟
- كيف ترى معدلات البطالة الحالية في سياق دورة التشديد النقدي السابقة، وهل بدأ تأثيرها السلبي يظهر على الاقتصاد؟
2. العلاقة بين الفيدرالي والبيت الأبيض
- هل تعرض الفيدرالي لأي ضغوط مباشرة أو غير مباشرة من إدارة ترامب بشأن مسار الفائدة؟
- كيف يضمن الفيدرالي استقلاليته وسط سياسات ترامب الاقتصادية الجديدة؟
- هل هناك قلق من أن سياسات البيت الأبيض قد تتعارض مع استراتيجيات الفيدرالي لتحقيق استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي؟
4. الدين العام وسوق السندات
- كيف تؤثر المستويات المرتفعة للدين العام الأمريكي على قرارات الفيدرالي؟
- هل لدى الفيدرالي مخاوف من ارتفاع عوائد السندات أكثر وتأثيرها على تكلفة التمويل الحكومي؟
- هل هناك توقعات بأن يضطر الفيدرالي إلى التدخل في سوق السندات في حال حدوث تقلبات حادة بسبب السياسات الاقتصادية الجديدة؟
5. الاستقرار المالي والقطاع المصرفي
- كيف ترى حالة البنوك الأمريكية في ظل استمرار التشديد النقدي والارتفاع النسبي في أسعار الفائدة؟
6. الدولار والتجارة العالمية
- هل هناك قلق من أن قوة الدولار قد تؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية؟
- ما هو تقييمك لتأثير سياسات الحماية التجارية على ميزان المدفوعات الأمريكي؟
- هل يتوقع الفيدرالي أي ردود فعل من الأسواق العالمية تجاه سياسات ترامب التجارية وتأثيرها على استقرار النظام المالي العالمي؟
التوقعات لإجابات جيروم باول في شهادته أمام الكونغرس
1. تأثير الرسوم الجمركية على التضخم والسياسة النقدية
من غير المتوقع أن يعطي جيروم باول إجابة حاسمة حول تأثير الرسوم الجمركية على التضخم، حيث إن تنفيذ بعضها ما زال غير مؤكد، مثل الرسوم على كندا والمكسيك التي تم تأجيلها. ومع ذلك، قد يعترف بأن الرسوم الجمركية تؤدي عادة إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد، مما قد يؤدي إلى تضخم أعلى. لكنه قد يشير أيضًا إلى أن تأثيرها الفعلي على التضخم يعتمد على عدة عوامل، مثل كيفية استجابة الشركات والمستهلكين لهذه التكاليف.
أما بخصوص السياسة النقدية، فمن المرجح أن يتبع باول نهجًا حذرًا، دون رسم مسار واضح لأسعار الفائدة. من المستبعد أن يؤكد خفضًا للفائدة قريبًا أو خلال العام، بل سيبقى موقف الفيدرالي معتمدًا على البيانات الاقتصادية المستقبلية، وهي الاستراتيجية المعتادة لرؤساء البنوك المركزية عندما تكون التوقعات غير واضحة.
2. تأثير الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي والتجارة الدولية
من المحتمل أن يشير باول إلى أن هناك بعض المخاطر السلبية على النمو نتيجة السياسات الجمركية، لكنه سيؤكد في الوقت نفسه أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في وضع قوي. سيُذكّر بأن سوق العمل ما زال متماسكًا، حيث تراجع معدل البطالة من 4.1% إلى 4%، ولا تزال الوظائف تُضاف بوتيرة جيدة.
أما بالنسبة للتجارة، فمن غير المتوقع أن يتخذ موقفًا صريحًا بشأن مدى تأثرها، لكنه قد يُقر بأن التوترات التجارية قد تُضعف بعض القطاعات، خاصة تلك التي تعتمد على الواردات أو الصادرات بشكل كبير. لكنه قد يشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال لديه زخم كافٍ لمواجهة هذه التحديات.
3. تأثير الرسوم الجمركية على سوق العمل
من المتوقع أن يؤكد باول أن سوق العمل لا يزال قويًا حتى الآن، حيث لا تزال الوظائف تُضاف بمعدلات جيدة، ومعدل البطالة منخفض. لكنه قد يحذر من أن استمرار التوترات التجارية قد يُضعف بعض القطاعات مستقبلاً. لكنه لن يجزم بأن هناك تدهورًا وشيكًا في سوق العمل.
5. استقلالية الفيدرالي وعلاقته بالبيت الأبيض
إذا وُجّهت إليه أسئلة حول الضغوط المحتملة من البيت الأبيض لخفض الفائدة، فمن المتوقع أن يكون حذراً في رده، مؤكدًا استقلالية الفيدرالي وعدم تأثره بأي ضغوط سياسية. لكنه قد يتجنب الخوض في أي تفاصيل حول ما إذا كانت هناك ضغوط فعلية من إدارة ترامب.
الخاتمة
بشكل عام، من المرجح أن يلتزم باول بنهج حذر في إجاباته، حيث سيُبقي الباب مفتوحًا أمام كل السيناريوهات دون إعطاء توجيه واضح للأسواق. سيشير إلى أن التضخم يتراجع تدريجيًا، وأن الفيدرالي لا يرى ضرورة لرفع الفائدة حاليًا، لكنه في الوقت نفسه سيؤكد أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قويًا، وأن سوق العمل متين. التحدي الأكبر سيكون في مدى وضوح تصريحاته وتأثيرها على الأسواق، حيث سيترقب المستثمرون أي إشارات قد تُلمّح إلى اتجاه السياسة النقدية في الأشهر المقبلة.