أهم ما يشغل المستثمرين في الوقت الحالي مشكلة الليرة التركية والاقتصاد التركي بشكل عام. سوف نستعرض معًا نظرتنا على الاقتصاد التركي والمشاكل التي تحيط به والتي قد تؤثر على العملة في الشهور القليلة القادمة، واحتمالات التأثير سلبًا أو إيجابًا على العملة أمام باقي العملات الرئيسية، لاسيما الدولار الأمريكي بما أنه الأهم حاليًا بسبب احتمالات دخول الولايات المتحدة الأمريكية في حرب تجارية جديدة مع الجانب التركي بسبب التعريفة الجمركية على الواردات التركية إلى الولايات المتحدة.
جاءت تطورات الأحداث الاقتصادية التركية بالترتيب بعد المشكلة الكبيرة التي حدثت للاقتصاد التركي والتي دفعت الليرة التركية إلى الانهيار إلى مستوى 5.12992 أمام الدولار الأمريكي، ولكن في الوقت الحالي شهدت أيضاً الليرة هزات عنيفة نتيجة ما كتبه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على تويتر بأنه من المحتمل أن يعدل التعريفة الجمركية على الواردات التركية لتلوح في الأفق حرب تجارية أخرى. ولم يكتفي ترامب بهذا فقط بل هدد تركيا وحذرها من التدخل في الأحوال السورية، وهو أيضاً ما أقلق كثير من المستثمرين نظراً إلى أن الدخول في مواجهات مع الجانب الأمريكي الآن بالنسبة لتركيا أمر مقلق في ظل أحوال الاقتصاد غير الجيدة.
وظهرت بيانات الاحتياطي التركي والتي فقدت 10 مليار دولار في العام الجاري إلى جانب اهتزاز ثقة المستثمرين خوفاً من احتمالات الضغط على تركيا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص الحد من صادرات تركيا إلى الولايات المتحدة، وهو أمر مقلق جداً بعد هبوط الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي وزيادة الصادرات، فيعتبر هذا بمثابة تحقيق بعض التوازن لهبوط سعر الليرة. أما هبوط معدلات الصادرات مع المستويات الحالية للعملة قد تزيد من الضغوط الاقتصادية على تركيا.
وحتى يتجنب البنك المركزي التركي خطر هبوط العملة أكثر من ذلك، فقد قامت البنوك بشراء الليرة التركية في السوق المفتوح بكميات كبيرة حتى يتوازن العرض والطلب على الليرة التركية، وهو ما قد أحدث بعض التوازن بالفعل ولكنه زاد من الـ Swap rate على العملة، وهي سعر الفائدة على تغيير العملة بين البنوك وبعضها. ويستمر مسلسل المواجهة بين البنك المركزي التركي والرئيس رجب طيب أردوغان والذي بدأ العام الماضي، وكانت نتيجة هذه المواجهة هبوط العملة للمستوى المذكور عندما وصف الرئيس التركي الفائدة البنكية بأنها أم الشرور. مازال اردوغان يطالب البنك المركزي بزيادة التسهيل وخفض معدلات الفائدة حتى يتم البدء في السياسة التوسعية والتي من شأنها أن تزيد من معدلات نمو الاقتصاد، ولكن البنك المركزي بكل تأكيد يعرف جيداً أنه لا يمكن استخدام السياسة التوسعية حالياً مع مستويات العملة التركية المنخفضة لأنها ستزيد من الضغط عليها.
في الوقت الحالي من المحتمل أن تهبط الليرة قليلاً أمام الدولار الأمريكي نظراً إلى أن كل الارتفاعات السابقة على العملة كانت إما بسبب دعم العملة من البنوك التركية والبنك المركزي، أو بسبب الأموال التي تدفقت إلى تركيا في العام الماضي بسبب ارتفاع معدلات الفائدة البنيكة، وكانت عن طريق السندات الحكومية.
الاقتصاد التركي بكل تأكيد عُرضه لأي قرارات سياسية قد تؤثر بالسلب على الأحوال التركية، وبكل تأكيد ليس في مصلحة تركيا الآن الدخول في مواجهة مع الجانب الأمريكي لأنها الطرف الأضعف اقتصادياً.