تصاعد في الأيام الأخيرة الحديث عن الخروقات القانونية التي ارتكبها المحامي الاسبق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب
وأهمها التي تمت أثناء الحملة الانتخابية عبر دفع أموال لامرأتين لشراء صمتهما وعدم التحدث عن علاقتهما المزعومة بترامب مما اعتبر خرقا قانونيا كون هذه الأموال لم يعلن عنها حينها وقد يراد منها التأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية
إقرار المحامي السابق بالذنب بارتكابه هذا الخرق وادعاؤه أن ترامب هو من وجهه لفعل ذلك والذي تبعه إقرار المحامي الحالي لترامب بأن ما حدث كان رغبة من المرشح حينها لطي هذه الصفحة لأغراض عائلية شخصية وليس للتأثير على الانتخابات
الأمر لا يتوقف هنا حيث ما يزال التحقيق مستمر بشأن علاقة الحملة الانتخابية لترامب بالروس المتهمين بالتأثير على الانتخابات الرئاسية عام 2016
المحقق الخاص مولر ما يزال يبحث في كل صغيرة وكبيرة وملفه يزداد حجما كل يوم
ولكن هل هذا الملف يشكل خطرا حقيقيا على مستقبل ترامب في البيت الأبيض؟
كان أشد المواقف التي تعرض لها بهذا الملف هو عندما اتهمه رئيس الاف بي أي السابق كومي بأن الرئيس سعى لعرقلة العدالة عندما طلب منه إيقاف التحقيق بشأن علاقة حملة ترامب بالتدخل الروسي الانتخابي
إلا أن عدم وجود تسجيلات صوتية لتلك المحادثة جعلت الموقف لا يتعدى أن يكون الأمر مجرد كلمة الرئيس أمام كلمة المرؤوس ولذا لم ينتج الأمر تداعيات آنية مهمة باستثناء انها دفعت وزارة العدل لتعيين روبيرت مولر كمحقق خاص بشأن تدخل الروس بالانتخابات وعلاقة الحملة بهم
الآن الوضع مختلف حيث هناك اعترافات واضحة بدفع أموال يرى العديد أنها أثرت على أصوات الناخبين
إلا أن العامل الأهم في كل ما يجري هو أن الأغلبية في الكونجرس من حزب الرئيس الجمهوري
أي أن أعضاء الكونجرس بمجلسي النواب والشيوخ لن يضعوا أنفسهم في موقف ضعيف أمام منافسيهم الديموقراطيين وخاصة مع قرب انتخابات الكونجرس في نوفمبر المقبل
ولذا فإن التهديد الحقيقي بفتح الملفات وتوجيه المساءلة للرئيس يجب أن تتم بعد تغير خارطة الكونجرس وبعد هيمنة الديموقراطيين عليه
حاليا يسيطر الجمهوريون على الكونجرس بمجلسيه ويسعى ترامب ونائبه في الفترة الحالية حتى موعد الانتخابات لحضور أكبر عدد من الفعاليات التي تعزز إعادة التصويت لأعضاء الحزب الجمهوري
حيث يستخدم ترامب والحزب ككل إنجازاته بخفض الضرائب وتكوين الوظائف وحماية المصالح الامريكية عبر فرض الرسوم على الصين وغيرها بأنها إنجازات هامة تستدعي إعادة انتخاب أعضاء الحزب الجمهوري مجددا
عمليا فإن خفض الضرائب واستمرار التوظيف تعتبر من أهم العناصر التي يرجح أن تساعد الجمهوريين بإعادة انتخابهم واستمرار سيطرتهم
كثير من الوعود الانتخابية التي قطعها ترامب تم تنفيذها وكثير منها يصب في مصلحة الفرد الأمريكي ولذا فإنه من الصعوبة أن تنتج انتخابات تغير خارطة الكونجرس
ناهيك عن أن القانون يحدد أنه لعزل الرئيس الأمريكي فيجب أن يوافق على ذلك ثلثا مجلس الشيوخ
فكيف للديموقراطيين في هذه الظروف أن يفوزا بهذه النسبة في نوفمبر ؟!
ولذا فإن الاحداث الحالية يرجح أن تخلق نوع من الاضطراب لدى المستثمرين وخاصة مع اقتراب الانتخابات ويرجح أن تدفع المستثمر لانتظار نتيجتها
وهو ما قد يجمد الدولار و سوق الأسهم الأمريكية ضمن نطاقات محدودة حتى معرفة النتائج وبعدها يتوقع عودة الزخم بها
أما الملاذات الآمنة فيتوقع أن تستفيد في الفترة قبل اعلان النتائج وتتراجع بعدها
نورس حافظ
كبير استراتيجي الأسواق