لما ستزيد الحكومة المصرية الضرائب؟

شهدت العملة المحلية المصرية خلال خذا الاسبوع تعويماً جديداً مما دفع الدولار الامريكي الى الارتفاع أمام الجنيه المصري ليصل الى مستوى 23 جنيه تقريباً كأعلى سعر لتداولات هذا الاسبوع، وكان هذا القرار متوقعاً من صناع السياسة المالية المصرية لمواجهة أخطار التضخم واخطار وجود سعرين للدولار داخل الاقتصاد حيث أن سعر الدولار في البنوك كان 19 دولار في المتوسط بينما كان يتم تداول الدولار فيما يسمى بالسوق السوداء أو السوق الموازية ب 22 جنيه في المتوسط مما دفع محافظ البنك المركزي الى رفع معدلات الفائدة للحد من السيولة النقدية داخل الاقتصاد وتعويم الجنيه ليكون سعره واحد داخل الاقتصاد.

هذا القرار لن يؤثر على أسعار السلع والخدمات في مصر على المدى القصير بكل تأكيد ذلك لأن الاسواق بالفعل كانت تتعامل مع الدولار الامريكي بسعر 23 جنيه تقريباً خلال الاشهر الماضية مما يعني أن الارتفاع الان مجرد ارتفاع في القطاع المصرفي ليتماشى مع معدلات العرض والطلب في السوق الموازي، وهو ما يعني ان السلع لن تشهد ارتفاع مفاجىء كما حدث في السابق لانها كان يتم شرائها بأسعار مرتفعة في الاساس.

رفع معدل الفائدة البنكية بسمى بالسياسة الانكماشية في علم الاقتصاد وهو الحد من السيولة، وجاء هذا القرار ليحد من هبوط الجنيه أمام الدولار بشكل قوي، أو يمكننا القول للسيطرة على ارتفاع الدولار الذي كان متوقعاً بشبب هذا القرار، قد يشهد الدولار ارتفاعات امام الجنية المصري أكثر من ذلك بكل تأكيد ولكن لن تكون الارتفاعات قوية وسريعة كما كا يحدث من قبل ذلك بسبب اتجاه البنك المركزي المصري الى ترك العملة المحلية للعرض والطلب، والذي ينوي البنك المركزي المصري السيطرة عليهم بشكل قوي عن طريق الحد من الطلب على الدولار الامريكي و وضع استراتيجيات قوية للسيطرة على السوق الموازية ومحاولة منعها بشتى الطرق وهو قرار هام جداً حتى لا تخرج الامور عن السيطرة.

عملية تحجيم الطلب على الدولار الامريكي قد بدأت بالفعل منذ عدة أشهر من صناع السياسة المالية في مصر، وكان أهمها الاستغناء عن استيراد بعض السلع وهو ما يعني محاولة السيطرة على عجز الميزات التجاري، وفي الوقت نفسه يحاول البنك المركزي سحب المزيد من السيولة بعد رفع الفائدة حيث أن الخطوة الاولى كانت رفع الاحتياطي النقدي للقطاع المصرفي وهي خطوة من خطوات تقليل السيولة في الاقتصاد.

الامر الذي يقلق البنك المركزي الان هو عدم تماشي الحكومة معه فيما يخص وزن الامور بين السياسة النقدية والمالية في الدولة، لان رفع معدل الفائدة الان يعد خطر كبير على أداء الاقتصاد وهو ما يعني وجوب ضبط السياسة المالية معه عن طريق زيادة الانفاق الحكومي بكل لا يدخل الاقتصاد في مرحلة كساد، ولكي يحدث ذلك يجب أن تزيد الحكومة الانفاق وبالتالي يجب أيضاً أن تزداد الضرائب خلال المرحلة القادمة.

زيادة الضرائب الغير مباشرة لها أثر سريع على الدخل الحكومي وهو امر متوقع أن يحدث في مصر عن طريق زيادة الضرائب على بعض السلع والخدمات، أما الضرائب المباشر والتي قد تاخذ بعض الوقت لتحقيق اهدافها فهي الاخرى قد شهدت بعض الارتفاعات خلال الاعوام الماضية، وهنا نستطيع تلخيص كل ذلك في ان الحكومة يجب أن تزيد من الانفاق وهو ما يعني تزويد الضرائب حتى تستطيع زيادة الانفاق ذلك لان دخل الحكومة يكون من الضرائب.

لما ستزيد الحكومة الضرائب؟

بسبب ارتفاع معدل الفائدة، فأرتفاع معدل الفائدة يجب أن يحدث فقط في حالة كان الاقتصاد قوي جداً والتضخم مرتفع، في هذه الحالة يمكن تهدئة الاقتصاد عن طريق رفع الفائدة البنكية والحد من السيولة، وبالتالي يبدأ الطلب الكلي في التراجع ما يهدأ من التضخم، وهذا ما يحدث في الولايات المتحدة الامريكية الان، اما في حالة كان الاقتصاد ضعيف في الاساس، فيجب خفض معدلات الفائدة البنكية حتى ينتعش الطلب الكلي في الاقتصاد وبالتالي يحدث الرواج في الاسواق والذي يدفع الاقتصاد الى الامام ويبدأ في مرحلة الانتعاس، وهي السياسة التوسعية.

اذا لماذا يرفع البنك المركزي الفائدة في حين أن الاقتصاد لا يعمل بكل كفائته؟ ذلك بسبب التضخم الكبير ولكن هذا سيضغط بكل تأكيد على الطلب الكلي، مما سيدفع الحكومة لزيادة الانفاق وسيقلص دور القطاع الخاص في المشاركة في الاقتصاد، مما قد يزيد من معدلات البطالة في المرحلة القادمة أيضاً، أما تأثيره على الناتج المحلي الاجمالي فمن الممكن أن يكون جيد بسبب استمرار انفاق الحكومة عند مستويات مرتفعة، وهو ما يأمله البنك المركزي في الوقت الحالي.

لاحظ أن البنك المركزي وظيفته الاساسية هي السيطرة على معدلات التضخم، اما الحكومة فشغلها الاهم هو الحفاظ على الاقتصاد ككل عن طريق المحافظة على معدلات النمو المنتظمة والمستدامة وتحقيق الكفائة القصوى من الموارد الاقتصادية المحدودة مع خفض عدد البطالة. في الوقت الحالي يتجه المركزي الى السياسة التشديد وهو ما سيضغط على الحكومة بشكل قوي لتحقيق اهدافها، لذلك لا سبيل أمام الجكومة الا زيادة الانفاق، وهو ما يعني كما ذكرنا زيادة الضرائب، زياددة الضرائب يعني أن الدخول الحقيقية للأفراد ستنخفض مما يضغط على الانفاق الاستهلاكي وهو ما سيجعل القطاع الخاص في منحنى هابط خلال الفترات الادمة بسبب انخفاض الطلب الكلي والذي يدفع الشركات الى تقليل الانتاج. لذا في هذه الحوال الصعبة يجب ان يكون هناك توازن قوي بين السياسة المالية والنقدية في الدولة.

Related posts

حالة من التباين في الأداء نتيجة تأثرها بعدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية

 نتائج شركة NVIDIA للربع الأخير

تراجع جديد للأسهم الأمريكية والأوروبية وسط استمرار المخاوف الجيوسياسية