لنتعرف بالبداية على أبرز أرقام الاقتصاد الروسي:
- الناتج المحلي الإجمالي:سجل في عام 2021 ما يقدر بـ 1.7$ تريليون بالقيمة الإسمية
و4.32$ تريليون وفق تكافؤ القوة الشرائية التي تراعي التضخم.
عالميا هو في المرتبة 11 وفق القيمة الإسمية والـ 5 وفق تكافؤ القوة الشرائية.
- نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي:
عدد سكان روسيا في عام 2020 سجل 146.7 مليون نسمة
ولذا فنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 11,654$ وفق القيمة الإسمية
وأما وفق تكافؤ القوة الشرائية فعند 29,485$ وبترتيب عالمي عند 55
ورغم أن روسيا دولة نووية ولها حق التصويت كعضو دائم في مجلس الأمن إلا أن اقتصادها ليس بالمتفوق من ناحية الناتج المحلي الإجمالي أو نصيب الفرد منه
إلا أن قوتها تكمن في جانب آخر…
- الصادرات والاحتياطيات من النقد الأجنبي والدين:صادرات روسيا في عام 2021 بلغت حوالي 550 مليار دولار
ونصيب الاتحاد الأوروبي منه 45% أي أن حوالي نصف صادرات روسيا تذهب للاتحاد الأوروبي
بينما نسبة واردات روسيا من الإتحاد الأوروبي فتبلغ 39%
أما احتياطياتها من النقد الأجنبي فبلغت 592.4$ مليار في منتصف عام 2021 وتعتبر جيدة
والجيد أيضا أن نسبة الدين العام منخفضة وتقع عند 10.2% من الناتج المحلي الإجمالي.
ضخامة أهمية روسيا ليس بحجم اقتصادها بل بتأثيرها على الإقتصادات الكبرى:
سلة غذائية:
حيث روسيا تعتبر أكبر مصدر للقمح في العالم بنصيب عالمي عند 18% بأكثر من 22.7 مليون طن متري خلال العام الماضي
وضخامة تأثير روسيا حاليا هو أن احتلالها لأوكرانيا يتوقع أن يعطل صادرات الأخيرة من المواد الغذائية لفترة ويرفع أسعار الغذاء عالميا وربما يسبب مجاعات في بعض المناطق
حيث تعتبر أوكرانيا الخامسة عالميا في تصدير القمح بنسبة 7% من الصادرات العالمية
وأكثر من نصف صادرات أوكرانيا التي اجمالها 68.2$ مليار في عام 2021 هي مواد غذائية من قمح وذرة وزيت صويا وغيرها
وتعتبر 71% من أراضي أوكرانيا صالحة للزراعة كأكبر بلد بالإتحاد الأوروبي في هذه النسبة
و25% من أراضيها لها تربة سوداء خصبة زراعيا.
روسيا مؤثر حاسم في إمدادات الطاقة إلى الاتحاد الأوروبي:
يعتمد الإتحاد الأوروبي في إمدادات الطاقة على روسيا بشكل كبير
حيث بلغت نسبة واردات الإتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي الروسي في العام الماضي 46%
بينما من النرويج التي ليست ضمن الإتحاد 20% ومن الجزائر 11% ومن أميركا 6% بينما من قطر 4% وفق الخارطة التالية
أما اعتماد كل دولة في الإتحاد على الغاز الروسي فيتباين
حيث في دول البلطيق والشمال الأوروبي كلاتفيا واستونيا وليتوانيا تبلغ نسبة الاعتماد على الغاز الروسي كبيرة بين 60% إلى 80%
بينما في التشيك وبولندا وألمانيا وإيطاليا فتبلغ حوالي 50% وفي فرنسا 20%
والإعتماد كبير أيضا بشأن المنتجات البترولية حيث استورد الإتحاد الأوروبي من روسيا 25% من احتياجاته البترولية في عام 2021
بينما من النرويج 9% وبالتساوي 8% من ليبيا وأميركا وكازاخستان
الأمر لا يتوقف هنا بل أيضا يعتمد الإتحاد الأوروبي على ما تصدره روسيا من وقود صلب
والوقود الصلب يشمل الفحم والخشب والحبوب التي تستخدم في عمليات الحرق وغيرها مما يشابهها
حيث يستورد الإتحاد 47% من وارداته من روسيا بينما 18% من أميركا و14% من استراليا و8% من كولومبيا
ومن كل ما ذكر فإن الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل كبير على ورادات روسيا الحيوية وبشكل لا يمكن تعويضه من بقية المناطق
ولذا فبإمكان روسيا أن تقطع إمدادات الطاقة عن الإتحاد الأوروبي وتسبب بحالة شلل للقطاعات
وحتى لو قام الإتحاد الأوروبي والعالم بأسره باستخدام الاحتياطيات من الطاقة
إلا أن ذلك لفترة محدودة ولن يستطيع تلبية احتياجيات أوروبا للمدى المتوسط دون اللجوء إلى الطاقة الروسية
وفي هذا السيناريو فنتوقع ارتفاع كبير في أسعار الطاقة وتكلفة مرتفعة للشركات والأعمال
مما سيؤدي لأن ترفع هذه الشركات من أسعار خدماتها ومنتجاتها ويدفع المستهلك لأن يعاني من تضخم الأسعار
ومما سيقلل من دخله الحقيقي وقوته الشرائية ويدفعه لخفض مشترياته بقدر الإمكان
الأمر الذي سيؤدي إلى إفلاس لشركات وتسريح لعمالة ودوامة من المعاناة الإقتصادية حول العالم تستدعي سنوات لمعالجتها
ولذا فإن سلاح قطع الإمدادات والتأثير على صادرات الغذاء الأوكرانية يعتبر سلاح نووي إقتصاديا
وهو من آخر ما يمكن استخدامه في حالة المفاوضات اللاعسكرية!
وهذا الأمر سبب حالة الارتباك الكبيرة التي شهدناها في الأسواق
حيث سجلت أسعار الذهب 1972$ بينما تجاوز النفط عتبة 100$ وتراجعت أسواق الأسهم بحدة قبل أن تهدأ
حيث في حال استمر الأمر على مجرد السيطرة على أوكرانيا دون قطع لإمدادات الطاقة الذي بالطبع سيؤثر على روسيا أيضا فإن الأمر يمكن تجاوزه اقتصاديا
وهو ما أعاد الذهب للتراجع سريعا دون 1900$ ودفع مؤشرات الأسهم في أميركا لتعويض خسائرها
وخاصة ان الرئيس بايدن أعلنها أنه لن يتدخل عسكريا في أوكرانيا!
وقادم الأيام سيكشف عما إذا كانت الأمور تتجه لخفض التوترات أو رفعها!