كيف تستفيد من الأحداث الحالية لصالح استثمارك
عندما يهبط سوق الأسهم كما حدث مع بداية العام الجاري 2022 يجب دائمًا الانتظار والترقب للفرص التي من الممكن أن تظهر مع هبوط الأسواق، فكما نعرف أن الثروات تُصنع في وقت الأزمات ولكن الانتظار حتى تنتهي الأزمة وتأثير الأزمة على الأسواق هو شىء مهم جدًا في هذا الوقت
ولكن كيف تعرف انه وقت الشراء ؟
أولًا ما هي قيمة الشركة؟
عندما تهبط الأسواق بهذا الشكل ينظر المستثمرين إلى تقييم الأسهم أولًا، ما هي قيمة الشركة ؟ وما هو السعر العادل للسهم المتماشي مع تقييم الشركة صاحبة السهم؟، وبالتالي عندما يجد المستثمرين أن سهم شركة ما قد هبط إلى مستوى سعري مساوي للقيمة الحقيقية للشركة فعلى الفور يتم شراء الأسهم ، هذا لأن من المعروف أن الأسهم دائمًا ما تتداول عند أسعار مرتفعة عن قيمة الشركة الحقيقية، وبالتالي عندما تكون هناك فرص لشراء أسهم شركات قوية على أسعار جيدة فهنا تُصنع الثروات.
كيف يمكننا تحديد قيمة الشركة؟
كما ذكرنا أن المستثمرين دائما ما يدفعون أكثر مما يجب دفعه في الأسهم بسبب أن الأسهم دائمًا ما تتداول عند أسعار أعلى من القيمة العادلة لها، وهو ما يفسر أن تداول السهم عند القيمة العادلة يعني أن شراءه يعد فرصة قوية ولكن هذا نادرًا ما يحدث في الاقتصادات القوية
نموذج توضيحي لكيفية تقييم سعر السهم:
في الشكل التالي يمكننا ملاحظة كمية النقود التي يدفعها المستثمرين في مقابل جني دولار واحد من الأرباح.
- هذاالنموذج يقيس سعر السهم مقارنة بأرباح السهم بشكل متقدم وهو مؤشر هام جداً يعطينان ظرة على كمية الدولارات التي يدفعها المستثمرين مقابل جني دولار واحد
- لاحظ أن المتوسط التاريخي للمؤشر عند 15 دولارتقريبًا، وهو مايعني أن المستثمر في المتوسط مستعد أن يدفع 15 دولار في السهم مقابل جني دولار واحد فقط والسبب هو أن الشركة بالنسبة له يجب أن تكون قوية كفاية ليتأكد أنه سيحصل على الدولار
- الفارق بين الدولار والمبلغ المدفوع يكون للزيادة في نسب التأكد من الحصول على الأرباح.
- عندما يرى المستثمر أن الدولار الواحد كأرباح سيأتي بنسبة احتمالات كبيرة فهنا يدفع المستثمر أعلى من قيمةالسهم
- لاحظ أن في عام 2000- 2001 كان متوسط المؤشر عندمستوى 26 دولارتقريباً مقابل الدولار الواحدمن الأرباح وهي نسبة مرتفعة جداً، والآن يتحرك المؤشر عندنسبة 22 دولارتقريباً وهي نسبة مرتفعةأيضاً مقارنةبالمتوسط التاريخي عند 15 دولار.
- هذا المؤشر يعطينا رؤية واضحة هل سوق الأسهم أعلى من قيمته الحقيقية أملا، وفي الوقت الحالي تقييم الاسهم الامريكية مرتفع جداً عن القيمةالعادلة، وبالتالي قديهبط السوق أكثر من ذلك ولكنهنا كمؤشرات اخرى يجب النظراليها.
ماذا تعني هذه النسب لسوق الاسهم وكيف يمكننا الاستفادة منها ؟
لتحديد القيم العادلة لسوق الاسهم دائماً ما ينظر المستثمرين الى نماذج التقييم المعروفة، وفي الشكل التالي سننظر الى رسم بياني يوضح لنا كيف يمكننا تحديد قيم الاسهم الامريكية في الوقت الحالي
● الشكل التالي يوضح الأرباح المتوقعة لمؤشر ستاندرد آند بورز الأمريكي والمتوقع أن تكون أرباح خلال العام الجاري عند مستوى 224 دولار
● هذا يعني أن القيمة العادلة لمؤشر ستاندرد أند بورز خلال 60 عام عند مستوى 3360 أي يحتاج المؤشر لهبوط يقارب ال 30%
● أما في أخر 5 سنوات يحتاج المؤشر للهبوط 14% تقريباً وهو ما يعني أن القيمة العادلة للمؤشر والاسهم المدرجة فيه تختلف بالنسبة لعدد السنين المحسوبة، فالقيمة العادلة لآخر 5 سنوات تتحقق في حالة هبوط السوق 14% فقط
● أما في حالة أخذ متوسط ال60 عام الماضية فتجد أن النسبة تصل الى 30% تقريباً
● لذلك عند حساب متوسط القيم العادلة للأسهم يجب تحديد المدة الزمنية
ما يجب أن يعرفه المستثمر:
أهم ما يجب على المستثمر معرفته الآن هو أن السوق مازال أعلى من القيمة العادلة له خلال 5 سنوات و10 سنوات، وهو ما يعني أن السوق قد يهبط أكثر من ذلك في حالة حدوث أي فزع بيعي في الأسواق في الفترات القادمة. ولكن نود أن نوضح أن كلما زادت نسبة الهبوط من أعلى نقطة وصل لها المؤشر كلما كانت الاحتمالات أقل، لذلك لا يجب أبداً الافتراض بأن السوق سيهبط إلى مستويات ال60 لذلك يجب عليك كمستثمر أن يكون لك أهدافك الخاصة وطريقة الاستثمار المناسبة لك للوصول لتلك الأهداف.
هل معدلات الفائدة مؤشر هام يجب النظر إليه ؟
بكل تأكيد معدلات الفائدة لها تأثير قوي على تقييم الشركات وبالتالي له تأثير مباشر على تقييم الأسهم بشكل عام
● في الوقت الذي تكون فيه معدلات الفائدة البنكية منخفضة أو قريبة من الصفر كما هو الحال في الوقت الحالي، دائما ما تندفع رؤوس الأموال الى أسواق الأسهم للحصول على عائد جيد على الاستثمار
● هذا لأن الاستثمار في السندات الحكومية لا يعطي عائد في ظل الفائدة الصفرية، وبالتالي يُجبر المستثمر على شراء الأسهم حتى و إن كانت القيمة مرتفعة جداً وهذا يُفسر الرسم الأول في هذا البحث، والخاص بدفع 22 دولار تقريباً لكل دولار محتمل تحقيقه كأرباح
● المستثمر لا يجد طريق آخر لتحقيق الأرباح فيقبل بالاستثمار الآخر والذي تكون المخاطرة فيه مرتفعة
● ارتفاع معدلات الفائدة يؤثر على سوق الأسهم بالسلب وهو ما يُفسر الخوف الشديد والقلق من احتمالية رفع الفائدة وهبوط الأسواق كلما لوح الفيدرالي إلى رفع معدلات الفائدة خلال العام الجاري
● حتى وإن كانت الفائدة بعد رفعها ستكون قليلة نسبة إلى المتوسط التاريخي، الا أن المعطيات تشير ألى احتمالات هبوط الاسواق قليلاً في حالة رفع معدلات الفائدة.
فرص استثمارية خارج السوق الأمريكي:
هذا الحديث عن السوق الامريكي ومؤشر ستاندرد أند بورز 500، فهل هناك فرص أخرى؟
في الوقت الذي يكون فيه السوق الامريكي مرتفع بشكل كبير من حيث تقييم الاسهم دائماً ما يبحث المستثمرين عن فرص بديلة، سواء كانت في دول أخرى فيما يخص سوق الأسهم، أو فرص في أسواق أخرى كسوق السندات في الاسواق الناشئة أو سوق السلع كالذهب والفضة والنفط مثلا
أهم الفرص الاستثمارية خارج السوق الأمريكي:
● من الشكل المرفق تجد أن سويسرا الدولة رقم 1 من يمين الرسم تعد الأغلى والأعلى في العالم من حيث تقييم أسهمها، ما يعني أن الأسهم السويسرية الآن تتداول عند قيم مرتفعة جدًا وبالتالي في حالة حدوث هبوط في الأسواق العالمية قد يهبط السوق السويسري بشكل أعمق من الأسواق الأخرى تليها تايوان ثم الولايات المتحدة الأمريكية
● بالنظر إلى الجانب الآخر للرسم من اليسار تجد أن سنغافورة تعد الأفضل من حيث تقييم الأسهم، ما يعني أن أسهم الدولة في الوقت الحالي هي الأرخص مقارنة بالتاريخ، فقد كان السوق السنغافوري أرخص من المستويات الحالية للأسهم فقط بنسبة 16% من الوقت ما يعني أن السوق الآن من حيث تقييم الأسهم جيد للشراء، يليه جنوب أفريقيا ثم اليابان ورابعهم بولندا.
● اذا نظرت الى السوق الأوروبي أيضاً في منتصف الرسم تجد أن السوق الأوروبي في الوقت الحالي يعد أرخص كثيراً من السوق الامريكي للأسهم
● السوق الأوروبي أرخص من الوقت الحالي فقط 56% من الوقت، وهو ما يعني أن الاستثمار في الاسهم الاوروبية جيد في الوقت الحالي
● لا تنسى أن الحرب على أوكرانيا لها تأثير كبير على السوق الأوروبي فيُفضل دراسة السوق أخذاً في الاعتبار النزاع الروسي الأوكراني لتصل الى نتيجة منطقية للاستثمار في الأسواق الأوروبية وكذلك بولندا.
نصائح للمستثمر في الوقت الحالي:
● يجب النظر في الأحداث الجارية والأخذ في الحسبان التطورات الاقتصادية التي جدت على الاقتصاد العالمي والأمريكي في السنتين الماضيتين، خاصة عملية طبع النقود التي قامت بها الدول، لان في الاخير تقييم الأسهم يكون بالدولار
● في حالة قررت الاستثمار في الأسهم يجب توزيع المحفظة الاستثمارية بطريقة ذكية بين الأسواق المختلفة حسب ترتيب الدول من حيث قيمة سوق الأسهم الخاص بها والذي تحدثنا عنه في الفقرة الاخيرة من البحث
● في حالة التداول على المدى القصير وهو عكس الاستثمار الذي نتحدث عنه فيمكن للمضارب انتقاء الفرص بالطريقة التي يجد فيها فرصة جيدة لتحقيق الأرباح وحسب خطة التداول الخاصة به، فمن الممكن التداول على المدى القصير ببيع الأسهم أو شرائها حسبما يتراءى للمضارب
● يجب الأخذ في الاعتبار التقلبات القوية للأسواق في الوقت الحالي وأيضاً النزاع العسكري بين روسيا و أوكرانيا والذي قد يؤثر بقوة على الأسواق في أي لحظة في المستقبل القريب
● إدارة رأس المال والمخاطر بشكل محترف هو أمر ضروري جداً في الوقت الحالي، التقلبات السريعة للأسواق قد تضر بشكل مباشر بالمحفظة الاستثمارية في حالة عدم إدارة المخاطرة بشكل محترف
ملخص البحث:
تلخيصاً لما سبق أن السوق الأمريكي من حيث تقييم الاسهم فهو مرتفع جداً مقارنة بالتاريخ، وكذلك باقي الاسواق التي تحدثنا عنها، ولكن كيف نستفيد في الوقت الحالي من الأحداث الجارية والارتفاع الكبير في تقييم الأسهم في الأسواق المتقدمة، أولاً السوق الامريكي كما يرى كثير من الخبراء عند مستويات مخاطرة عالية ولكن ليست خطر إلى الدرجة التي قد تدفع الفقاعة الى الانفجار مثلاً، لذلك من الممكن شراء الأسهم التي تتداول عند أو قريبة من القيم العادلة.
أخيراً الارتفاع الكبير الذي شهدته السلع خاصة النفط والذهب والفضة وباقي السلع الاخرى هو ارتفاع حقيقي وليس وقتي، السبب الرئيسي فيه هو ارتفاع مستويات التضخم حول العالم، ومادامت هذه الأزمات الناتجة عن التضخم موجودة سيظل الارتفاع موجود، و الارتفاع الأخير في الأسعار كان النزاع الروسي الأوكراني يد فيها، لذلك استمرار هذا النزاع أو تطوره عن الوضع الحالي يعني استمرار صعود تلك الأسواق أكثر من المستويات الحالية