أدى الارتفاع الكبير في مؤشر أسعار كلا من القطاعين الصناعي والخدمي في أميركا
لاعادة الجدل حول مدى تحمل البنوك المركزية لارتفاع متوقع في مستويات التضخم
ويأتي الجدل في وقت ما تزال تشهد عدة قطاعات هامة في تلك الاقتصادات خسائر مليارية
تجعلها بأمس الحاجة للعمل ضمن بيئة منخفضة الفائدة في حال أردات اقتراض الأموال من السوق
وأيضا هي بحاجة لاستمرار تقوية زخم الاستهلاك لينتشلها من خسائرها
ولذا فارتفاع عوائد السندات السيادية يعتبر من أبرز المعضلات التي ستواجهها هذه القطاعات والبنوك المركزية
ومن المتوقع أن تدفع الشركات الضعيفة ماليا نحو الافلاس
ورغم أن الفيدرالي الامريكي كان قد أوضح أن التضخم قد يتجاوز الهدف عند حوالي 2%
إلا أنه يتوقع أن يكون ذلك بشكل مؤقت وفق تعبير أعضاؤه
ولكن واقعيا ضمن هذه الحالة من ارتفاع التضخم فسيكون هناك تقريب لموعد رفع معدلات الفائدة
وقد نشهد ذلك في اجتماع الفيدرالي الامريكي بتاريخ 17 مارس الجاري
فكلما تجاوز التضخم مستويات الهدف عند 2% كلما زاد الضغط أكثر على الفيدرالي لرفع معدلات الفائدة
وبالطبع هي حالة تخلق التوتر في سوق السندات التي حينها ترتفع عوائدها تجاوبا مع توقعات رفع الفائدة
وهو الأمر الذي كما أشرنا يضعف وتيرة الاستهلاك والاستثمار ويؤرجح أسعار الأسهم أيضا
وخاصة أن مستويات التوظيف لم تعد بعد لمستويات ما قبل كورونا مع استمرار جوانب الضعف بها.
اليكم رسم يبين مؤشر أسعار قطاع الخدمات الامريكي حتى فبراير
واليكم رسم يبين مؤشر أسعار القطاع الصناعي الامريكي حتى فبراير
هذه القراءات الأخيرة وفق الرسمين هي في أعلى المستويات على الاطلاق وليس فقط في السنوات الأخيرة
وتؤكد تسارع الضغوط التضخمية وخاصة في حال تمرير حزمة التحفيزات المرتقبة بحوالي 1.9$ تريليون.
وفي ضوء ذلك ارتفعت عوائد أجل 10 أعوام في اميركا اليوم 8 نقاط لتعود قرب 1.50% مجددا
وقفزت أيضا عوائد أجل 10 أعوام لبقية الاقتصادات الكبرى بحوالي 6 نقاط اساس ولبريطانيا 9 نقاط كالتالي
مما سبب تراجع مؤشرات الاسهم حيث فقد ستوكس 600 الاوروبي مكاسبه السابقة ليوم أمس والتي قاربت النصف بالمئة ليغلق على ارتفاع طفيف
بينما تراجع ناسداك الامريكي 2.7% واس اند بي 500 بحوالي 1.3%
وتراجع الذهب أيضا بسبب ارتفاع العوائد واقترب من الهبوط دون 1700$ للاونصة
وقد يستمر هذا الاتجاه وذلك لاستمرار تصحيح أسهم قطاع التكنولوجيا الامريكي المتضخم سابقا
واستمرار التفاعل السلبي في الأسواق مع ارتفاع عوائد السندات
مما يجعل الوضع شبيه بما يسمى بالركود التضخمي أو مصطلح Stagflation
حيث لدينا ركود في سوق العمل وقطاعات محددة وبنفس الوقت لدينا نمو سريع في أسعار منتجات القطاعات الأخرى ضمن نفس الاقتصاد.