غدًا في الساعة التاسعة مساءً بتوقيت الكويت، يصدر الاحتياطي الفدرالي الأمريكي قراره المرتقب بشأن معدل الفائدة، حيث يتوقع أن يخفض الفائدة إما بربع نقطة أو نصف نقطة مئوية.
ولكن الأهم من ذلك هو ما سيصدر حول توقعات أعضاء الفدرالي لمستويات معدل الفائدة في الأشهر المقبلة، بما في ذلك توقعات الفائدة لشهري نوفمبر وديسمبر، إلى جانب تقديراتهم لمعدلات النمو الاقتصادي، التضخم، والبطالة.
تشهد الأسواق حالة انقسام واسعة حول قرار الخفض المنتظر، ما يسبب تقلبات في توقعات السوق والتأثيرات المحتملة.
- الأسباب المحتملة لخفض الفائدة: هناك عدة أسباب رئيسية تدفع الفدرالي نحو خفض معدلات الفائدة، منها:
1. انكماش القطاع الصناعي: وفقًا لمؤشر مديري المشتريات ISM، فإن قطاع الصناعات الأمريكي يشهد انكماشًا مستمرًا منذ الربع الرابع من عام 2022.
ويعتبر ارتفاع معدلات الفائدة من العوامل الرئيسية التي ساهمت في هذا الانكماش بسبب ارتفاع تكاليف التمويل، مما أثر سلبًا على طلب السلع المعمرة.
فقد انخفضت طلبات السلع المعمرة (باستثناء السلع الدفاعية) بمعدل سنوي يبلغ 2.5% بين عامي 2022 و2023، واستمر الانخفاض بنسبة 2.1% في 2024.
2. تباطؤ مبيعات التجزئة: شهد نمو مبيعات التجزئة الأساسية تباطؤًا ملحوظًا، حيث نمت بنسبة 2.9% بين عامي 2022 و2023، بينما بلغ النمو 2.2% فقط بين عامي 2023 و2024.
هذا التباطؤ يضاف إلى الضغوط الاقتصادية الأخرى التي تدفع الفدرالي للتدخل بخفض الفائدة.
3. تراجع سوق العمل: هناك تراجع في فرص العمل المتاحة، مما يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد، ما يستدعي اتخاذ إجراءات من قبل الفدرالي لخفض الفائدة لدعم الاقتصاد وتعزيز النمو.
- المستويات المستهدفة لخفض الفائدة:
في عام 2019، كانت معدلات الفائدة عند مستوى 1.75% وكانت القطاعات الصناعية الأمريكية تسجل نمواً طفيفاً.
هذا يشير إلى أن معدلات الفائدة التي تقل عن 2% قد تكون ضرورية لإعادة تنشيط القطاع الصناعي.
ومع ذلك، فإن الوصول إلى هذه المستويات يتطلب خفضًا كبيرًا ومستمرًا من المعدلات الحالية البالغة 5.5%.
- التضخم وتأثيره على القرار:
بالرغم من أن هدف الفدرالي هو وصول التضخم إلى 2%، إلا أن آخر قراءة لمؤشر أسعار المستهلكين الأساسي سجلت 3.2%. مع ذلك، تشير قراءات أخرى مثل مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي إلى تضخم أقرب إلى 2.5%.
هذه المؤشرات تدل على تراجع تدريجي في التضخم، ما قد يدفع الفدرالي لخفض الفائدة بربع نقطة مئوية فقط، مع متابعة تطورات التضخم وسوق العمل.
- التأثيرات المحتملة على الأسواق:
كما أشرنا، قرار الفدرالي قد يؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسواق.
إذا خفض الفدرالي الفائدة بربع نقطة مئوية فقط، فقد يشعر بعض المستثمرين بخيبة أمل.
أما إذا تم الخفض بمقدار نصف نقطة مئوية، فقد يؤدي ذلك إلى تعزيز الثقة في السوق وزيادة الإقبال على المخاطرة.
- الأسهم:
قد يشهد سوق الأسهم ارتفاعًا إذا تطابقت توقعات السوق مع قرار الفدرالي، خاصة في القطاعات التي تضررت سابقًا من ارتفاع معدلات الفائدة.
بينما قد يحبط المستثمرين وتتراجع أسواق الأسهم إذا خيب الفيدرالي هذه التوقعات بخفض الفائدة.
- الدولار الأمريكي:
في حال تم خفض الفائدة بشكل تدريجي، قد يشهد الدولار ارتفاعًا طفيفًا كرد فعل تصحيحي للتراجعات السابقة. أما في حالة الخفض السريع كما تتوقع الأسواق، فقد يتراجع الدولار بشكل أكبر.
- الذهب:
أسعار الذهب قد تتأثر سلبًا إذا شهدت الأسواق تقلبات كبيرة وبدأ المستثمرون بتصفية مراكزهم في الذهب. ولكن استمرار المخاوف في سوق الأسهم قد يدعم الذهب كملاذ آمن.
بالختام يمكننا القول أن قرار الفدرالي المرتقب سيحمل تأثيرات كبيرة على الأسواق العالمية، وقد يؤدي إلى تقلبات حادة على المدى القصير. ولكن على المدى المتوسط والطويل، سيتضح الاتجاه العام للأسواق بناءً على توقعات الفدرالي للسياسة النقدية والتطورات الاقتصادية المستقبلية.