عودة تراجعات مؤشرات الأسهم، فهل سنكون أمام موجة جديدة من الاضطراب؟

تراجعت اليوم مؤشرات الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ، حيث سجل مؤشر ناسداك انخفاضًا بأكثر من 2%، بينما تراجع مؤشر S&P 500 الأوسع نطاقًا بأكثر من 1%، في جلسة اتسمت بالضغط على أسهم القطاع التكنولوجي. وتأتي هذه التراجعات بعد سلسلة من الارتفاعات خلال الأيام الماضية، مما يجعلها أقرب إلى حركة تصحيحية وسط حالة ترقب حذر قبيل صدور بيانات اقتصادية بالغة الأهمية خلال الأسبوع المقبل.

التحليل:
الضغوط البيعية الحالية تأتي في وقت تزداد فيه التوقعات بحدوث تباطؤ في سوق العمل الأمريكي، مع ترقب الأسواق لبيانات طلبات إعانة البطالة الأسبوعية. وقد أشرنا سابقًا إلى أن هذه البيانات مرشحة لتسجيل قفزة ملحوظة، وذلك بسبب التسريحات الحكومية التي يجريها إيلون ماسك في إطار ما يُعرف بـ”إدارة الكفاءة الحكومية” بهدف خفض الإنفاق العام.

ورغم أن هذه الإجراءات قد بدأت فعليًا، إلا أن تأثيرها على سوق العمل سيتأخر بالظهور بسبب فترات الإشعار المسبق التي تصل إلى 60 يومًا لبعض الموظفين، لا سيما في المؤسسات الفيدرالية. ما يعني أن الارتفاع الفعلي في طلبات الإعانة قد يظهر خلال الأسابيع القليلة القادمة، وهو ما يُثير قلق الأسواق. كما تشير التوقعات إلى أن قراءة أبريل لسوق العمل، التي ستصدر في الأسبوع الأول من مايو، قد تُظهر قفزة في معدل البطالة، ما يعزز المخاوف من دخول الاقتصاد في مرحلة تباطؤ أعمق.

ولا شك أن تصريحات أعضاء الفيدرالي الأخيرة والانقسام بينهم بشأن مستقبل خفض الفائدة يُضيف عامل ضغط إضافي. حيث أظهرت التوقعات أن 11 عضوًا يرون ضرورة خفض الفائدة مرتين هذا العام، بينما 8 أعضاء لا يرغبون بذلك، بل يفضلون خفضًا واحدًا فقط أو تثبيت الفائدة دون أي تغيير. هذا الانقسام يُعقّد الصورة ويُضعف وضوح المسار النقدي للفيدرالي، ويزيد من الضغوط على المستهلكين الذين بدأت ثقتهم تتراجع كما أظهرت بيانات ثقة المستهلكين يوم أمس، رغم بقاء القطاع الخدمي قويًا نسبيًا حتى الآن. لكن هناك مخاوف من أن تبدأ بياناته أيضًا في التراجع إذا ما استمرت الضغوط المالية على المستهلك الأمريكي.

ومع هذا الغموض النقدي، عادت قوة الدولار الأمريكي للظهور، حيث سجل ارتفاعًا نحو مستوى 104، مما شكل ضغطًا على العملات الرئيسية، حيث تراجع كل من الجنيه الإسترليني واليورو بأقل من نصف نقطة مئوية.

وفي الختام، فإن بقاء الذهب فوق مستوى 3000 دولار للأونصة يعكس بوضوح حالة عدم اليقين والمخاوف السائدة في الأسواق. هذه المخاوف لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد إلى الجانب الجيوسياسي، خاصة مع عدم التوصل حتى الآن لهدنة دائمة بين روسيا وأوكرانيا، واقتصار التهدئة على البحر الأسود فقط. هذا الملف لا يزال مفتوحًا، ولا يوجد ما يضمن حسمه في الأمد القريب، في وقت ما تزال التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تلقي بظلالها على الأسواق، نظرًا لما تمثله هذه المنطقة من مركز حيوي لإمدادات الطاقة العالمية.

في ظل كل ذلك، فإن صدور بيانات اقتصادية ضعيفة خلال الفترة المقبلة قد يُفاقم حالة الخوف والضبابية، وهو ما يجب على الأسواق والمستثمرين مراقبته عن كثب خلال الأسابيع القليلة القادمة.

الأسعار:

شهدت مؤشرات الأسهم الأوروبية تراجعًا جماعيًا عند الإغلاق اليوم، وسط ضغوط بيعية وتزايد الحذر لدى المستثمرين:

  • مؤشر STOXX600 تراجع بنسبة 0.70%- ليغلق عند 548.73 نقطة.
  • مؤشر DAX الألماني انخفض بنسبة 1.17%- إلى 22,839.03 نقطة.
  • مؤشر CAC الفرنسي هبط بنسبة 0.96%- إلى 8,030.68 نقطة.
  • مؤشر FTSE MIB الإيطالي تراجع بنسبة 0.83%- إلى 39,058.10 نقطة.
  • بينما خالف مؤشر FTSE البريطاني الاتجاه العام وارتفع بنسبة 0.30%+ ليغلق عند 8,689.59 نقطة.

أما في الأسواق الأمريكية، فلا تزال المؤشرات تعمل حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لكنها تسجل تراجعات ملحوظة:

  • مؤشر ناسداك يتراجع بنسبة 1.90%- إلى 17,924.31 نقطة.
  • مؤشر S&P 500 ينخفض بنسبة 1.02%- إلى 5,717.44 نقطة.
  • مؤشر داو جونز يتراجع بنسبة 0.23%- إلى 42,488.78 نقطة.

سوق العملات الأجنبية:

  • اليورو/دولار (EUR/USD) تراجع بنسبة 0.32%- إلى 1.0756.
  • الدولار/ين ياباني (USD/JPY) ارتفع بنسبة 0.44%+ إلى 150.56.
  • الجنيه الإسترليني/دولار (GBP/USD) انخفض بنسبة 0.45%- إلى 1.2884.
  • الدولار الأسترالي/أمريكي (AUD/USD) تراجع بنسبة 0.16%- إلى 0.6291.
  • الدولار/كندي (USD/CAD) ارتفع بنسبة 0.03%+ إلى 1.4281.

السلع المستقبلية:

  • الذهب استقر عند مستوى 3,025.90 دولار للأونصة (بدون تغيير).
  • الفضة ارتفعت بنسبة 0.17%+ إلى 34.245 دولار للأونصة.

البيانات التي صدرت اليوم:

صدرت اليوم مجموعة من البيانات الاقتصادية المهمة التي أثرت على تحركات العملات والأسواق. فقد سجل مؤشر أسعار المستهلكين السنوي في أستراليا (CPI y/y) ارتفاعًا بنسبة 2.4%، وهو أقل من التوقعات التي بلغت 2.5% وأقل من القراءة السابقة أيضًا. وفي بريطانيا، جاء معدل التضخم السنوي (CPI y/y) عند 2.8%، منخفضًا عن التوقعات البالغة 3.0%.

أما في الولايات المتحدة، فقد أظهرت بيانات السلع المعمرة أداءً قوياً، حيث ارتفعت الطلبات الأساسية بنسبة 0.7%، متجاوزة التوقعات التي بلغت 0.2%، وكذلك ارتفعت الطلبات العامة بنسبة 0.9%، مقابل توقعات بانخفاضها -1.1%، مما يعكس تحسنًا في الاستثمارات الصناعية.

Related posts

أسواق آسيا تتراجع بحدة تجاوباً مع تراجعات نيويورك

 أخبار الأسواق للأسبوع الحالي

الخوف يستمر برفع أسعار الذهب والين يعود للقوة بعد بيانات التضخم