أعرب المدير التنفيذي لشركة Nvidia، جينسن هوانغ، عن أمله في أن تتمكن الشركة من بيع رقائقها الجديدة “Blackwell” في الصين، وذلك بعد التوصل إلى هدنة تجارية بين الولايات المتحدة والصين. وأوضح هوانغ أن القرار النهائي بيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدًا أن عودة Nvidia إلى السوق الصينية تصب في مصلحة البلدين على حد سواء. تصريحات هوانغ جاءت في وقت حساس، حيث بدأت الأسواق تتفاعل مع الاتفاق الذي أنهى فترة طويلة من التوتر التجاري بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.
موقف الصين من الاتفاق التجاري الجديد 
من جانبه، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى حماية سلاسل الإمداد العالمية، مؤكدًا أنه يجب على الدول التعاون بدلاً من قطع الروابط التجارية. وجاءت تصريحاته بعد لقائه مع ترامب، حيث شدد على أهمية “مد الأيدي لا قطعها”، في إشارة واضحة إلى رفضه لسياسات العزلة أو الانفصال الاقتصادي. وتمثل هذه الرسائل تحولًا ملحوظًا في الخطاب الصيني الذي كان أكثر تحفظًا خلال أشهر الخلاف التجاري.
تفاصيل الاتفاق بين ترامب وشي 
الاتفاق الذي وُقّع بين واشنطن وبكين أنهى أشهرًا من الفوضى والتصعيد المتبادل في الرسوم الجمركية. وفقًا لما تم الإعلان عنه، سيتم خفض التعرفة الأمريكية على السلع المرتبطة بإنتاج مادة الفنتانيل من 20٪ إلى 10٪، مقابل التزام الصين بالعمل بجد للحد من تدفق هذه المادة إلى الولايات المتحدة. كما ستنخفض الرسوم الإجمالية على السلع الصينية من 57٪ إلى 47٪، وهو ما يُعد خطوة مهمة في طريق تهدئة الحرب التجارية التي أرهقت الشركات والمستثمرين عالميًا.
تنازلات متبادلة تعيد التوازن 
من بين النقاط البارزة في الاتفاق، قررت الصين تعليق القيود على تصدير المعادن النادرة، التي تُعد عنصرًا حيويًا في الصناعات التكنولوجية والدفاعية الأمريكية. كما ستتوسط الولايات المتحدة في محادثات بين الحكومة الصينية وشركة Nvidia حول استخدام الرقائق المقيدة داخل السوق الصيني. أما من الجانب الأمريكي، فقد أعلن ترامب أن الصين ستزيد مشترياتها من الطاقة الأمريكية، مشيرًا إلى صفقة محتملة تتعلق بالنفط والغاز من ألاسكا.
تأثير الاتفاق على الأسواق الزراعية 
ضمن بنود الاتفاق أيضًا، أكدت الصين أنها ستستأنف فورًا شراء كميات كبيرة من فول الصويا الأمريكي، بعد توقف دام أشهر بسبب التوترات التجارية. هذا القرار من المتوقع أن ينعش قطاع الزراعة الأمريكي ويعيد الثقة للمزارعين الذين تضرروا بشدة من السياسات السابقة. كما أشار ترامب إلى أن الاتفاق يمثل خطوة أولى نحو “عصر جديد من التوازن التجاري” بين البلدين، رغم الشكوك المحيطة بمدى استمراره على المدى الطويل.
انعكاسات سياسية داخلية على إدارة ترامب 
ورغم الترحيب الدولي بالهدنة التجارية، فإنها تزامنت مع تحديات داخلية كبيرة للرئيس الأمريكي. فقد مرر مجلس الشيوخ عدة قرارات تهدف إلى إنهاء بعض الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دول محددة، في خطوة غير معتادة من أعضاء حزبه الجمهوري. كما أثارت حملته الإعلانية الأخيرة جدلاً واسعًا بعد استخدامه صورة للرئيس الراحل رونالد ريغان، ما دفعه للتهديد بفرض رسوم إضافية بنسبة 10٪ على كندا.
ملفات تجارية جديدة على طاولة المفاوضات 
إلى جانب الاتفاق مع الصين، أعلن ترامب أنه توصل إلى تفاهم مع كوريا الجنوبية بعد أشهر من التفاوض حول إطار جديد للتجارة بين البلدين. كما وقّع اتفاقيات مع رئيسة وزراء اليابان الجديدة، ساناي تاكائيتشي، تخص التعاون في مجالات المعادن النادرة والتجارة المتبادلة. هذه التحركات تُظهر رغبة واشنطن في تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل اعتمادها على الصين كمصدر رئيسي للمواد الحيوية.
تحديات قانونية تلوح في الأفق 
في الوقت نفسه، تستعد المحكمة العليا الأمريكية للنظر في طعن قانوني ضد سياسة التعريفات “المتبادلة” التي فرضها ترامب على عدة دول. ويُتوقع أن يكون الحكم حاسمًا، خاصة بعد أن أبطلت محاكم أدنى بعض هذه الإجراءات سابقًا. في حال جاء القرار ضد ترامب، فقد يضطر البيت الأبيض إلى إعادة صياغة السياسة التجارية بأكملها، مما قد يؤثر على خطط الإدارة الحالية لاستعادة التوازن التجاري العالمي.
أهمية الاتفاق بالنسبة لشركات التكنولوجيا 
الهدنة بين واشنطن وبكين تمثل بارقة أمل لعمالقة التكنولوجيا مثل Nvidia، التي تعتمد على السوق الصينية في جزء كبير من إيراداتها. وتُعد رقائق “Blackwell” من أحدث وأقوى المنتجات في مجال الذكاء الاصطناعي، ومنع بيعها في الصين كان سيحرم الشركة من فرصة ضخمة للنمو. لذلك، فإن أي اتفاق يسمح بإعادة فتح هذا السوق سيكون بمثابة دفعة قوية للصناعة الأمريكية ككل.  
نهاية مرحلة وبداية أخرى 
ورغم أن الاتفاق لا يعني نهاية الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، إلا أنه يمثل نقطة تحول في العلاقات الثنائية التي شهدت اضطرابات متواصلة خلال السنوات الأخيرة. الأسواق استقبلت الأخبار بتفاؤل حذر، فيما يأمل المستثمرون أن تكون هذه الهدنة بداية لعهد جديد من التعاون الاقتصادي. ومع بقاء القرار النهائي بيد ترامب، تبقى الأنظار معلقة على واشنطن لتحديد الاتجاه القادم في واحدة من أهم العلاقات التجارية في العالم.