عملية خفض ميزانية الفيدرالي الأمريكي… ماذا تعني؟

 

قرر الفيدرالي الأمريكي بأن يبدأ عملية خفض الميزانية الخاصة به المبينة اعلاه وذلك ابداء من أكتوبر القادم

ميزانية الفيدرالي الأمريكي كالميزانية العادية تبين الأصول التي يمتلكها الفيدرالي ومن ضمن هذه الأصول سندات الخزانة الأمريكية وسندات الرهن أي تلك المدعومة بأصول

هذه السندات كانت وسيلة فعالة جدا استخدمها الفيدرالي بعد الأزمة المالية العالمية بهدف خفض العوائد في الأسواق

حيث بالرغم من تخفيض معدل الفائدة الفيدرالية خلال تلك الفترة إلا أن الثقة كانت ضعيفة بين المتعاملين في الأسواق إن لم تكن معدومة في بعض الحالات مما جعل العوائد مرتفعة نسبياً بسبب شدة الأزمة المالية وتضرر القطاع المالي بشدة

فلجأ الفيدرالي الأمريكي لهذه الوسيلة المبتكرة في عهد السيد بن برنانكي الرئيس السابق للفيدرالي

ومن المعروف بأن العلاقة بين معدل الفائدة في السوق عكسية مع سعر السندات حيث عندما ترتفع الفائدة تنخفض جاذبية السندات التي صدرت بفائدة أدنى

فلجأ الفيدرالي مستغلا هذه العلاقة لشراء السندات التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية ولكنه يشتريها من البنوك والمؤسسات المالية التي تشتريها هي من وزارة الخزانة

وبذلك يوفر لتلك البنوك السيولة عبر بيع السندات بأسعار أعلى مما يحقق ربحية لتلك المؤسسات المالية

وبالفعل نجح الفيدرالي بهذه الطريقة التي سميت عمليات التيسير الكمي بأن يخفض العوائد في السوق

ولكن هذا الشراء الضخم من السندات أدى لارتفاع الأصول التي حاز عليها الفيدرالي حيث توضح ميزانيته بتاريخ 26 يوليو الماضي أصول تبلغ 4.465 تريلون دولار امريكي

منها 2.465 تريليون دولار أمريكي كسندات خزانة و1.769 تريلون دولار أمريكي سندات مدعومة برهن ولذا فمجموعهما 4.234 تريلون دولار

وهي تمثل تقريبا 95% من الأصول

ومع تحسن الأداء الاقتصادي الأمريكي تدريجيا انهى الفيدرالي هذه العمليات وقام برفع معدل الفائدة عدة مرات

ولذا فكان من الضروري على البنك أن يعيد الميزانية للوضع الطبيعي عبر خفض هذه الميزانية تدريجياً وخاصة أنه سيحتاج لإعادة التحفيزات في حال حدوث ازمة ما

 

ولكن كيف؟

قرر الفيدرالي أن يبدأ بتمهل حيث ينوي أن لا يعيد استثمار مبالغ محددة من تلك التي يحصلها من استحقاق آجال السندات

طبعا نذكر هنا أن السند هو دين له أجل استحقاق وهنا الفيدرالي الأمريكي الحاصل على السند يجعله دائناً

الفيدرالي سيبدأ بأن لا يعيد استثمار 6 مليار دولار شهريا من سندات الخزانة وذلك لمدة 3 أشهر وبعدها سيضاعف المبلغ لمدة 3 اشهر أخرى وهكذا كل 3 اشهر حتى يصل إلى 30 مليار دولار شهريا وهذا بالنسبة لسندات الخزانة كما ذكرنا

أما سندات الرهن فسيبدأ بـ 4 مليار دولار شهرياً لمدة 3 اشهر أيضاً ثم سيضاعف المبلغ كل 3 اشهر حتى يصل لحد أقصى 20 مليار دولار شهريا ويستمر العمل بهذا الحد الأقصى

هذا يجعله يرفع من عدم استثمار المبالغ تدريجياً إلى حد أقصى اجمالي 50 مليار دولار شهريا

المبالغ التي يحصلها الفيدرالي من سندات الخزانة و سندات الرهن يقوم بتحويلها إلى الخزانة الأمريكية وبالتالي لن تظهر في ميزانية الفيدرالي الأمريكي مما يقلص أصول البنك تدريجياً

هذا التدرج في التخفيضات سينشر تفاصيله البنك بشكل دوري ويوضح تأثيره على الميزانية

هذا الحجم من الخفض المتدرج يعتبر صغير مقارنة بحجم الميزانية ولذا فإن تأثيره على العوائد في السوق محدود ومسيطر عليه من قبل الفيدرالي الأمريكي

وتأثيره على الاقتصاد الحقيقي بسيط وقد تعهد البنك بأنه مستعد لإعادة استثمار الأموال إن تراجع الأداء الاقتصادي بشكل قوي ولكنه يرى أن الاقتصاد يسير بالاتجاه الجيد الصحيح

إذا استمر البنك بهذه الوتيرة فهو يحتاج لسنوات عدة حتى ينتهي من كل السندات التي تستحق آجالها حيث إن التزم بالحد الأقصى الشهري عند الـ 50 مليار دولار شهريا فيكون قد خفض الميزانية خلال عام بـ 600 مليار دولار فقط ولذا فسيحتاج إلى 7 سنوات ليتخلص  من الـ 4.234 تريلون دولار

ولكن لا شك أن هذه العملية هامة للبنك حتى يتخلص من هذا الحجم الضخم من السندات التي بحوزته.

 

نورس حافظ

كبير استراتيجي الأسواق

Related posts

حالة من التباين في الأداء نتيجة تأثرها بعدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية

 نتائج شركة NVIDIA للربع الأخير

تراجع جديد للأسهم الأمريكية والأوروبية وسط استمرار المخاوف الجيوسياسية