وأخيرا بدأت ملامح تغير السياسة الأمريكية النقدية من وتيرتها الحالية التي رسمت مسارها ضمن العديد من رفع معدلات الفائدة
(4 مرات خلال عام قادم) إلى التشكيك الكبير بها عبر تصريحات رئيس الاحتياطي جيروم باول التي قال بها اليوم بأن معدلات الفائدة الحالية قريبة من المستوى المحايد
أي أنها قريبة من المستوى الذي لا يدفع الاقتصاد نحو التوسع أو نحو الركود وبالتالي قناعته بأن رفع الفائدة 4 مرات خلال عام سيكون قرار غير صائب
ولذا فإن رفعها في ديسمبر قد يكون في الفترة الحالية غير مناسب وذلك بسبب ضعف عديد من البيانات الاقتصادية الهامة
وحتى لو تم رفعها في ديسمبر فإن مسار رفعها للعام القادم سيتغير حيث قد يرى الأعضاء أن رفعها مرة واحدة قد يكون كافياً
نعتقد أن البيانات الأمريكية أقنعت باول بتغيير رؤيته حيث كنا نتحدث سابقا عن تراجع مبيعات الأصول المكلفة نسبيا للمستهلك الأمريكي جراء ارتفاع تكلفة تمويلها إلى مستويات فوق الـ 5% سنوياً
ولذا فقد شهدنا مؤخرا تراجع حاد في مبيعات المنازل الجديدة والتي صدرت اليوم عن شهر أكتوبر وبينت تسجيل 544 الف منزل متراجعة من 733 الف منزل في نوفمبر لعام 2017 أي بتراجع عن تلك القمة بمعدل 25%
أيضا فإن هذه التراجعات هوت بأسعار المنازل التي ارتفعت بمعدل 6.8% في ابريل الماضي لتسجل في أكتوبر 5.1% فقط في تراجع سريع وملفت
أيضا طلبات السلع المعمرة الأساسية الشهرية مؤخرا سجلت ارتفاع طفيف عند 0.1% وخلال الأشهر الثلاثة السابقة كانت الارتفاعات أيضا ضعيفة جداً
يضاف بأن مبيعات المركبات الأمريكية فقدت زخم الارتفاع خلال السنوات الـ 3 الأخيرة وتسير بشكل افقي بعكس المسار الصاعد الذي شهدناه منذ عام 2010 إلى 2015
ذلك يعني أن ارتفاع معدلات الفائدة بشكل أكبر سيعرض هذه المبيعات لضغوط كبيرة وهو ما قد يكون سبباً في استغناء شركة جنيرال موتورز مؤخراً عن 14 الف عامل لديها!
كل هذه البيانات تؤكد أن هناك حاجة لإيقاف عمليات رفع الفائدة لجعل الاقتصاد يتأقلم معها لا أن يتم رفعها لزيادة الضغوط على الأعمال
وذلك دفع الرئيس ترامب أيضا لانتقاد سياسات الفيدرالي الأمريكي والتي آخرها بالأمس بأنه قال “لست سعيدا ولو بشكل قليل باختياري لجاي كرئيسا للفيدرالي”.
الدولار تراجع اليوم بعد هذه الاحداث مما دفع ما يقابله للارتفاع.
نورس حافظ
كبير استراتيجي الأسواق