لماذا يصعد سوق الأسهم الأمريكي وما هي علاقته بالاقتصاد ؟.
منذ بداية العام الجاري وسوق الأسهم الأمريكية وباقي أسواق الاقتصاد الكبرى يصعدون بشكل مستمر، وهنا تأتي الحيرة الكبيرة بالنسبة للمستثمرين، هل امتصت الأسواق حالة التضخم المرتفع وبالتالي بدأت الأسواق في الصعود وستشهد استكمالا للأتجاه الصاعد على المدى الطويل ام سيكون هناك مزيد من الهبوط في الفترات القادمة؟ سنجاوب في هذا المقال على كل الأسئلة التي تدور في ذهن المستثمرين والمضاربين في الوقت الحالي ولكن قبل ذلك يجب ان تعرف أن سوق الأسهم أو أي سوق أخر من الأسواق المالي يفعل ما يراه المستثمرون والمضاربين في السوق، أيا كان المستثمر سواء فرد أو مؤسسة مالية، والسوق تتحكم فيه عملية العرض والطلب، لذلك ما يراه المستثمرون يحدث، فعندما يرى المستثمر ان سهم ما عند مستويات سعرية جيدة من حيث قيمته سيشتريه أياً كانت الحالية الاقتصادية، وهناك من يضارب مع زخم الصعود وبالتالي لا يكون هناك قوة بيعية كافية لدفع السوق الى الهبوط مرة اخرى، الا عند مستويات سعرية يرى فيها الجانب الشرائي أن الأسواق قد تضخمت جداً واحتمالات صعودها أكثر باتت ضعيفة جداً وهنا تأتي القوى البيعية لتدفع الأسعار الى أسفل مرة اخرى، اذا هي عملية عرض وطلب بشكل تام ويتطبق هذا على الأسهم والعملات والسلع وسائر الأسواق المالية.
هل سيهبط سوق الأسهم مرة اخرى؟
بالنظر الى الحالة الاقتصادية الحالية والتحليل الفني نرى أن السوق مازال تحت تأثير المخدر الموضعي الذي أعطاه له الفيدرالي خلال الاجتماعات السابقة، ومازالت الأسهم متماسكة بشكل كبير بعد تصحيح الأسواق بنسبة اعلى من 20% وقد وصلت هذه النسبة الى 30% تقريباً في أسهم التكنولوجيا، ولكن بالنظر الى مؤشر ستاندرد أند بورز تجد أن المؤشر مازالت لديه القدرة على الصعود الى مستويات سعرية أعلى من المستويات الحالية، فهو يتداول الأن عند مستوى 4175 نقطة تقريباً ونرى أن المؤشر سيظل في الحركة الصاعدة الى أن يصل قرب مستويات 4500 نقطة، وسندلل على هذا بعد قليل.
هذا لا يعني أن الاقتصاد قد تعافى تماما من التضخم المرتفع والذي يعتبر اسوأ عدو للأسهم على المدى القصير، ولكن هي حالة من الترقب بين المستثمرين وحالة من جني بعض الأرباح من المضاربين على المدى القصير، فمن الناحية الفنية مازال المؤشر يعطي اشارات شرائية مستمرة مما دفع القوى الشرائية على المدى القصير الى الشراء بشكل مستمر وسيظل هذا الى أن يعيد المؤشر مستويات المقاومة الهامة له عند المستوى الذي تحدثنا عنه، ومن عندها من المحتمل ان يبدأ التضخم في التسارع مرة اخرى وبالتالي سيشهد السوق الأمريكي الموجة الثانية للهبوط والتي قد تكون اعنف من الموجة الأولى، في توقعاتنا سيشهد السوق ضعف عند مستوى 4500 نقطة وقد يدفع هذا الضعف المؤشر الى مستويات 3200 نقطة تقريباً أي بهبوط يقارب 30%.
لكل هبوط أسبابه الاقتصادية.
ستجد دائماً ان هبوط سوق الأسهم أو أي سوق اخر مدعوم بسبب اقتصادي ما، يكره كثير من المضاربين والمستثمرين عملية التسبيب هذه لأن كثير من المستثمرين يروون ان السبب دائماً موجود ما يعني أن سوق الأسهم عندما يرتفع بسبب ارتفاع التضخم سيقال أن السوق قد ارتفع بسبب ارتفاع التضخم أما اذا هبطت الاسواق سيقال ان سبب الهبوط هو ذات السبب ارتفاع التضخم، الأمر هو نوع من أنواع البروبجاندا الاعلامية كما يرى كثير من المستثمرين، ولذلك دائماً ما ينصح المستثمرين عدم السماع الى هذه الأخبار الاعلامية التي دائماً ما تربط أحداثاً بتحركات السوق وذلك لأنهم يروا أن السوق يفعل ما يحلو له، وكل الأسباب الأخرى لا تهمهم في شيء.
هذه النظرية هي اقرب اىل المنطق في حقيقة الأمر، فيجب أن يكون لدى المستثمر أسبابه الخاصة لشراء أو بيع الأسهم لكي يستطيع تحقيق أرباح من الاستثمار في الأسواق المالية، يجب أن يكون لكل مستثمر أو مضارب أسبابه الخاصة التي يبني عليه وجهة نظره الاستثمارية و الا سيقع فريسة سهلة للتحركات العشوائية التي تحدث في الاسواق بين حين وأخر ويجد نفسه لا يعرف ماذا يفعل في معظم الأحيان خاصة المضاربين على المدى القصير والذين يحققون أرباح مع الهبوط أو الصعود الوقتي للأسواق.
التضخم وسوق الأسهم والعملات.
الاحصائيات التاريخية تشير الى أن التضخم في صالح سوق الأسهم على المدى البعيد، فالأسهم تعد نوع من أنواع الأصول المالية والتضخم في صالح الأصول المالية بشكل عام لأن مضمونه هو فقدان النقود لقوتها الشرائية لصالح الأصول المالية، مما يعني أن الذهب يستفيد من التضخم ولكن على المدى القصير لأسباب كثيرة والأسهم تستفيد من التضخم على المدى البعيد بسبب امتصاص نفسية الانسان لصدمة ارتفاع الأسعار وبالتالي البدء في التعامل بالاسعار الجديدة، أيضاً التضخم يكون جيد لبعض العملات الاجنبية وغير جيد للبعض، فالاقتصاد القوي تستفيد عملته من التضخم على المدى القصير وهذ الارتفاع في قيمة العملة أمام باقي العملات الأخرى يعني تضرر تلك العملات من التضخم كما يحدث في الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي مثلاً.
أما على المدى البعيد فيكون التضخم غير جيد بالنسبة للعملات بشكل عام، ذلك لأن العملات ترتفع بشكل وقتي مع هبوط الاسواق المالية بسبب تسييل المستثمرين لاستثماراتهم الدولارية مثلا وهو ما يعني زيادة الطلب على الدولار، مما يؤدي الى ارتفاع مفاجيء في الدولار أمام الاصول المالية وباقي العملات الضعيفة نسبياً، وتستطيع ان تستشف من هذا حركة الاسواق المالية أمام بعضها البعض، ويجب على كل مستثمر أو مضارب في الاسواق المالية أن يعرف العلاقات المستمرة بين تحرك الادوات المالية وبعضها حتى يفهم ماذا يحدث أمامه على شاشات التداول ومن ثم تحقيق الارباح.
شرح تحليلي لمؤشر ستاندرد أند بورز.
ستجد في الرسم البياني الموضح أسفل هذه الفقرة الشارت الشهري لمؤشر ستاندرد اند بورز الأمريكي وهو أهم مؤشر ينظر اليه المستثمرين لمعرفة أين يتجه الاقتصاد الأمريكي الذي يؤثر بدوره على باقي اقتصادات العالم، وقد صعد المؤشر كما هو واضح منذ بداية العام الجاري، وتحركات المؤشر من الناحية الفنية تسير بشكل بطيء، وعلماء التحليل الفني يعرفون جيداً انه عندما تاتي الحركة الصاعدة ضعيفة بعد هبوط قوي فهذا يعني ان السوق يخبرك أنه سيكون هناك حركة هابطة جديدة لاستكمال التصحيح المركب، أي ان السوق سيهبط مرة اخرى بنسبة احتمالات 70% تقريباً.
أفضل مستوى سعري لأرتداد السوق الأمريكي هو مستوى الدعم المبين بالرسم عند 4500 نقطة تقريباً. لماذا؟ لاحظ الشمعة الصاعدة القوية الموجودة عند الرمز X. فهذه الشمعة تعبر عن قوى شرائية ضخمة قررت شراء السوق من هذا المستوى المرتفع، وبعد ان هبط السوق بقوة قررت هذه القوى عدم الخروج من السوق وتحمل الخسائر الوقتية، ولكن عندما يصعد السوق الى هذا المستوى مرة اخرى سيخرج كل المشترين من هذا المستوى ليتسببوا في هبوط قد يتسارع بقوة بسبب انتظار القوى البيعية أيضاً وصول السعر الى هذا المستوى، كل هذا من صميم علم التحليل الفني لذلك يجب أن تثق فيه، هذا هو المستوى السعري الذي سيتخارج عنده كل المستثمرين على الشراء، يسمى غالباً بإعادة اختبار أعلى قمة في الاتجاه، واعادة الاختبار تعني أن السعر يحاول أن يتاكد من عملية الهبوط واستمرار الضعف، ربما في حالة هبوط السوق من هذا المستوى سيكون هناك سبب اخر اقتصادي وأتوقع أن يكون السبب هو ارتفاع معدلات التضخم مرة اخرى، ذلك لأن التضخم تاريخياً دائماً يمر بنفس الظروف، أرتفاع مفاجيء ثم هبوط أسواق الأسهم فيقرر الفيدرالي رفع الفائدة مما تتسبب في ركود اقتصادي يدفعه الى خفضها مرة اخرى ومن ثم ارتفاع مستوى التضخم مرة اخرى لتهبط الأسواق متأثره بتسارع التضخم. لذلك يجب ان تكون حذر في العامل مع الأسواق المالية في هذه الأوقات وتحاول أن تفهم ما يحدث امامك.