نحن الان على أعتاب أول اجتماع بين الولايات المتحدة الامريكية والصين بعد حرب تجارية دامت ما يقارب العامين، والان أوشك أن ينعقد أول اجتماع خاص باتفاق الدولتين على ايجاد حل للحرب التجارية لما لها من أثار سيئة على الاقتصاد العالمي واقتصادات الدول المعنية، ولكن هناك بعض الجدل فيما اذا كان هذا الاجتماع سيكون ايجابي ام سلبي، وهل الاجتماع قادر على ايجاد حل جيد للطرفين قد يبدأ معه بداية النهاية للحرب التجارية ؟.
لماذا بدأت الحرب التجارية.
بدات الحرب التجارية في أواخر عام 2017 عندما توجهت الحكومة الامريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب الى زيادة التعريفات الجمركية على الواردات الصينية الى الولايات المتحدة نظراً الى أن هذه الواردات تضر بالسوق الامريكي. وكانت رؤية الرئيس الامريكي هي زيادة معدلات الطلب الكلي على السلع والخدمات الامريكية، بالتالي يجب منع الواردات الصينية التي بكل تأكيد تكون أرخص من الامريكية.
وعلى الرغم من أن هذه رؤية تبدو منطقية الا أنها كانت نتيجتها سلبية على الاقتصاد الامريكي والاقتصاد الصيني، وكانت هناك أراء كثيرة لخبراء أمريكيين أن هذه الزيادة في الضريبة الجمركية ستحمل المواطن الامريكي مزيد من الاعباء ليس إلا.
في عالم التجارة المفتوحة لايوجد قرارات منفردة.
في الوقت الحالي يعتمد الاقتصاد العالمي على نشاطات التجارة المفتوحة والاستيراد والتصدير بحرية بين الدول وبعضها، بل وتعدى ذلك الى أن وصلت الساحة الاقتصادية العالمية الى انتقال كثير من مصانع دول الى دول اخرى لخفض تكلفة الانتاج، فتجد كثير من المصانع الامريكية مثلاً والشركات قد أسست لها مصانع داخل الاقليم الصيني لخفض تكلفة العمالة، وهذه السياسة تفشت بقوة في العقود الاخيرة.
لذلك كان قرار الولايات المتحدة الامريكية المنفرد بزيادة التعريفة الجمركية على الواردات من الصين في غير محله، لان القرار كان فاقد للرؤية الشاملة والعامة، وكان يجب دراسة تأثير هذا القرار على الاقتصاد العالمي وبعض الاقتصادات الكبيرة الاخرى، بل وكان يجب دراسة رد فعل الصين على مثل تلك الاقتصادات، ومن المعروف أن الصين تُصدر نصف صادراتها على السوق الامريكي، فهل من مصلحة الولايات المتحدة تدمير اقتصاد الصين؟ هل ضرب الاقتصاد الصيني في مقتل يفيد بالفعل الاقتصاد الامريكي؟ كل هذه الاسئلة بعد عامين أدرك كل الخبراء انها لم تُطرح قبل اتخاذ القرار، بل والاسوأ أن نتائج غياب تلك الاسئلة والتحضير لها كان نتيجته سلبية على الاقتصاد الامريكي ذاته بل وتعدى ذلك ليشمل الاقتصاد العالمي.
التأثير على مدى عامين.
كان تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي سيىء فتوقعات الخبراء تشير الى أن الاقتصاد العالمي قد دخل في مرحلة تباطؤ وانخفضت معدلات النمو بشكل يزيد من احتمالات استمرار التباطؤ للعام القادم 2020، أما التأثير على السوق الامريكي فكان في بعض الاوقات عنيف حيث شهدت المؤشرات الامريكية بعض الانخفاضات الحادة أواخر العام الماضي و في شهري مايو و يوليو من العام الجاري، وكانت الملاذات الامنة قد ارتفعت بقوة في الاشهر القليلة الماضية كالذهب والفضة وغيرهم.
هل يجدوا حل جذري للحرب التجارية؟
من المحتمل أن يكون التوقعات الكبيرة لنتيجة الاجتماع القادم بين الدولتين فيه شىء من المبالغة، فكثير من الخبراء يروا أن الاجتماع القادم لن يحل المشكلة الاقتصادية التي دخل فيها الاقتصاد العالمي، فالتباطؤ قادم قادم، وكان على رأس هؤولاء الخبراء لاري سامري مستشار الرئيس السابق براك اوباما ويشغل الان منصب بروفيسور في جامعة هارفارد، وقد صرح اليوم أن الاجتماع لن يحل المشكلة التي يواجهها الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، وأن الوصول لاتفاق مبدئي لن يكون له تأثير قوي على المدى المتوسط والبعيد على الاقتصاد، ضيف على ذلك أن السوق الامريكي في الوقت الحالي يمر بمرحلة تاريخية فيما يخص الدورة الاقتصادية، فمن المعروف تاريخياً أن الدورة الاقتصادية للأسواق الامريكية تمر بمرحلة هبوط قوي كل 10 سنوات، والاسواق كانت قد بدأت الاتجاه الصاعد منذ 10 سنوات بالفعل بعد الازمة الامريكية الاخيرة، والان تتداول المؤشرات الامريكية عند مستويات تاريخية، ولكن مازالت الثقة غائبة لدى كثير من المستثمرين في الوقت الحالي.
على كل حال نحن الان في انتظار الاجتماع وهل سيكون هناك حلول جيدة ومُرضية لكلاً من الطرفين الصيني والامريكي، وهل سيكون لذلك تأثير ايجابي على المدى البعيد على الاسواق أم أن الاسواق ستدخل في مرحلة الضعف الطبيعية التي تمر بها كظاهرة اقتصادية طبيعية خاصة أن الفيدرالي بدأ التعامل مع الاقتصاد الامريكي من منطلق توخي حذر هبوط معدلات النمو وهو ما جعل الفيدرالي يبدأ مرحلة السياسة النقدية التوسعية بخفض معدلات الفائدة لتحفيز معدلات النمو.