أحد أهم ما قيل عن التداول في الأسواق المالية والبورصة هي أنها وظيفة مملة جدًا، ولكنها مربحة جداً. وستجد هذه المقولة لها مدلول قوي على أشياء كثيرة في التداول، أهمها أن التداول بالنسبة لكثير من المستثمرين والمضاربين المحترفين شيء شيق، وبعد فترة يصبح إحدى أكثر الوظائف مللاً، ولكن الصبر على هذه المهنة يأتي فقط من الأرباح الهائلة التي تنتج عنها.
الأهم من ذلك هو شعور المضارب المبتدئ، والذي دائمًا ما يشعر بعكس ذلك تمامًا. فالمضارب المبتدئ دائمًا ما يرى أنها وظيفة مسلية جدًا، ويكون متحمس جدًا لها. فما السبب في ذلك؟!
قالوا علماء التداول أن الإنسان حينما يشعر بهذه النشوة الكبيرة أثناء التداول فهذا يعني أنه لم يصبح مضاربًا محترفًا بعد، وهذا ناتج عن أن المضارب عندما تتحكم فيه عواطفه إلى هذا الحد فهذا دليل على عدم اكتمال شخصية المضارب الناجح والمحترف. فالأخير دائمًا ما يبعد عن مثل هذه العواظف والتي في الغالب تؤدي بصاحبها إلى الفشل واتخاذ قرارات ليست حكيمة ومبنية على أسس غير منطقية وغير عقلانية. ومن هنا جاءت فكرة أن المضاربة وظيفة مملة جدًا، حيث أنها لا تتعلق بالعواطف، وإنما تتعلق بجني المزيد والمزيد من الأرباح.
في واقع الأمر هي بالفعل كذلك، فتخيل أنك تعمل في مجال التداول وكل ما عليك فعله هو التركيز في المعلومات واتخاذ قرارات بشكل عقلاني وانتظار نتائج تلك القرارات، والتي من الممكن أن تكون سلبية أو إيجابية. في كلتا الحالتين ستتعامل مع النتائج وتتقبلها، ومن ثم ستتابع تحركك إلى الامام وتنساها في اليوم التالي. الجلوس أمام الشاشات بشكل يومي فقط لتفعل ما تم ذكره بشكل يومي يعد شيء ممل جدًا، ولكنه مربح جدًا، والدليل على الأرباح الهائلة التي من الممكن أن تحققها من هذا العمل هو ببساطة صبر كل من يمتهنون هذه الوظيفة على تكرار الأيام بهذا الشكل.
التداول في الأخير وظيفة جيدة، ويكن لها معظم خبراء المال والاقتصاد كل احترام، وذلك لما فيها من تفكير منطقي ومتطور، فهي تحتاج إلى ذلك باستمرار. أما صعوبتها فمن الممكن التغلب عليها بكل تأكيد، وإلا لم يكن هناك أحدًا ينجح فيها. ولكن الدرس المستفاد من فكرة أن التداول يعد من أكثر الأعمال مللاً هو أنك تعرف متى أصبح تفكيرك تمامًا مثل الخبراء، اللحظة التي تصل فيها إلى تفكير المحترفين هي اللحظة التي ستشعر أنك تعمل عملاً مملاً ولكنك صابرًا عليه فقط لأنه مربح جدًا.