تعثر المفاوضات لإنهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي يثير قفزة قياسية للذهب والفضة واستقرار الدولار

تستمر حالة الشلل الحكومي في الولايات المتحدة للأسبوع الثاني على التوالي دون أي مؤشرات ملموسة على قرب التوصل إلى اتفاق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية وتتعاظم المخاوف من انعكاس الأزمة على الأسواق العالمية.
المفاوضات الجارية في الكونغرس لم تُحرز تقدماً ملموساً، حيث تتباين المواقف بشأن حجم الإنفاق العام، وتمويل برامج الرعاية الصحية، وسياسات الهجرة والضرائب، بينما تواصل التصريحات المتبادلة بين الطرفين زيادة التوتر وعدم الثقة.

ووفق تقارير إعلامية أميركية، تجرى محادثات هادئة خلف الكواليس لمحاولة تمرير ميزانية مؤقتة لتفادي تعطل المؤسسات الحيوية، إلا أن هذه الجهود لم تصل بعد إلى أرضية مشتركة تضمن إنهاء الإغلاق. ويخشى مراقبون من أن استمرار الأزمة لفترة أطول قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات يومياً نتيجة توقف صرف الرواتب وتأجيل إصدار البيانات الاقتصادية الرسمية مثل تقرير سوق العمل الأمريكي وبيانات النمو والتضخم.


الذهب والفضة يشتعلان وسط المخاوف من تفاقم الأزمة

في خضم هذا الجمود السياسي، لجأ المستثمرون إلى الملاذات الآمنة، ما دفع أسعار الذهب والفضة إلى مستويات قياسية تاريخية.
فقد اخترق الذهب حاجز 4,000 دولار للأونصة للمرة الأولى في تاريخه، في حين قفزت الفضة إلى فوق 50 دولاراً للأونصة، وهو أعلى مستوى لها على الاطلاق.

ويرى المحللون أن هذا الصعود يعكس مزيجاً من الضبابية السياسية والتوقعات الاقتصادية المتغيرة. فالإغلاق الحكومي يهدد النشاط الاقتصادي الأمريكي، مما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة قريباً لدعم النمو، وهو ما يُضعف العائد على الدولار ويزيد جاذبية الذهب والفضة كأدوات تحوط.
كما ساهمت مشتريات البنوك المركزية حول العالم للذهب في تعزيز الطلب عليه، إلى جانب زيادة الطلب الصناعي على الفضة، خصوصاً في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية.


الدولار مستقر رغم العواصف… لماذا؟

ورغم الاضطرابات السياسية والارتفاع الحاد في أسعار المعادن الثمينة، حافظ الدولار الأمريكي على قدر من الاستقرار النسبي في الأسواق العالمية.
ويُعزى ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها أن الدولار لا يزال العملة الاحتياطية العالمية الأولى، ما يجعله الملاذ الأول للمستثمرين والمؤسسات المالية حتى في أوقات الأزمات.
كما أن غياب بدائل قوية بين العملات الرئيسية الأخرى، خاصة في ظل تباطؤ الاقتصادات الأوروبية والآسيوية، يجعل المستثمرين يتمسكون بالدولار كخيار “أقل سوءاً”.

ويرى بعض الخبراء أن تأخر صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق يحد من التذبذب الكبير في توقعات السياسة النقدية، وهو ما يحافظ على توازن نسبي في حركة العملة الأمريكية.
إضافة إلى ذلك، فإن الفيدرالي ما زال حذراً في إشاراته تجاه خفض الفائدة، ما يمنح الدولار بعض الدعم المؤقت في مواجهة تقلبات الأسواق.


انعكاسات محتملة في حال استمرار الأزمة

استمرار الإغلاق الحكومي لفترة طويلة قد يُضعف ثقة الأسواق الأمريكية ويضغط على الدولار لاحقاً، خصوصاً إذا تراجع النشاط الاقتصادي وتباطأت معدلات التوظيف.
وفي المقابل، قد يواصل الذهب والفضة تسجيل مستويات مرتفعة جديدة مع اتساع دائرة المخاطر السياسية والاقتصادية.
ويرى محللون أن أي اتفاق سياسي وشيك بين الحزبين من شأنه أن يخفف من الضغوط على الدولار ويُحدث تصحيحاً محدوداً في أسعار الذهب، إلا أن الأفق القريب لا يزال غامضاً حتى اللحظة.

Related posts

الأسواق العالمية بين صعود التكنولوجيا واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي ومخاوف من اضطرابات في أوروبا

تقرير شامل عن تحديثات مؤشري داو جونز وإس آند بي 500 وسوق الذهب: تحليل فني وأساسي مع توقعات الحركة ليوم 9 أكتوبر 2025

تقرير شامل عن تحديثات مؤشري داو جونز وإس آند بي 500 وأسعار الذهب ليوم 8 أكتوبر 2025