ترامب يصف الفيدرالي بأنه المشكلة الوحيدة في الولايات المتحدة

هل ما يحدث في صالح الاقتصاد الأمريكي؟

صرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأن البنك الفيدرالي هو المشكلة الوحيدة والأكبر لدى الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي، وقصد ترامب أن البنك الفيدرالي هو السبب وراء المشكلات الاقتصادية التي تجري الآن داخل الولايات المتحدة، حيث أنه العائق الوحيد أمام الخطط التي وضعت من قبل حكومة ترامب حسب رؤيتهم الشخصية والتي بالطبع يتدخل البنك الفيدرالي للحد من أثارها حسب وجهة نظر الرئيس الأمريكي.

 

الرئيس الأمريكي يريد الحرية المطلقة

من الواضح عند تحليل المشهد الحالي أن الرئيس الأمريكي يريد حريته المطلقة، وهو ما قد بدى على شخصية الرئيس الأمريكي منذ البداية، العفوية المطلقة في التصريحات و استخدام تويتر كأداة غير رسمية لإعلانه عما يريد كانت بداية جديدة على الولايات المتحدة الأمريكية. الرئيس الأمريكي في صدام مع البنك الفيدرالي منذ ما يقارب العام الآن، وهو ما جعل المستثمرين يقلقون منذ البداية كما حدث مع تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان. اليوم يعلن الرئيس الأمريكي أن البنك الفيدرالي هو المشكلة الوحيدة لأمريكا واصفاً إياه بلاعب جولف لا يعرف طريقة اللعب.

 

البنك الفيدرالي وضرورة استقلاله

البنك المركزي في أي دولة يعتبر كيان مستقل تمامًا، المستثمرين يريدونه كذلك. استقلال البنك المركزي للدولة يعطي ثقة كبيرة في الاقتصاد لأي مستثمر نظراً إلى أن خبرائه هم فقط الذين يتخذون القرار المناسب للأوضاع الاقتصادية المتغيرة باستمرار، ولكن عندما يتدخل رئيس الدولة في سياسات البنك المركزي فهذا يهز بقوة ثقة المستثمرين في احتمالية تأثير الحكومة على قرارات البنك المركزي، وهو ما قد يتبعه قرارات سياسية وليست اقتصادية، وهو ما يحدث الآن في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

التأثير على الأسواق

منذ البداية وعندما وصف الرئيس الأمريكي البنك الفيدرالي بأنه في صدام مع الحكومة الأمريكية كان لهذا صدى كبير على السوق الأمريكي، وهبطت مؤشرات السوق بقوة خلال العام الجاري، ولكن الآن يجدد ترامب النقد مرة أخرى وسط الضعف والقلق اللذان يسيطران على السوق الأمريكي في الوقت الحالي. وقد هبطت مؤشرات السوق الأمريكي إلى ما يقارب الـ 20% وهو أمر يقلق بشكل كبير المستثمرين في الوقت الحالي، فبعد أن كان السوق يختبر مستويات جديدة وتاريخية كيف له أن يهبط بهذا الشكل المفزع، هذا هو تساؤل كثير من المستثمرين في الوقت الحالي، والأسباب كثيرة ولكن يمكن حصرها في الآتي:

1- يرى كثير من المستثمرين والخبراء أن السوق أعلى من قيمته الحقيقية والعادلة في الوقت الحالي

2- المشاكل الاقتصادية العالمية التي تلوح في الأفق والتي تحدثنا عنها من قبل من احتمالية دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة التباطؤ

3- هروب المستثمرين في الوقت الحالي من الضرائب التي من الممكن أن تفرض على الأرباح، فكثير من المستثمرين يريدون الخروج بخسائر قليلة للمحافظ الاستثمارية حتى لا يدفعون ضريبة الأرباح. وهذا نتيجة إلى احتمالية مشاهدة هبوط في معدلات النمو العام القادم وهو ما يعني أن الأرباح لن تكون جيدة بعد خصم معدلات الضرائب على الأرباح، فمن الأفضل الاتجاه إلى أسواق أخرى أكثر ربحًا في الوقت الحالي، وهي في الغالب الملاذات الآمنة حتى يتمكنوا من إعادة التوازن للمحافظ الاستثمارية

 

الصورة العامة للولايات المتحدة الأمريكية

تحليلنا للمشهد الأمريكي الحالي هو أن الرئيس الأمريكي لا يرضى عن سياسات البنك الفيدرالي، والكونجرس أيضا في صدام قوي مع الرئيس الأمريكي بسبب مشاكل التمويل والميزانية الحكومة والتي قرر الكونجرس الأمريكي أن يقللها على العكس إرادة الحكومة الأمريكية والتي تريد أن تمول مشروع بناء الجدار بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك على حسب رؤية الرئيس الأمريكي ترامب.

هذا الصدام بين سلطات الولايات المتحدة أثر وسيؤثر بالطبع على حالة الاقتصاد، هذا بخلاف المشكلات الاقتصادية التي تؤثر بقوة هي الأخرى على السوق والتي تتمثل في:

  • تقليل الضرائب الأمريكية في ديسمبر الماضي والذي دفع الاقتصاد إلى معدلات نمو عالية جداً وغير مرغوب فيها، وهو ما كانت نتيجته سلبية إلى الآن من حيث أن المستفيد الوحيد كانت الشركات الأمريكية وليست الدولة، إلى جانب أن الدخل الصافي للحكومة الأمريكية من الضرائب كمصدر تمويل تأثر بقوة وهو ما أثر على الإنفاق الحكومي.
  • رفع التعريفة الجمركية والتي تؤثر على أسعار السلع وهو ما يعني أن رفع التعريفة الجمركية كانت على حساب المواطن الأمريكي، حيث أنه وحده الذي سيتحمل زيادة أسعار السلع والخدمات الناتجة عن القرار، وهو ما أدى إلى مزيد من التضخم.
  • رفع معدلات الفائدة كان له أثر على سوق الأسهم بالطبع كما رأينا، ولكنه كان قرار ضروري من وجهة نظر البنك الفيدرالي ليتفادى خطر الدخول في مرحلة الكساد، ولكن كان القرار غير مرضي للرئيس ترامب والذي يريد أن تكون معدلات الفائدة دائمًا عند معدلات قليلة لدفع عجلة الإنتاج إلى الأمام.

ولكن من وجهة نظر الخبراء، ما الفائدة من زيادة معدلات الإنتاج عند هبوط معدلات الإنفاق الاستهلاكي (انخفاض المبيعات)، فهذا بكل تأكيد من الممكن أن يدخل الاقتصاد في مرحلة الكساد حيث أن ارتفاع أسعار السلع من الممكن أن يفقد السوق قوته الشرائية وبالتالي سيدخل السوق في مراحل الكساد، والذي يتطلب تقليل معدلات الفائدة بعد ذلك. ولكن رفع معدلات الفائدة في الحالة الحالية جيد حيث أن الإنتاج جيد، ولكن المهم أن يقابل هذا المعروض ما يتناسب معه من الطلب على السلع حتى يحتفظ الاقتصاد بقوامه الطبيعي، وحتى تسير الدورة الاقتصادية بشكل طبيعي.

 

 

Related posts

حالة من التباين في الأداء نتيجة تأثرها بعدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية

 نتائج شركة NVIDIA للربع الأخير

تراجع جديد للأسهم الأمريكية والأوروبية وسط استمرار المخاوف الجيوسياسية