منذ يومين كتب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تويته أربكت رؤية العالم مجددًا للمرحلة القادمة، حيث كتب ترامب تهديدًا صريحًا للصين بأنها لابد وأن توافق على شروط الاتفاق الأمريكي، مهددًا إياها بأن اقتصادها قد شهد معدلات نمو لم تشهدها الصين منذ عام 1990، وهي الطريقة المعروفة عن دونالد ترامب. ولكن ليس فقط دونالد ترامب، فجميع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية كانوا يتمتعون بقدر كبير من النرجسية، وهو ما دفع معظمهم إلى التعامل مع دول العالم من منظور الدولة الأعلى. وقد حققت تلك الاستراتيجية بالطبع مكاسب كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن هل هي الطريقة الصحيحية لقيادة العالم في الوقت الحالي؟
المسرح الاقتصادي العالمي
العالم في الوقت الحالي أصبح ككتلة اقتصادية واحدة، متصل بشكل معقد من حيث التجارة الدولية، ومن ثم أي تأثير لدولة من الدول الصناعية الكبيرة قد يضر تقريباً ببقية القوى الاقتصادية في العالم. وهذا ما ظهر في الشهور القليلة الماضية حيث تأثرت البورصة الأمريكية والأوروبية والصينية بسبب الحرب التجارية الجارية بين أمريكا والصين.
ترامب يريد أن يخضع الصين إلى رغبته، ولغة التهديد بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ليست جديدة كما ذكرنا، ولكن هل في يد الصين أن تواجه الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي؟
يخطأ من يظن أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست بالقوة الكافية لإخضاع أيًا من دول العالم لرغبتها، فهي الأقوى اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً في الوقت الحالي، وهو ما يعني أن الصين يجب بالفعل أن تصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي تسيطر على العالم في الوقت الحالي، وها هي الدول الديكتاتورية تدفع الثمن مرة أخرى.
يبدو أن مهما كانت قوة النظام السياسي الديكتاتوري يقع في آخر المطاف ضحية ضعيفة أمام خصم أقوى منه، ففي الوقت الذي تشهد فيه الصين نظام سياسي قمعي وعبودي من حيث العمل والالتزام، فمازالت إلى الآن ضعيفة على الرغم من أنها ثاني أقوى دولة من حيث الاقتصاد. ولكن الاقتصاد ليس كل شىء، فالسياسة تلعب دورًا مهمًا في بناء دولة قوية. وها هي أمريكا مثال قوي على تكاتف مؤسسات الدول في مواجهة الأزمات.
في تقرير نشرته سي إن بي سي تحدثت عن إلغاء الحكومة الأمريكية اجتماع بين الرئيس الأمريكي والرئيس الصيني من قبل الحكومة الأمريكية، وهو ما يوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد تطبيق شروطها على الصين وإلا فلا داعي للاجتماعات.
على أي حال أعني بهذا أن الصين ليست منافس قوي للولايات المتحدة الأمريكية، لا اقتصاديًا ولا سياسياً، وهو ما يعني أن في نهاية المطاف لابد أن تقبل الصين شروط الحكومة الأمريكية وإلا ستتأثر الصين بقوة في السنوات القادمة من حيث توقف عجلة الاقتصاد.
الصين أمام رئيس يرى أن الحل الأمثل في الارتقاء بالولايات المتحدة الأمريكية هو أن ترتقي على كتوف الدول الأخرى، وأمام دولة تملك من القوة ما يجعلها تصمد أمام العالم تقريباً، فها نحن نرى تشكيل جديد للمسرح الاقتصادي العالمي في الوقت الحالي، وسنتابع مجريات الأمور لنتعلم كيف أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية القوى العظمى في العالم.