ترامب وتويتر

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يدون بشكل يومي تقريباً على موقع تويتر كل ما يدور في باله، ولذلك بالنسبة لكثير من السياسيين هو كتاب مفتوح. ولكن يشغل المستثمرون كثيراً ما يتم كتابته على تويتر من قبل الرئيس الأمريكي، حيث أن التصريحات والكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي دائمًا ما تؤثر على أداء الأسواق المالية، والتي تتأثر بقوة بأية تصريحات أو إشاعات. لذلك هناك تصريحين للرئيس الأمريكي في الأونة الأخيرة تهم جداً المستثمرين والاقتصاديين. الأولى كانت عن الحرب التجارية، والثانية عن سوق الأسهم الأمريكي. وسنحاول فك شفرة التصريحات بالترتيب وبشكل بسيط.

التغريدة الأولى كانت عن أن الصين قد تأثر مؤشراتها الاقتصادية بقوة، وأن الصين يجب أن تصل إلى اتفاق بشأن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك يطالبها ترامب بأن تقبل بشروط الولايات المتحدة وتخضع للاتفاق الذي تراه الأخيرة الأفضل.

وفي هذا من الممكن أن نرى أن رؤية الرئيس الأمريكي للولايات المتحدة الأمريكية هي رؤية أن أمريكا هي الأكبر والأعظم والأقوى، وكل قراراتها من المفترض أن يتم تنفيذها مادامت في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، حتى وإن كانت ضد رغبة باقي الدول، وضد الاقتصاد العالمي أيضاً، الأهم هي الولايات المتحدة الأمريكية.

ولذلك نرى دائماً الرئيس الأمريكي يتحدث عن انجازات قد تم تحقيقها في فترة رئاسته للولايات المتحدة، ومنها مثلاً تحقيق السوق الأمريكي لمستويات قمة جديدة كما تم تدوينه من قبل الرئيس في وقت لاحق. مصلحة أمريكا أولاً من الممكن أن يكون شعار الحكومة الأمريكية في الوقت الحالي وفي ظل حكم الرئيس دونالد ترامب. وعلى الرغم من أن جميع رؤساء الولايات المتحدة كانوا يتصرفون من هذا المنطلق، إلا أن بعضهم كان يختلف عن ترامب من حيث عدم الضرر بالتجارة الدولية والدول الأخرى كما يحدث حالياً، حيث أن أمريكا هي جزء من المجتمع التجاري الدولي وتأثر التجارة الدولية من الممكن أن تؤثر على التجارة الأمريكية وعلاقتها مع الدول الأخرى كما حدث مع الصين مثلاً.

ونجد أن ترامب قد يضحي بضرر صغير في مقابل منع ضرر كبير من وجهة نظره. وقد رأينا هذا في تأثر الشركات الأمريكية المصدرة إلى الصين كشركة أبل وشركة تيسلا مثلاً، حيث تأثرت مبيعات الشركات المذكورة بقوة بسبب الحرب التجارية، وهما كانوا شركات ذات ثقل في القطاع الصناعي الأمريكي في العقد الماضي. ولكن لا يهم الحكومة الأمريكية تأثر البعض مادامت القرارات في مصلحة الكل، وهذا من وجهة نظرهم. ولكن هل مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في اتباع مثل هذه الأساليب القهرية مع قوة كالصين؟ هذا هو الجدل الحادث الآن في الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها.

 

التويتة الثانية، والتي كتبها الرئيس الأمريكي من عشر ساعات فقط، كانت عن بدء ظهور نتائج إيرادات الشركات الأمريكية للربع الأخير من العام الماضي، والتي جاءت إيجابية لبعض من الشركات كما يرى، ولكن هناك بعض الشركات أيضاً وصل معدل العجز والخسائر لديها إلى 12%، وهذا يعني أن الاقتصاد بالفعل قد تأثر سلباً، ولكن كل هذا سيكون أوضح بعد ظهور نتائج الشركات الرائدة في كلاً من القطاع الصناعي والتجاري والمواصلات، وهو ما سيوضح لنا هل السوق الأمريكي قد بدء السير بالفعل نحو مراحل الانكماش كما هو متوقع خلال العام الجاري، أم أنه من المحتمل أن يمتص السوق هذه المرحلة وتسير الأمور بشكل أهدأ مما هو متوقع؟

 

حالياً مؤشر الداو جونز يتداول عند مستويات 24691 وقد ارتفعت أسعار المؤشر مع نهاية العام الماضي وخلال الشهر الجاري بقوة في حركة صاعدة لتعويض كثير من الخسارات المفاجئة التي حدثت للسوق مع اقتراب نهاية عام 2018. ولكن مازالت الأسعار في إطار حركة تصحيحية للحركة الهابطة، وهو ما يعني أن المؤشر لم يتمم عملية الشفاء من الهبوط القوي الذي حدث له، ومن المحتمل أن يشهد مراحل ضعف أخرى في الفترات القادمة خاصة إذا ظهرت نتائج الشركات بشكل سلبي.

 

Related posts

حالة من التباين في الأداء نتيجة تأثرها بعدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية

 نتائج شركة NVIDIA للربع الأخير

تراجع جديد للأسهم الأمريكية والأوروبية وسط استمرار المخاوف الجيوسياسية