تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم وسط استمرار الضغوط القادمة من ضعف البيانات الاقتصادية في كبرى الاقتصادات العالمية، في وقت طغت فيه مخاوف تباطؤ الطلب العالمي على أي مخاطر جيوسياسية محتملة تتعلق بالإمدادات. وسجل خام غرب تكساس الوسيط انخفاضًا ليتم التداول قرب مستوى 56.49 دولار للبرميل، متراجعًا بنحو 1.65%، في حين هبط خام برنت إلى حدود 60.20 دولار للبرميل بخسائر تجاوزت 1.5%، وفق آخر التداولات.
وجاء هذا التراجع في ظل صدور بيانات اقتصادية ضعيفة من الصين، حيث أظهرت الأرقام تباطؤًا واضحًا في النشاط الاقتصادي، مع تراجع نمو الاستثمار في الأصول الثابتة على أساس سنوي إلى -2.6% مقارنة بتوقعات عند -2.4%، واستمرار ضعف مبيعات التجزئة التي سجلت نموًا عند 1.3% فقط مقابل توقعات قرب 3.0%، ما يعكس هشاشة الطلب المحلي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مستورد للنفط. كما جاءت بيانات الإنتاج الصناعي الصيني دون التوقعات، ما زاد من مخاوف تباطؤ الاستهلاك الصناعي للطاقة خلال الفترة المقبلة.
وفي اليابان، أظهرت بيانات مؤشر تانكان للقطاع غير الصناعي تراجع الزخم مقارنة بالتوقعات، في حين استقر المؤشر الصناعي دون أي تحسن يُذكر، ما يعكس استمرار ضعف الثقة لدى الشركات اليابانية في ظل تباطؤ الطلب العالمي وارتفاع تكاليف الإنتاج. هذه المعطيات عززت القلق بشأن وتيرة الطلب الآسيوي على النفط، خاصة مع اعتماد الأسواق على آسيا كمحرك رئيسي للنمو في استهلاك الطاقة.
أما في الولايات المتحدة، فقد زادت الضغوط على أسعار النفط بعد صدور بيانات صناعية سلبية، حيث سجل مؤشر إمباير ستيت الصناعي قراءة عند -3.9، مقارنة بتوقعات إيجابية قرب 9.8، وبعد قراءة سابقة قوية نسبيًا، ما يشير إلى عودة التباطؤ في النشاط الصناعي الأمريكي. كما أظهرت بيانات مبيعات المصانع تراجعًا ملحوظًا، في إشارة إلى ضعف الطلب الصناعي، وهو ما ينعكس مباشرة على توقعات استهلاك الطاقة.
ورغم تصاعد التوترات الجيوسياسية المرتبطة بفنزويلا واحتمالات تشديد الولايات المتحدة ضغوطها على صادرات النفط الفنزويلي، إضافة إلى متابعة الأسواق لتطورات ملف الحرب الروسية الأوكرانية وإمكانية التوصل إلى تسوية سياسية قد تعيد جزءًا من الإمدادات الروسية إلى السوق، فإن هذه العوامل لم تكن كافية لدعم الأسعار، في ظل سيطرة مخاوف فائض المعروض على المشهد.
وفي هذا السياق، أشارت تقارير صادرة عن مؤسسات كبرى، من بينها JPMorgan Commodities Research، إلى أن أسواق النفط قد تواجه فائضًا متزايدًا في المعروض خلال عامي 2025 و2026، مع توقع أن ينمو المعروض العالمي بوتيرة تفوق نمو الطلب بنحو ثلاثة أضعاف، وهو ما يفرض ضغوطًا هيكلية على الأسعار على المدى المتوسط.
وبذلك، تستمر أسعار النفط تحت ضغط مزدوج يجمع بين ضعف البيانات الاقتصادية من الصين واليابان والولايات المتحدة، وتصاعد المخاوف من فائض المعروض العالمي، ما يجعل أي ارتداد صعودي محدودًا ومشروطًا بتحسن ملموس في مؤشرات النمو والطلب العالمي خلال الفترة المقبلة.