تحوط التجارات ضد تذبذبات العملات

 

لا شك أن حركة العملات تؤثر على أنشطة الأعمال التجارية وتحرك الأرباح والخسائر ولها من الأهمية الكثير في حياة التاجر اليومية

من خصائص ومهام الأسواق العالمية هي أن تقوم بتوفير عمليات التحوط ضد المخاطر ومنها مخاطر تذبذب العملات التي يستخدمها التاجر لشراء بضائعه من الخارج

في هذا التقرير سنذكر مثال محتمل وهو تحوط التجار ضد ارتفاع الجنيه الإسترليني

حيث مع استمرار المفاوضات البريطانية مع الاتحاد الأوروبي بشأن العلاقة المستقبلية بينهما بعد الخروج الرسمي والمقرر في مارس 2019

فيتوقع أن يشهد الإسترليني تذبذبات مع تذبذب مسار المفاوضات وفي حال إيجاد اتفاقيات جيدة لبريطانيا فذلك قد يساعد الإسترليني للارتفاع أمام الدينار الكويتي على سبيل المثال

قبل تصويت الخروج من الاتحاد الأوروبي كان الإسترليني يعادل 448 فلساً وبعد التصويت هبط إلى 367 فلساً وهو يمثل تراجع 18%

بعدها ارتفع الإسترليني تدريجياً ليعادل اليوم 14 سبتمبر مستوى 403 فلساً

 

والسؤال الآن كيف تتحوط ضد مخاطر ارتفاع الاسترليني؟

في حال كنت تاجر في الكويت وتستورد بضائعك من بريطانيا وتتوقع أن الإسترليني سيرتفع 10% خلال عام

بالتالي تتوقع أن قيمة الدينار ستنخفض خلال نفس الفترة 10% أي أنك ستحتاج لسداد 10% إضافية فوق المبلغ الذي تسدده لشراء بضاعتك

يمكنك أن تتجنب ذلك عبر أن تتحوط بأن تقوم ببيع الدينار الكويتي أمام الإسترليني في الأسواق العالمية وبهذا أنت تراهن على أن يرتفع الإسترليني

أو يمكنك أن تستخدم الطريقة التقليدية وتبادل الآن الدينار الكويتي بالاسترليني من شركات الصرافة لتستخدمه فيما بعد لشراء بضاعتك

وبعد عام في حال ارتفع الإسترليني 10% فإنك تكون قد حققت أرباح 10% من المبلغ

وعندما ترغب بشراء بضاعتك ستكون قد حافظت على قيمة الدنانير التي بحوزتك والتي تراجعت أمام الإسترليني 10% وذلك عبر الربح الذي حققته من صفقتك بشراء الإسترليني أمام الدينار

وكلما ارتفع الإسترليني فلن تشعر أنك بحاجة لتوفير المزيد من الدنانير لتقوم بصفقتك حيث ستكون الأرباح الناتجة عن صفقة التداول الخاصة بك قد وفرت لك ربح يعادل هذا الفرق وبالتالي تكون قد تحوطت من خطر تراجع الدينار أمام الإسترليني

مثال:

لديك 30 الف دينار شهرياً لمدة عام  تريد أن تحولها إلى إسترليني لتشتري بها شهرياً بضاعة تقدر بعدد 100 منتج ما ولكنك متخوف من أن يتراجع الدينار 10% أمام الاسترليني

أي أنك مستعد أن تدفع 30 الفX 12 شهر = 360 الف دينار خلال عام لشراء كل بضاعتك ولكنك متخوف من أن ارتفاع الإسترليني سيجعلك تدفع 10% فوق هذا المبلغ أي 36 الف دينار إضافية تمثل خسارة كان من الممكن تجنبها

وهنا لتتحوط فيمكنك أن تقوم بشراء الإسترليني بإبدالها بالـ 360 الف دينار كويتي حالا

في هذه الحالة إذا ارتفع الإسترليني 10% خلال عام كما تتوقع فستكون قد حققت ربح 36 الف دينار كويتي

هذا الربح سيعوضك عن الفرق الذي كنت ستدفعه من جيبك في حال لم تقم بعملية التحوط

في هذه الحالة أنت حافظت على قيمة ما تملكه من الدينار حيث خسارة انخفاضه سيغطيها ربح ارتفاع الإسترليني

وفي حال تراجع الإسترليني خلال العام فإن الدينار يكون قد ارتفع أمامه بالرغم من أنك خسرت من شراء الإسترليني إلا أنك بنفس الوقت ستعوضها عبر أن  تدفع دنانير أقل لتبدلها فيما بعد بالاسترليني لشراء نفس كمية بضاعتك وذلك بشرط أن يستقر سعر البضاعة بالاسترليني خلال العام دون أن يتغير

يمكنك أن تتحوط أيضا بشراء الإسترليني مقابل الدولار وليس الدينار ولكن التحوط بهذه الحالة ليس تاما أي قد يكون لديك ربح نسبي قد يكون بسيط أو خسارة نسبية قد تكون بسيطة ولكنك ستكون قد تحوطت نسبيا بشكل جيد.

ميزة السوق العالمي عن شركات الصرافة أنك ستتمكن عبر الرافعة المالية بأن تنفذ التحوط دون تجميد مبلغ كبير حيث في حال كان سعر صرف الدينار مقابل الإسترليني 2.5 فإنك لتتحوط في المثال السابق لمبلغ 360 الف دينار ستحتاج لشراء 900 الف جنيه إسترليني أي ما يعرف بـ 9 عقود فقط كل عقد يمثل 100 الف إسترليني والهامش المحجوز سيكون بسيط قد لا يتجاوز2700 $ مقارنة بحجم الصفقة.

من الجدير بالذكر أن هناك رسوم قد تتواجد على تبييت العقود و رسوم قد تأخذها شركات الوساطة حتى لو كانت منخفضة وفق الأسعار الحالية لمعدلات الفائدة.

 

نورس حافظ

كبير استراتيجي الأسواق

Related posts

تاريخ التحركات الكبرى للبيتكوين وأهم الأسباب

تأثير ترامب على أسواق الأسهم: نظرة على الماضي وتوقعات المستقبل

دليل شامل عن رؤساء أمريكا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري