تحليل أساسي لحركة الذهب والفضة ومؤشر S&P 500
تجاهلت الأسواق العالمية خلال الأسابيع الماضية مجموعة من المخاطر المتنوعة، والتي كان آخرها الإغلاق الحكومي الأمريكي، لتواصل مؤشرات الأسهم الأمريكية تسجيل مستويات قياسية جديدة، مدفوعة بالتفاؤل العام في الأسواق ولكنها تحوطت عبر شراء المعادن الثمينة من ذهب وفضة.
إلا أن المشهد بدأ يشهد بعض التغيّرات الجوهرية التي قد تعيد تشكيل الاتجاهات المقبلة:
أولاً، مع اقتراب منتصف الشهر الجاري، تبدأ الشركات الأمريكية بالإعلان عن نتائجها المالية للربع الثالث من العام، وهي بيانات من شأنها أن تكشف مدى قوة الأرباح واستدامة الزخم الحالي للأسواق.
ثانياً، تتزايد التوقعات بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لإنهاء الإغلاق الحكومي وإعادة تشغيل المؤسسات الفيدرالية، وهذا ما تسعره الأسواق بالأساس حيث لا تخوف في السوق جراء هذا الأمر.
ثالثاً، هناك جهود دبلوماسية مكثفة من البيت الأبيض لاحتواء الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط، في حين لم تشهد الحرب الروسية الأوكرانية أي تطور خطير مؤخراً، مع تأكيدات متكررة بعدم وجود رغبة للمواجهة المباشرة بين الناتو وروسيا.
هذه العوامل مجتمعة ساهمت في إبقاء مؤشرات الأسهم الأمريكية، وعلى رأسها مؤشر S&P 500، قرب أعلى مستوياتها التاريخية.
لكن في المقابل، وصلت أسعار المعادن الثمينة إلى مستويات استثنائية تعكس مخاوف كامنة في الأسواق. فقد اقترب الذهب من مستوى 4000 دولار للأونصة في الأسعار الفورية، بينما تحاول الفضة ملامسة مستوى 50 دولاراً للأونصة، وهو مستوى تاريخي طالما شكل حاجزاً نفسياً مهماً للمستثمرين.
هذه الارتفاعات القوية في أسعار الذهب والفضة تشير إلى أن الأسواق، رغم تفاؤلها الظاهري، لا تزال تحتفظ بدرجة عالية من التحوّط تحسباً لأي مفاجآت قد تطرأ على المشهد الاقتصادي أو الجيوسياسي خلال الأسابيع المقبلة.
تحليل الرسوم البيانية: الذهب – الفضة – مؤشر S&P 500
يظهر من الرسم البياني أن الذهب يواصل محاولاته لتسجيل مستوى 4000 دولار للأونصة،
حيث إن العقود المستقبلية تجاوزت هذا المستوى مؤقتًا، بينما الأسعار الفورية لم تصل إليه بعد.
السعر يواجه مستويات مقاومة نفسية قوية عند هذه المنطقة التاريخية، ما قد يؤدي إلى جني أرباح مؤقت في حال غياب محفزات جديدة.
أما بالنسبة إلى الفضة، فالرسم البياني يُظهر اقترابها من مستوى 50 دولارًا للأونصة
وهو مستوى مهم سبق أن شكل قمة تاريخية في عامي 1980 و2011. هذه المنطقة تعتبر مستوى مقاومة محوريًا، وقد تحدد ما إذا كانت الأسعار ستبدأ موجة صعود جديدة أم ستشهد تصحيحًا تقنيًا محدودًا.
وعلى صعيد مؤشر S&P 500 المستقبلي
يتضح من الرسم أنه سجل ارتفاعات كبيرة خلال الأسابيع الماضية، مدفوعًا بتجاهل الأسواق للمخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، غير أن المؤشر الآن يقف أمام تحدٍ هائل يتمثل في نتائج الشركات الأمريكية للربع الثالث وبيانات سوق العمل الأمريكي المنتظرة خلال الأسابيع المقبلة، إلى جانب قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي نهاية الشهر الجاري.
وخلال الأسبوع الحالي، وتحديدًا يوم الأربعاء، سيتم إصدار محضر الاجتماع الأخير للفيدرالي الأمريكي. ولا يُتوقع أن يتضمن هذا المحضر مفاجآت كبيرة، نظرًا لأن الاجتماع نفسه شهد بالفعل تغييرات جوهرية في توقعات الفائدة وعدد مرات خفضها المستقبلية والتقديرات الاقتصادية العامة. لذلك، من المرجح أن تكون ردة فعل الأسواق محدودة على هذا المحضر مقارنة بالاهتمام الأكبر الموجه نحو الاجتماع الفعلي للفيدرالي وقراره المنتظر في نهاية أكتوبر الحالي وبيانات سوق العمل المؤجلة لحين عودة الحكومة الأمريكية للعمل.
بالنهاية, فإن المستويات السعرية على النطاقات الزمنة القصيرة تعتبر متضخمة للذهب والفضة ومؤشرات الأسهم
ولذا فقد نشهد بعض التصحيحات بالقرب من المستويات السعرية النفسية الحساسة ولو لفترة مؤقتة طالما غابت العوامل المحفزة للمزيد من الارتفاعات.